ظواهر مناخية خطيرة وغير مسبوقة في عام 2016

زيادة معدلاتها تؤكد أهمية الشروع الجدي بتنفيذ اتفاق «مؤتمر باريس بشأن تغيير المناخ»

ظواهر مناخية خطيرة وغير مسبوقة في عام 2016
TT

ظواهر مناخية خطيرة وغير مسبوقة في عام 2016

ظواهر مناخية خطيرة وغير مسبوقة في عام 2016

شهد عام 2016 عددًا من الظواهر المناخية الخطيرة وغير المعهودة في عدد من مناطق العالم، وبحسب عدد من خبراء الطقس في الأمم المتحدة هناك احتمالية أن يسجل هذا العام أعلى درجة حرارة، في إشارة إلى تنامي خطر الاحتباس الحراري. وقد شهد العالم هذا العام عدة كوارث طبيعية ترفع معدلات الخطر من ظاهرة التغير المناخي الناجم عن النشاطات البشرية الصناعية والتلوث. ما يؤكد أهمية الشروع الحدي بتنفيذ اتفاق «مؤتمر باريس بشأن تغيير المناخ».
ففي أقصى الغرب، ضرب إعصار ضخم، عُرف بـ«إعصار ماثيو»، جزر البحر الكاريبي ومناطق في الجزء الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة الأميركية وتسبب في مقتل أكثر من 800 شخص، معظمهم من سكان البلدات والقرى الساحلية من جزيرة هايتي. وتسبب الإعصار الذي صاحبته رياح بسرعة 230 كيلومترًا، وأمطار غزيرة في تدمير 80 في المائة من مباني «جيرمي ستي»، المدينة الرئيسية بالجزيرة.
وشمالاً، يمكن رؤية الأضرار الجسيمة التي حلت بالغابات المحيطة بمدينة «فورت ماكموراي» في مقاطعة ألبرتا الكندية إثر الحرائق الضخمة التي حلت بها، حيث اجتاحت النيران مساحة تزيد عن 100 ألف هكتار بفعل الرياح والنباتات الجافة القابلة للاشتعال إلى جانب انقطاع هطول الأمطار في المنطقة لمدة شهرين بحسب ما صرح به تشاد موريسون، مدير مكافحة الحرائق البرية في المقاطعة. في نهاية المطاف، تسببت هذه الكارثة الطبيعية بعدد من الخسائر الاقتصادية لكندا، فعلى سبيل المثال، توقف ربع إنتاج النفط الكندي في مقاطعة ألبترا، التي تحوي أكبر حقول النفط الرملي في العالم.
في المقابل، لم تنجُ القارة السوداء من سلسلة كوارث التغيير المناخي؛ فعلى سبيل المثال، شهدت الفترة بين أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول)، فيضانات كبرى على ضفاف نهر النيجر. وأشار عدد من التقارير الصادرة من الحكومة النيجيرية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن الكارثة خلفت 38 قتيلاً وأكثر من 90 ألف مشرَّد، ناهيك بتدمير نحو 900 هكتار من الأراضي الزراعية بما في ذلك 26 ألف رأس من المواشي.
وإذا اتجهنا جنوبًا، فسنجد المخاطر المناخية قد حلت بجنوب أفريقيا، التي شهدت ارتفاعًا في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق إلى جانب موجات جفاف شديدة ضربت المناطق الزراعية.
أما آسيا، فقد شهدت العدد الأكبر من الكوارث المتعلقة بالمناخ لهذا العام. فبالاتجاه نحو الجزء الشرقي من القارة نجد الفيضانات قد ضربت مناطق واسعة من جنوب ووسط الصين. فقد أدت فيضانات شهر يوليو (تموز) الماضي إلى مقتل ما يزيد على 300 شخص وتدمير آلاف المنازل وتهجير نحو مليون ونصف صيني. ليس بعيدًا عن الصين، شهدت كوريا الشمالية واليابان إعصار «لايون روك» الذي تسبب في خسائر بشرية جسيمة وأدى إلى إلغاء مئات الرحلات الجوية.
ووصفت وكالة الأنباء الكورية الإعصار بأنه «الأثقل منذ الحرب العالمية الثانية». وعلى نحو مشابه لما حصل لجنوب أفريقيا، شهدت تايلاند ومناطق من الهند موجات حر مرتفعة وصلت بشكل غير معهود إلى 44.6 درجة مئوية في أبريل (نيسان) و51 درجة مئوية في مايو (أيار).
أما سيريلانكا، فقد شهدت ظاهرة الانهيار الأرضي التي أودت بحياة ما يزيد عن 200 شخص. وتعود هذه الظاهرة التي تشمل انهيارات في التربة وتساقط والصخور إلى شدة هطول الأمطار وعوامل الاضطراب في المنحدرات الأرضية، وهي مرتبطة أيضًا بالتغيير المناخي.
تشدد هذه الوقائع على أهمية الشروع الجدي بتنفيذ اتفاق «مؤتمر باريس بشأن تغيير المناخ»، الذي أبرمته الأمم المتحدة، والذي دعا للحد من تغيير المناخ عن طريق التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الخضراء بحلول عام 2100. وعلى صعيد متصل، أكدت بعض الدراسات التي أجرتها وكالة الفضاء الاميركية «ناسا» أن متوسط درجة الحرارة في الأشهر الستة الأولى من عام 2016 كان أكثر دفئًا من عصر ما قبل الصناعة في القرن التاسع عشر. علق ديفيد كارلسون، مدير برنامج أبحاث المناخ في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، على نتائج هذه الدراسات بالقول: «إن هذا مقلق جدا. لقد توقعنا أن تأخذ المسألة عدة سنوات للوصول إلى هذا الحد من الاحتباس الحراري. لم يعد لدينا الوقت الكافي كما كنا نظن».
وأخيرًا، يشدد بيتيري تالاسا، الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، على أن «التغير المناخي الناجم عن الغازات الحابسة للحرارة لن ينتهي»، معللاً بأن هذا يعني أن «العالم سيواجه موجات حر أشد والمزيد من الأمطار الشديدة.. إلى جانب احتمالات أكبر لمزيد من الأعاصير المدارية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».