بـ202 مليون دولار.. «سوق عكاظ» تخلق فرص عمل وتدريب للسعوديين

سلطان بن سلمان: بحثنا محاور تطوير الفعاليات من منطلق مشروع خادم الحرمين للتراث الحضاري

الأمير سلطان بن سلمان خلال ترؤسه ورشة العمل أمس.. ويبدو محافظ الطائف ومدير جامعة الطائف وأمين المحافظة (واس)
الأمير سلطان بن سلمان خلال ترؤسه ورشة العمل أمس.. ويبدو محافظ الطائف ومدير جامعة الطائف وأمين المحافظة (واس)
TT

بـ202 مليون دولار.. «سوق عكاظ» تخلق فرص عمل وتدريب للسعوديين

الأمير سلطان بن سلمان خلال ترؤسه ورشة العمل أمس.. ويبدو محافظ الطائف ومدير جامعة الطائف وأمين المحافظة (واس)
الأمير سلطان بن سلمان خلال ترؤسه ورشة العمل أمس.. ويبدو محافظ الطائف ومدير جامعة الطائف وأمين المحافظة (واس)

أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية، أن البلاد جعلت المواطن محور اهتمامها الأول، ومن ذلك يأتي مشروع تطوير سوق عكاظ الذي رصدت له الدولة قرابة الـ202.6 مليون دولار (760 مليون ريال)، لتطوير البنية التحتية للمشروع.
وأشار الأمير سلطان بن سلمان بعد ترؤسه ورشة عمل لبلورة مستقبل سوق عكاظ أمس بمقر سوق عكاظ في العرفاء، حضرها فهد بن معمر محافظ الطائف، والدكتور حسام زمان مدير جامعة الطائف، وشارك فيها أكثر من 50 مختصًا من القطاع الحكومي والخاص، إلى أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تعمل مع شركائها يدًا بيد لإنشاء المشروع العملاق الذي يتيح مشاركة أوسع للمواطنين، والأخذ بآرائهم في تطوير البنية التحتية للمشروع.
وأكد الأمير سلطان أن الورشة ناقشت مستقبل سوق عكاظ وعددًا من المحاور أهمها: «محور تطوير مدينة سوق عكاظ التاريخية، ومحور الفعاليات المقدمة في سوق عكاظ، وإعادة النظر فيها وتقييمها، مع دراسة موعد انطلاق الفعاليات والتي تنطلق من معطيات تتمثل في مشروع خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري، ومحور تطوير سوق عكاظ الحالي في ما يتعلق بالمرافق البيئية، والمرافق العامة، ومرافق المعارض والمؤتمرات، ومرافق الإيواء، وكل ما يحتاجه الموقع ليكون مقصدًا سياحيًا طوال العام، إلى جانب الاهتمام بعنصر الجذب السياحي».
وأوضح رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن كل ذلك يأتي ضمن خطة تطوير الطائف التي أقرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وبمتابعة دءوبة من الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة العليا لتطوير محافظة الطائف.
وقال: «تعلمنا في مدارس مختلفة ومن أهم تلك المدارس مدرسة خالد الفيصل، الذي غرس فينا المثابرة وحب العمل بجد واجتهاد، لتحقيق طموحات حكومتنا الرشيدة، ودفع عجلة التنمية، والاهتمام بالإنسان قبل المكان، والإيمان بقضية الثقافة والتراث الحضاري؛ كونها قضية مستقبلية واسعة الأفق، والأمير خالد الفيصل هو الرجل الذي رعى سوق عكاظ منذ بدايتها، وهو ما زال معنا ومستمر بكل تقدير مرشدًا يساعدنا ويردفنا بكل ما يطرح».
وأضاف: «سوق عكاظ تأتي تحت مظلة برنامج خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري، وهذا البرنامج الذي أقرت له من المقام السامي ميزانية تقدر بمليار و300 مليون ريال في مراحله الأولى تصل إلى حدود 5 مليارات ريال في السنوات المقبلة، تتضمن إنشاء متاحف جديدة واستكمال للمتاحف القائمة، إضافة إلى مشروعات ترميم وتطوير مواقع التراث الحضاري في مختلف مناطق المملكة، وتأتي مدينة سوق عكاظ التاريخية كجزء مهم من مشروعات التراث الحضاري وسيكون المحور الأساسي في إدارته أبناء محافظة الطائف، وسوف يخلق فرصًا جديدة للعمل والتدريب في مجالات السياحة المختلفة».
يذكر أن الورشة حضرها كل من المهندس محمد المخرج أمين محافظة الطائف، والدكتور سامي العبيدي رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالطائف، والعميد محمد الحارثي مدير شرطة الطائف، والعميد أحمد آل كاسي مدير الإدارة العامة للدفاع المدني بمحافظة الطائف، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».