طائرات النظام تكثّف غاراتها على المدنيين بأحياء حلب الشرقية

الأمم المتحدة: محققون يحققون في الهجوم الدامي على قافلة للمنظمة قرب حلب في سبتمبر الماضي

طائرات النظام تكثّف غاراتها على المدنيين بأحياء حلب الشرقية
TT

طائرات النظام تكثّف غاراتها على المدنيين بأحياء حلب الشرقية

طائرات النظام تكثّف غاراتها على المدنيين بأحياء حلب الشرقية

قال يان آلياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة اليوم (الجمعة)، إنّ محققي المنظمة الدولية الذين يحققون في هجوم دام على قافلة للمنظمة قرب مدينة حلب السورية في سبتمبر (أيلول) الماضي، موجودون في المنطقة لجمع الأدلة وإنّهم سيحيلون الأمر لمجلس الأمن إن هم تمكنوا من تحديد منفذه. وأضاف في مؤتمر صحافي في جنيف «نعرف أنّها مهمة صعبة.. ندرك أن من الممكن التلاعب في الأدلة أو اختفاءها». وتابع: «هجوم من هذا النوع يصل بلا أدنى شك إلى حد جريمة الحرب». وأردف: «نتمنى الحصول على معلومات كافية بحيث نتمكن من تقديم تحقيق متماسك في أسرع وقت ممكن».
ميدانيًّا، أجبرت كثافة القصف الجوي والمدفعي لقوات النظام السوري على شرق حلب اليوم، السكان المحاصرين على ملازمة منازلهم، وحالت دون وصول سيارات الإسعاف إلى الضحايا بعد ليلة تخللتها اشتباكات عنيفة في جنوب المدينة.
وفي اليوم الرابع لاستئناف قوات النظام قصفها على الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، قال مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، إنّ عشرات القذائف والصواريخ سقطت منذ صباح اليوم، على الأحياء السكنية التي تعرضت أيضا لغارات جوية مكثفة.
وأفاد بأن القصف المدفعي وبراجمات الصواريخ غير مسبوق منذ عام 2014 في تلك الأحياء التي اعتادت على الغارات الجوية، في وقت لزم فيه السكان منازلهم وخلت الشوارع من المارة.
وأوضح المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ القصف الجوي والمدفعي استهدف صباحا أحياء عدة بينها مساكن هنانو والفردوس والهلك وبستان الباشا وبستان القصر وطريق الباب والصاخور.
وتواجه فرق الإسعاف صعوبة في التوجه إلى أماكن تم استهدافها بسبب شدة القصف بالصواريخ والقذائف والبراميل المتفجرة.
وفي حي مساكن هنانو، تهتز الأبنية مع كل غارة جوية، وفق مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، الذي قال إنّ سكان الحي طلبوا صباحا الإسعاف، إلّا أنّ الفرق غير قادرة على الوصول إليهم.
وقال مدير مركز الدفاع المدني في حي الأنصاري نجيب فاخوري للوكالة: «لم نشهد غزارة في القصف المدفعي والصاروخي مثل اليوم (...) حتى بات من الصعب علينا التوجه إلى أماكن القصف». وأضاف: «قبل قليل، طُلبنا لإطفاء حريق نشب في حي الفردوس نتيجة القصف وحتى الآن لم نستطع التوجه إلى هناك».
وكان القصف عنيفا أمس أيضًا، واشتد مساء ليستمر حتى منتصف الليل.
ووثق المرصد مقتل 65 مدنيا على الأقل خلال أربعة أيام من القصف الجوي والمدفعي على الأحياء الشرقية.
وشهدت حلب الليلة الماضية اشتباكات عنيفة في حي الشيخ سعيد الذي تسعى قوات النظام للتقدم فيه في جنوب الأحياء الشرقية، وفق مراسل الصحافة الفرنسية والمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «الاشتباكات عنيفة جدا وترافقت مع قصف مدفعي متبادل».
وردت الفصائل المعارضة على التصعيد العسكري في شرق حلب بإطلاق «أكثر من 15 قذيفة صاروخية» بعد منتصف الليل على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام.
وتعد مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضررًا منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام.
وشنت قوات النظام مرات عدة حملات جوية ضخمة ضد الأحياء الشرقية سقط ضحيتها مئات المدنيين، وأطلقت في 22 سبتمبر الماضي هجوما بريا للتقدم والسيطرة على تلك المنطقة التي تحاصرها منذ يوليو (تموز) .
كما حاولت الفصائل المعارضة والإسلامية كسر هذا الحصار عن طريق هجومين واسعين عند أطراف المدينة الجنوبية والجنوبية الغربية إلّا أنها فشلت في تحقيق هدفها.
ويعيش أكثر من 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية في ظروف مأساوية.
ولم تتمكن الأمم المتحدة من إدخال المساعدات منذ بداية يوليو، إلى تلك الأحياء رغم إعلان موسكو ودمشق هدنة لمرات عدة لعدم حصول المنظمات الإنسانية على الضوء الأخضر من كل الأطراف.
ووزع برنامج الأغذية العالمي وإحدى المنظمات الإنسانية المحلية الأسبوع الحالي آخر حصص المساعدات الغذائية القليلة التي كانت متبقية لديهم في المخازن على السكان المحاصرين.
وتزامن التصعيد العسكري في مدينة حلب بدءا من الثلاثاء مع إعلان روسيا، حليفة دمشق، حملة واسعة النطاق في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحمص (وسط).
ومنذ الثلاثاء، تركز الطائرات الروسية غاراتها على مناطق متفرقة في محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة «جيش الفتح»، وهو تحالف فصائل على رأسها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).
وأفاد المرصد السوري ومراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في المحافظة باستهداف «طائرات حربية يعتقد أنّها روسية» لمناطق عدة بينها مدينتا سراقب وجسر الشغور.
في الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، تستهدف قوات النظام مدينة دوما بقذائف الهاون وراجمات الصواريخ مع تحليق كثيف للطائرات الحربية.
وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، في دوما المحاصرة من قوات النظام بأنّ فرق الإسعاف والدفاع المدني غير قادرة على التحرك لإسعاف الضحايا.
في نيويورك، مدّد مجلس الأمن الدولي أمس، لمدة عام ينتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، تفويض فريق المحققين الدوليين المكلفين تحديد المسؤولين عن هجمات بالأسلحة الكيماوية وقعت في سوريا.
وأقر التمديد بموجب مشروع قرار أعدته الولايات المتحدة وصدر بإجماع أعضاء مجلس الأمن، بمن فيهم روسيا حليفة النظام السوري.
وكان المحققون الدوليون خلصوا إلى اتهام النظام السوري باستخدام مروحيات لشن هجمات كيماوية على ثلاث مناطق في شمال سوريا في عامي 2014 و2015.
كما اتهموا تنظيم داعش باستخدام غاز الخردل في شمال سوريا في أغسطس (آب) 2015.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.