علماء أميركيون ينجحون في إصلاح «القلوب المكسورة»

اكتشاف أسباب جديدة للقيلولة والنوم

علماء أميركيون ينجحون في إصلاح «القلوب المكسورة»
TT

علماء أميركيون ينجحون في إصلاح «القلوب المكسورة»

علماء أميركيون ينجحون في إصلاح «القلوب المكسورة»

في حدثين منفصلين، أعلن علماء أميركيون أنهم نجحوا في إعادة ترميم «قلوب مكسورة»، وتمكنوا من تطوير وسيلة جديدة لتجاوز أمراض القلب، وتجديد القلب البشري بطرق مختبرية، بينما اكتشف باحثون آخرون أسبابا جديدة تدفع الأحياء إلى النوم بعد تناول الطعام. ووظف الباحثون في جامعة بتسبرغ أنسجة معينة من قلب سمكة الزيبرا لترميم قلوب فئران أصيبت بنوبات قلبية، ونجحوا في إعادة قلوبها وكأنها جديدة. وتوجد تلك الأنسجة خارج الخلايا، وهي تسمى «الأنسجة خارج - الخلية» التي توفر الدعم لهيكل الخلايا.
وتتمتع الأنواع الحية الواطئة في العادة، بواحدة من أهم المزايا التي لا يتمتع بها الإنسان وباقي الحيوانات اللبونة، وهي تجديد أنسجتها بنفسها، مثل تكوين أطراف، أو أنسجة؛ بل وحتى أعضاء جديدة. ولذا حاول العلماء إدخال هذه المزايا إلى الحيوانات اللبونة.
وفي الدراسة التي أشرف عليها يادونغ وانغ، البروفسور في الهندسة البيولوجية في الجامعة، وجد الباحثون أن استخدام «مصفوفات من الأنسجة خارج - الخلية» من السمكة أدى إلى استعادة القلب المتضرر لدى فئران بالغة، لوظيفته، بعد أن تمكنت خلايا عضلته من تجديد أنسجته بعد تعرضها لنوبة، حدثت بسبب نقص في تروية الدم. وقال وانغ إن «القلب أخذ يدق كما لو أن شيئا سيئا لم يحدث له أبدا». وأضاف أن «وسيلتنا كانت بسيطة بالفعل». ووجدت الدراسة أيضا أن تلك الأنسجة المستخلصة من قلب سمكة الزيبرا أدت إلى حماية خلايا قلب الفئران المتخصصة، من الإجهاد. وتعد «الأنسجة خارج - الخلية» الأساس المعماري للأنسجة والأعضاء، لأنها لا توفر الهيكل اللازم الذي يدعم نمو الخلايا نفسها وانتقالها، بل إنها تساعد الاتصالات اللازمة لنمو الأعضاء وتطورها وتجددها. ويفقد قلب الحيوانات اللبونة وبسرعة قدرته على التجدد بعد الولادة، عدا لفترة صغيرة من الزمن. أما في الأنواع الحية الواطئة مثل سمكة الزيبرا، فإن القلب يظل محتفظا بتلك القدرة طيلة الحياة؛ إذ يمكن أن تتضرر نسبة 20 في المائة من قلب هذه السمكة أو حتى تستأصل، إلا أن السمكة تجدد أنسجته خلال بضعة أيام.
وفصل فريق وانغ أولا مصفوفات «الأنسجة خارج - الخلية»، عن خلايا قلب السمكة لكي لا يرفض قلب الفئران الخلايا المزروعة، وذلك عن طرق تجميد الخلايا وتفجير أغشيتها واستخلاص المصفوفات. وقال إن هذه الوسيلة تقع ضمن أولى محاولات «التفكيك الخليوي» المستخدمة في ميدان الطب.
وقال فريق البحث إن «من الصعب زرع خلايا غريبة داخل الجسم، لأنه سيرفضها فورا. إلا أن ذلك لم ينطبق على زرع مصفوفات (أنسجة خارج – الخلية) التي لا تحتوي على أي من علامات الخلايا» التي يمكن للجسم رصدها. ونشرت الدراسة التي مولتها جمعية الطب الأميركية ومعاهد الصحة الوطنية الأميركية، في مجلة «ساينس أدفانسيس». وقال وانغ إن المصفوفات رممت القلب وأعادت له وظيفته بسرعة، وحدث شفاء القلب «المكسور» في غضون 5 أيام. وأضاف أن فريقه رصد عمل القلب المتضرر بعد أسبوع من العلاج، ووجد أنه أفضل من قلوب الفئران التي لم تتعرض أبدا لنوبة قلبية. على صعيد آخر، توصل فريق علمي أميركي إلى أسباب جديدة لميل الأحياء إلى النوم أو القيلولة عند امتلاء المعدة. وفي الدراسة التي نشرت في مجلة «إي لايف» المتخصصة بالأبحاث البيولوجية والطبية، قال باحثون من «معهد سكريبس للأبحاث» إنهم درسوا ولأول مرة هذه الجوانب في أحد أنواع ذبابة الفاكهة. وقد طوروا نظاما خاصا لقياس سلوكي التغذية والنوم لدى كل ذبابة على حدة، واكتشفوا أنها تنام مثل الإنسان لفترات طويلة بعد امتلاء معدتها بالغذاء.
إلا أن دراسات لاحقة أثبتت أن أنواعا معينة من الأطعمة تشجعها على النوم بعد تناول الوجبات. وقال ويليام جا، الأستاذ المشارك في قسم الأيض والهرم بالمعهد، إن فريقه اكتشف أن فترة النوم امتدت بين 20 و40 دقيقة وأكثر بالنسبة للذبابة التي تناولت وجبات أكبر. وعندما قدمت وجبات من البروتينات والملح والسكر، رصد الفريق العناصر الغذائية التي تدفع إلى النوم بعد تناول الطعام.. وهي البروتينات والملح.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».