باحثون: تحرير الشريط الساحلي من أتباع إيران يقضي على تهديدات الملاحة الدولية

ندوة في جامعة عدن بحثت التهديدات التي تحدق بالممرات المائية في المنطقة

المدمرة «إتش إم إس دارينغ» أكثر مدمرات البحرية البريطانية تطورًا (موقع الحكومة البريطانية)
المدمرة «إتش إم إس دارينغ» أكثر مدمرات البحرية البريطانية تطورًا (موقع الحكومة البريطانية)
TT

باحثون: تحرير الشريط الساحلي من أتباع إيران يقضي على تهديدات الملاحة الدولية

المدمرة «إتش إم إس دارينغ» أكثر مدمرات البحرية البريطانية تطورًا (موقع الحكومة البريطانية)
المدمرة «إتش إم إس دارينغ» أكثر مدمرات البحرية البريطانية تطورًا (موقع الحكومة البريطانية)

أكد باحثون يمنيون على وجوب مواجهة ظاهرة القرصنة وتداعياتها بشكل عام، وذلك بوضع استراتيجية لمكافحة مخاطر القرصنة والتعاطي المدروس معها، باعتبارها ضرورة لمواجهة تفشي ظاهرة القرصنة العسكرية التي تقف خلفها إيران ممثلة بذراعها الانقلابية الحوثي وصالح.
وقال الباحثون في ندوة بجامعة عدن، إن ظاهرة القرصنة وتجنب مخاطرها يجب أن تكون في سياق تعاون دولي حقيقي داعم لإنهاء الأزمة في اليمن وتمكين السلطة الشرعية من بسط نفوذها وسلطتها على كامل التراب اليمني، وإبعاد مخاطر التهديدات الإيرانية التي تعرض المصالح الإقليمية والدولية للخطر.
وأشاروا إلى إمكانية مواجهة خطر القرصنة من خلال العمل على عدة محاور، بينها اللقاءات التشاورية مع شركاء اليمن في الإقليم والعالم ونظرتهم لطبيعة هذه المشكلة وتداعياتها وفق للمصالح المشتركة، وكذا المؤتمرات والندوات والورش، وحملات التوعية، وإعداد الأبحاث والدراسات وغيرها.
وطالبوا بالاستفادة من قدرات وإمكانات شركاء اليمن الإقليميين والدوليين لمواجهة خطر القرصنة وتحديدا منها العسكرية لتجنب أضرارها الأمنية والاقتصادية والتجارية والاجتماعية الإقليمية والدولية.
واقترحت الندوة التي بحثت التهديدات التي تحدق بالممرات المائية في المنطقة، بإنشاء وحدة مكافحة عربية منظمة لها قيادة وإمكانات تعتمد على أجهزة إنذار مبكر ومركز سيطرة تتولى قيادته المملكة العربية السعودية تستند إلى قواعد عسكرية بحرية وبرية وجوية تكون قادرة على مواجهة أعمال القرصنة في المياه الإقليمية والدولية.
وشددوا على أهمية العمل على سرعة تحرير الشريط الساحلي اليمني وتزويد القوات اليمنية بقوات خفر السواحل المدربة وبأجهزة تقنية عالية للرصد المبكر.
وكانت جامعة عدن نظمت ندوة علمية بهذا الخصوص وحملت عنوان «القرصنة البحرية ومخاطرها على الاقتصاد والأمن الإقليمي والدولي» وشاركت فيها (مؤسسة موانئ عدن، والهيئة العامة للشؤون البحرية، ومصلحة خفر السواحل، والقوى البحرية، والدفاع الساحلي، والغرفة التجارية)، علاوة عن باحثين ومختصين ومهتمين، والذين أثروا الندوة بنقاشاتهم وأبحاثهم وتوصياتهم لصناع القرار السياسي في اليمن والإقليم.
وقال رئيس جامعة عدن، الدكتور لخضر ناصر لصور لـ«الشرق الأوسط» إن هناك شعورا مجتمعيا ونخبويا وحكوميا بخطر القرصنة على البلد والإقليم والعالم، ما دفع بجامعة عدن إلى تنظيم الندوة العلمية، لتبيان حقيقة الخطر وانعكاساته السلبية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية. وأشار إلى تقديم ثماني أوراق عمل بحثية، موزعة على محورين: المحور الأول: القرصنة البحرية ومخاطرها على الملاحة الدولية، فيما المحور الثاني: التهديدات الإرهابية للممرات البحرية الدولية وباب المندب.
بدوره قال عميد كلية الحقوق في جامعة عدن الدكتور محمد صالح محسن لـ«الشرق الأوسط» إن أوراق الباحثين ناقشت وبحثت عددا من الموضوعات، منها «التهديدات الإرهابية للممرات البحرية الدولية» و«تعريف القرصنة البحرية تاريخها ومخاطرها على التجارة الدولية» و«القرصنة والأعمال غير المشروعة وأثرها على خليج عدن وباب المندب».
وعرضت في الندوة أوراق عمل، حملت العناوين: «الأطماع الإيرانية في خليج عدن والبحر الأحمر وتهديدات الأمن القومي اليمني» و«مخاطر المخططات الإيرانية ووسائل مكافحة أدواتها»، فضلا عن «أثر استمرار الصراعات في اليمن على الأمن القومي العربي»، و«مضيق باب المندب والبحر العربي صراع المصالح المتعددة في اليمن» و«استهداف الباخرة الإماراتية المدنية (سويفت) - مخاطر تهريب السلاح عبر المنافذ البحرية».
وكان نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اليمني اللواء حسين عرب، قال: إن خسائر اليمن في عام واحد نتيجة حرب ميليشيات صالح والحوثي الانقلابية، ومحاولاتها السيطرة على باب المندب بلغت 350 مليون دولار، وتأمينات السفن ارتفعت 400 في المائة وخسارة الصيادين قرابة 250 مليونا.
وأكد بن عرب في كلمة ألقاها نيابة عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أن مضيق باب المندب تم تأمينه من قِبل رجال الجيش اليمني ودعم وإسناد قوات التحالف العربي، أمام محاولات القوى الإرهابية والانقلابية للتأثير في باب المندب.
وأشار إلى الخسائر التي تكبدها اليمن نتيجة لمحاولات الميليشيات الانقلابية السيطرة على الممر المائي وبشتى الطرق، وقال: إنها بلغت أكثر من 350 مليون دولار في العام الواحد.
ووصل في الآونة الأخيرة إلى مضيق باب المندب عدد من السفن الحربية، بينها مدمرتان أميركيتان وأخرى بريطانية وذلك لحماية الممر الدولي الذي شهد تصعيدا خطرا جراء إقدام الميليشيات الانقلابية باستهداف السفينة الإماراتية وكذا بإطلاق صواريخ على مدمرة أميركية خلال الأسابيع الماضية.
وقالت صحيفة «تايمز» البريطانية، إن المدمرة «إم إتش إس دارينغ» ستقوم بحماية المصالح البريطانية من الصواريخ الإيرانية، بحسب مصادر، لافتة إلى أن المدمرة نفسها ستؤدي عمليات عسكرية مع التحالف الدولي لمكافحة «داعش» لاحقا في هذا الشهر.
وأوردت الصحيفة، أن الغالبية العظمى من إمدادات النفط والغاز في بريطانيا تسلك باب المندب، وقال بيتر روبرتس، وهو باحث في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية، إن أي عقبة في المضيق المهم تعني أن الكهرباء من الممكن أن تنقطع عن جميع أنحاء بريطانيا، مشددا على أهمية إبقاء الحفاظ على المضيق مفتوحا.
وقدرت معلومات منشورة في وسائل إعلام عربية أن مضيق باب المندب يمر فيه أكثر من 40 في المائة من إمدادات النفط العالمية المنقولة بحرا عبر خليج عدن وبحر العرب وهو ممر شحن رئيسي يستخدم أيضا لنقل الصادرات والسلع بين آسيا وأوروبا.



نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
TT

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)
الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نبّه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ، في وقت يعاني فيه من نزاع طويل الأمد نتيجة انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية. وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات نتيجة تغير المناخ، مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات.

وذكر ستيفان غيمبيرت، المدير القطري للبنك الدولي في مصر واليمن وجيبوتي، أن «اليمن يواجه تقاطعاً غير مسبوق للأزمات: النزاع، وتغير المناخ، والفقر». وطالب باتخاذ إجراءات فورية وحاسمة «لتعزيز المرونة المناخية لأن ذلك مرتبط بحياة الملايين من اليمنيين». وقال إنه من خلال الاستثمار في الأمن المائي، والزراعة الذكية مناخياً، والطاقة المتجددة، يمكن لليمن أن يحمي رأس المال البشري، ويعزز المرونة، ويضع الأسس «لمسار نحو التعافي المستدام».

الجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة تهدد ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وفي تقرير لمجموعة البنك الدولي الذي حمل عنوان «المناخ والتنمية لليمن»، أكد أن البلاد تواجه تهديدات بيئية حادة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات المفاجئة في أنماط الأمطار، والزيادة في الأحداث الجوية المتطرفة، والتي تؤثر بشكل كبير على أمن المياه والغذاء، بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي.

ووفق ما جاء في التقرير الحديث، فإن نصف اليمنيين يواجهون بالفعل تهديدات من تغير المناخ مثل الحرارة الشديدة، والجفاف، والفيضانات. ‏وتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي السنوي لليمن بنسبة 3.9 في المائة بحلول عام 2040 إذا استمرت السيناريوهات المناخية السلبية، مما يفاقم أزمة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تحديات متنوعة

في حال تم تطبيق سيناريوهات مناخية متفائلة في اليمن، تحدث تقرير البنك الدولي عن «فرص استراتيجية» يمكن أن تسهم في تعزيز المرونة، وتحسين الأمن الغذائي والمائي. وقال إن التوقعات أظهرت أن الاستثمارات في تخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، مع استخدام تقنيات الزراعة التكيفية، قد تزيد الإنتاجية الزراعية بنسبة تصل إلى 13.5 في المائة بين عامي 2041 و2050.

وامتدت تحذيرات البنك الدولي إلى قطاع الصيد، الذي يُعد أحد المصادر الأساسية للعيش في اليمن، وتوقع أن تتسبب زيادة درجات حرارة البحر في خسائر تصل إلى 23 في المائة في قطاع الصيد بحلول منتصف القرن، مما يعمق الأزمة الاقتصادية، ويسهم في زيادة معاناة المجتمعات الساحلية.

التغيرات المناخية ستسهم في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

واستعرض البنك في تقريره التحديات الصحية الناجمة عن تغير المناخ، وقال إنه من المتوقع أن يكلف ذلك اليمن أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، وتتضمن هذه التكاليف الرعاية الصحية الزائدة نتيجة للأمراض المرتبطة بالطقس مثل الملاريا والكوليرا، وهو ما يضع ضغطاً إضافياً على النظام الصحي الذي يعاني بالفعل من ضعف شديد.

ولهذا، نبّه التقرير إلى أهمية دمج المرونة المناخية في تخطيط الصحة العامة، مع التركيز على الفئات الضعيفة، مثل النساء والأطفال. وفيما يتعلق بالبنية التحتية، أشار التقرير إلى أن المناطق الحضرية ستكون الأكثر تأثراً بازدياد الفيضانات المفاجئة، مع تحذير من أن التدابير غير الكافية لمواجهة هذه المخاطر ستؤدي إلى صدمات اقتصادية كبيرة تؤثر على المجتمعات الهشة.

وفيما يخص القطاع الخاص، أكد التقرير على أن دوره في معالجة التحديات التنموية العاجلة لا غنى عنه. وقال خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي للبنك الدولي لـ«الشرق الأوسط»، إن «القطاع الخاص له دور حيوي في مواجهة التحديات التنموية العاجلة في اليمن. من خلال آليات التمويل المبتكرة، يمكن تحفيز الاستثمارات اللازمة لبناء مستقبل أكثر خضرة ومرونة».

وتناول التقرير إمكانات اليمن «الكبيرة» في مجال الطاقة المتجددة، وقال إنها يمكن أن تكون ركيزة أساسية لاستجابته لتغير المناخ، لأن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتوفير بنية تحتية مرنة لدعم الخدمات الحيوية، مثل الصحة والمياه.

تنسيق دولي

أكد البنك الدولي على «أهمية التنسيق الدولي» لدعم اليمن في بناء مرونة مناخية مستدامة، مع ضرورة ضمان السلام المستدام كون ذلك شرطاً أساسياً لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه الاستراتيجيات.

ورأى أن اتخاذ قرارات مرنة، وتكييف الإجراءات المناخية مع الواقع السياسي في اليمن، من العوامل الحاسمة في مواجهة التحديات، وقال إن التركيز على «السلام والازدهار» يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية أكبر في المستقبل.

وزير المياه والبيئة اليمني مشاركاً في فعاليات تغير المناخ (إعلام حكومي)

من جهته، أكد وزير المياه والبيئة توفيق الشرجبي في الجلسة الخاصة بمناقشة هذا التقرير، التي نظمها البنك الدولي على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، أهمية دمج العمل المناخي في استراتيجية التنمية، والتكيف مع تقلبات المناخ، ومناقشة العلاقة بين المناخ والنزاع والتنمية.

وأشار وزير المياه والبيئة اليمني إلى أن تقرير المناخ والتنمية يشكل مساهمة جيدة لليمن في مواجهة تغير المناخ، وسيعمل على تسهيل الوصول لعدد من التمويلات المناخية في ظل الهشاشة الهيكلية والتقنية التي تعيشها المؤسسات جراء الحرب.

وقال الشرجبي إن التقرير يتماشى بشكل كبير مع الأولويات العاجلة لليمن، خصوصاً في مجال الأمن المائي والغذائي، وتعزيز سبل العيش، وتشجيع نهج التكيف المناخي القائم على المناطق، لافتاً إلى أهمية دور الشركاء التنمويين لليمن في تقديم المساعدة التكنولوجية والتقنية، وبناء القدرات.