كيري يعلن من مسقط ترتيبات ثنائية لليمن.. و«الشرعية» تعدها عملاً دعائيًا

المخلافي لـ«الشرق الأوسط»: طلبنا توضيحات من واشنطن.. والاتفاق مع الحوثيين يشرعن الانقلاب

وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى توديعه من قبل الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله أثناء مغادرته العاصمة العمانية مسقط أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى توديعه من قبل الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله أثناء مغادرته العاصمة العمانية مسقط أمس (رويترز)
TT

كيري يعلن من مسقط ترتيبات ثنائية لليمن.. و«الشرعية» تعدها عملاً دعائيًا

وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى توديعه من قبل الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله أثناء مغادرته العاصمة العمانية مسقط أمس (رويترز)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري لدى توديعه من قبل الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله أثناء مغادرته العاصمة العمانية مسقط أمس (رويترز)

فاجأ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، المراقبين أمس، بإعلان اتفاق مع الانقلابيين على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حلول نهاية الشهر الجاري، غير أن الحكومة اليمنية تبرأت من أي اتفاق مع كيري، وكشفت أنها ليست على اطلاع بما أعلنه البتة، ورجحت وجود خطأ ما.. أو عمل دعائي، وطلبت توضيحا من واشنطن.
وقال الوزير الأميركي، من مقر وجوده في العاصمة العمانية مسقط، إن طرفي النزاع في اليمن، الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، اتفقا على وقف شامل لإطلاق النار، يبدأ سريانه غدا الخميس، وإنه جرى الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حلول نهاية العام الجاري. وردت الحكومة اليمنية على إعلان كيري، وقالت، إنها غير معنية به وليست طرفا فيه. ونفى مسؤولون في الحكومة اليمنية الأنباء التي أعلنها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الذي يقوم بآخر جولة له في المنطقة، قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، وإدارته مقاليد الأمور في الولايات المتحدة.
وأكد عبد الملك المخلافي، وزير الخارجية اليمني، أن الحكومة اليمنية فوجئت بتصريحاته، لافتًا إلى أن بلاده طالبت بتوضيح من الحكومة الأميركية حول ذلك. وقال المخلافي لـ«الشرق الأوسط»: «الحكومة اليمنية، سارعت فور صدور تصريحات جون كيري بطلب توضيحات من الحكومة الأميركية، لأنه أشار إلى وجود اتفاق دون أن تكون الحكومة اليمنية على علم به أو طرفا فيه، خصوصًا أن الولايات المتحدة عضو في مجلس الأمن الذي أصدر القرار (2216). ومن الدول التي دعمت هذا القرار تحت الفصل السابع، الذي حدد مرجعيات السلام في اليمن بقرارات مجلس الأمن، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وجعل الحكومة الشرعية هي المسؤولة عن الشأن اليمني، ودعا الانقلابين إلى تسليم السلاح».
وشدد على أن الحكومة اليمنية الشرعية لم تُدع إلى اتفاق مثل هذا، ولم تُجر معها أي مناقشة بهذا الخصوص، وهو ما يطرح سؤالاً عن الجهة التي اتفق وزير الخارجية الأميركي معها. وتابع: «ربما يكون هناك خطأ في تصريحات كيري، وقد يكون الحديث الذي أدلى به عملاً دعائيًا، والحكومة لا ترغب في أن تتحول القضية اليمنية وتضحيات الشعب إلى مجرد عمل دعائي دون صنع سلام حقيقي»، معتبرًا أن تصريحات مثل هذه تضع كثيرا من الشكوك حول المسيرة السلمية والمبادرات المطروحة، كما أنه يضع عقبات أمام السلام. وبدا لافتًا بحسب وزير الخارجية اليمني أن تصريح كيري حول اتفاق مزعوم، حدث في ظل غياب المبعوث الأممي، والحكومة اليمنية، ما يدفع للاعتقاد أن الاتفاق عقد مع الانقلابين، متسائلاً: «إن كان كذلك فهل هذه التصريحات ستشرعن الانقلاب، أم سيدفع بالانقلابيين إلى تشكيل حكومة بعيدًا عن جميع المرجعيات بما فيها قرارات الأمم المتحدة».
وذكر المخلافي أن الحكومة اليمنية تواصلت مع جميع الدول المعنية من أجل الوصول إلى سلام في اليمن، وتعمل على تذليل كل العقبات بهدف الوصول إلى سلام يشمل كل اليمنيين مبني على المرجعيات الثلاث، ويؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار، إلا أن هذه التصريحات قد تزرع الشكوك وتوجد العقبات في طريق السلام. وأشار إلى أن الإدارة الأميركية وهي تغادر لا تستطيع أن تقدم إلى أحد ضمانات باستمرار المشاورات بشكل إيجابي وصولاً إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية.
من جهته، قال عبد العزيز المفلحي، مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن تصريحات كيري «غير مسؤولة وتعتبر نوعًا من الهذيان، وتأتي في اللحظات الأخيرة المتبقية له»، مشيرًا إلى أنه «لم يحصل إطلاقًا أي اتفاق كما يدعي مع الانقلابيين». وأضاف المفلحي: «نحن نرحب بالسلام، الدائم والمبني على أسس المرجعيات الثلاث والعمل بالقرار (2216) بتفاصيله، وأولها إطلاق سراح المتعقلين السياسيين، ورفع الحصار عن المدن، والانسحاب من المدن وتسليم السلاح، ومؤسسات الدولة، لا نعرف من هذه الأطراف التي يتحدث عنها.. هذه المبادرة تفتح الباب أمام حروب داخلية طاحنة ومستمرة، لأنها لم تدرك حقيقة المشكلة القائمة في اليمن بل تجاهلت ذلك، وكما يبدو تحاول إنقاذ الانقلابيين أكثر من إنقاذ الشعب اليمني».
إلى ذلك، قال وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، إن ما أعلنه كيري «خطوة غير مفهومة ولا نعرف الهدف الرئيسي منها»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «كيري تحاور وتفاوض مع الانقلابيين في مسقط وهم الذين يلعنون يوميا وجهارا نهارا الولايات المتحدة، ثم أعلن اتفاقا لم تطلع عليه الحكومة اليمنية». وأضاف أن «الحكومة اليمنية الشرعية تعمل في النور وليس في الظلام، وهناك أطر دولية معينة، إلى جانب قرارات مجلس الأمن الدولي ونحن لا نطلب أكثر من تطبيقها». الوزير اليمني أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحل في اليمن يكمن في إنهاء الانقلاب وانسحاب الميليشيات وإنهاء أي بؤر لإيجاد صراع طويل الأمد في اليمن والمنطقة، عبر هذه الميليشيات المدعومة من إيران، وقال إن «الحكومة اليمنية ترتبط بعلاقة صداقة مع الولايات المتحدة منذ أمد طويل، وإن هناك جهات تسعى للتشويش على هذه العلاقة عبر الانبطاح وتصوير أنفسهم ضحايا وأقلية، فيما الشعب اليمني يعاني ويلات الحرب التي أشعل فتيلها الانقلابيون».
وأشار الإرياني إلى أن الانقلابيين يشكلون خطرا على اليمن وعلى الأشقاء في الجوار وعلى السلام العالمي، بدليل ما حدث من استهداف للبوارج الأميركية في باب المندب، ودعا إلى «حل عادل وشامل في اليمن، ينهي الصراع». وحذر وزير الإعلام اليمني من «خطورة ما يحدث في اليمن، لأن التعاطي معه يحتاج إلى رؤية شاملة وليست قرارات متعجلة لتحقيق مكاسب سياسية عابرة». من جانبه، أوضح أدمند براون، السفير البريطاني لدى اليمن، أنه لا يمتلك تفاصيل عن فحوى محادثات كيري في مسقط أو أبوظبي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن على تواصل مع كيري». وأضاف: «إعلان الوزير كيري لم يكن مستغربا، لكننا لا نملك حتى الآن تفاصيل لقاءاته مع الأطراف اليمنية».
ويزور كيري العاصمة العمانية مسقط، وأجرى مباحثات مع الانقلابيين، وذلك بعد أن فشلت مساعي المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وبعد أن رفضت الحكومة اليمنية الشرعية خريطة الطريق التي تقدم بها والتي تقضي بتمكين الانقلابيين من الشراكة في الحكم، دون الحديث عن تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي، وفي المقدمة إنهاء الانقلاب وتسليم السلاح والانسحاب من المدن، وفي المقدمة العاصمة صنعاء.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).