بعد مفاجأة الانتخابات الأميركية.. إعادة النظر في دراسة المستهلكين

توقعات استطلاعات الرأي أثارت علامات استفهام حول «قواعد أبحاث السوق»

هيلاري كلينتون (أ.ب)
هيلاري كلينتون (أ.ب)
TT

بعد مفاجأة الانتخابات الأميركية.. إعادة النظر في دراسة المستهلكين

هيلاري كلينتون (أ.ب)
هيلاري كلينتون (أ.ب)

لم يكن السباق الانتخابي الرئاسي بعيدًا عن أذهان المسؤولين التنفيذيين لدى كبريات المؤسسات التجارية ووكالات الدعاية بالولايات المتحدة، الشهر الماضي في أورلاندو بفلوريدا، خلال المؤتمر السنوي الذي عقده الاتحاد الوطني لمؤسسات الدعاية. كان رواد هذه الصناعة قد انتقلوا قادمين من مدن مثل نيويورك وشيكاغو وسان فرانسيسكو، وبدت جميع المحادثات السياسية التي جرت داخل المؤتمر قائمة على فرضية فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة.
وجرت أحاديث حول الطريق الأمثل للتسويق في صفوف أنصار دونالد ترامب بعد 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، وثار جدال حول الشكل الذي يمكن أن تصبح عليه مؤسسة إعلامية موالية لترامب. وبدا الكثيرون مصدومين من مجرد فكرة احتدام التنافس بين كلينتون وغريمها، وكالوا الانتقادات إلى جوانب من الرسالة التي طرحتها كلينتون خلال حملتها الانتخابية باعتبارها السبب وراء إحجام بعض الناخبين عن مناصرتها.
وعليه، فإنه عندما فاز ترامب الأسبوع الماضي، هيمنت حالة من الصدمة على أرجاء صناعة تزهو دومًا بقدرتها على معرفة ما يحفز ويثير اهتمام الجمهور الأميركي. والآن يجد العاملون في الصناعة أنفسهم مضطرين لطرح تساؤلات خطيرة حول الطريق الأمثل لدراسة المستهلكين واستخدام البيانات وتحديد قيمة الحقائق، تساؤلات تتعلق بجوهر صناعتهم.
في هذا الصدد، قال ريتشارد توباكوالا، الخبير الاستراتيجي رفيع المستوى لدى مؤسسة «بوبليسيز غروب»، إن مسؤولي الإعلانات، مثلما الحال مع كثيرين آخرين: «ربما يجدوا أنفسهم محصورين داخل فقاعات من صنع أيديهم».
من جانبها، أشارت سارة هوفستيتر، الرئيسة التنفيذية لوكالة «360 آي» الرقمية، إلا أن الانفصال ما بين فوز ترامب وتوقعات استطلاعات الرأي أثار علامات استفهام حول «قواعد أبحاث السوق»، التي تعتمد بصورة تقليدية على الدراسات المسحية والمقابلات والمناقشات مع مجموعات معينة.
وأوضحت هوفستيتر أنه أصبح من الضروري الآن تكميل هذه المعلومات بـ«إنصات اجتماعي» لما يدور على «تويتر» و«ريديت» وأجزاء أخرى من الشبكة العنكبوتية، بجانب البيانات السلوكية لما يبحث عنه الأشخاص عبر الإنترنت. جدير بالذكر أن الوكالة التي تترأسها هوفستيتر تتعاون مع أسماء تجارية مثل أوسكار ماير وتويوتا.
وأضافت في إشارة لنتيجة الانتخابات «إنها صيحة تنبيه لنا جميعًا. عن مجموعة واحدة من البيانات ليس بمقدورها إمدادك بصورة كاملة لأنه عند التعامل مع الأفراد، من المعروف أن ليس كل ما يقولونه هو تحديدًا ما يؤمنون به أو يفعلونه، سواء عن عمد أو غير عمد».
في الوقت ذاته، أبدت جهات دعائية استعدادها لحقبة جديدة من جهود إعادة النظر في البيانات المتعلقة بالعملاء، سواء كان قد جرى تجميعها عبر الإنترنت أو قدمتها أسماء تجارية تعمل معهم. ويأتي أحد الأسباب وراء ذلك في إدراك هذه المؤسسات أنها ركزت على جانب واحد من الصورة التي ظهرت عبر «فيسبوك» و«تويتر» خلال فترة الانتخابات. عن ذلك، قال توباكوالا: «في عالم وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام لا نحصل على مؤشرات كافية، الأمر الذي قد يدفعنا للسقوط في أحكام خاطئة. الآن يجب على كل المعنيين بالتسويق البحث بجد عن أدلة ودراسة لماذا ربما يكون تقديرهم غير صائب».
من ناحيته، قال بوب شورتز، الرئيس التنفيذي لـ«تي بي دبليو إيه-داي نيويورك»: «سنشهد الفترة القادمة تحليلاً أدق للبيانات وطلبا كبيرا من جانب العملاء على ما هو أكبر من مجرد بيانات، وإنما معلومات مستقاة من أرض الواقع، وليس (غوغل) فحسب». في الوقت الذي تعجب فيه بعض المسوقين إذ كانت الحقائق والأسباب أقل أهمية مما يتوقعون، في عصر اكتشاف المعلومات غير المتوقعة.
وقالت ويندي كلارك الرئيس التنفيذي لشركة «دي دي بي» ومنفذ التسويق السابق بشركة كوكاكولا، إن «الانتخابات أظهرت أن الحقائق قابلة للتفاوض إلى حد ما»، وعملت كلارك بعض الوقت في حملة هيلاري كلينتون العام الماضي، فيما أكدت كلارك شائعة الشهر الماضي عندما تم الكشف عن رسالة بالبريد الإلكتروني التي كشفها موقع «ويكيليكس».
وأكدت كلارك أن الحقائق تقديرية قائلة: «أنا قد أخذ بها أو أتركها». وقال السيد توباكوالا إن المشاعر تجذب الناس على عكس الأسباب، مشيرا إلى أن مرشحي الحزبين للرئاسة الأميركية واحد منهم تحدث بالأسباب والآخر تحدث بالعاطفة قائلا إن «أحد المرشحين كان أكثر خبرة وربما يمتلك سيرة ذاتية أفضل من أي شخص يمكن أن يكون رئيسا للولايات المتحدة، هزم من مرشح مع سيرة ذاتية لا تؤهله لأن يكون رئيسيا للولايات المتحدة».
على العكس يرى شوارتز انتصار ترامب كونه كان قادرا على تطويع نفسه، ممثلا بقصة داود وجالوت، موجها كلامه لأولئك الذين يحاولون البحث عن شخص من خارج النظام السياسي ليقوم بـ«إصلاح النظام»، مشيرا إلى أن بيرني ساندرز كان الأقرب لهؤلاء.
وأسرد شوارتز أن كلا من بيرني وترامب تشابها في قصتهما لكن أحدهما استخدم خيال الناس والآخر كان مهدئا لهم. وقال ريتشارد إيدلمان الرئيس التنفيذي لشركة إيدلمان للعلاقات العامة إن استخدام ترامب التغريد على وسائل التواصل الاجتماعي - الذي كان كثيرا ما يستخدمه لمهاجمة كلينتون بقوة - وتقليل الاعتماد على الإعلانات التلفزيونية المعتادة أظهرت قوة «الند».
مضيفا أن «الرسائل الإعلامية تكون أكثر تأثيرا من العوام، بدلا من استخدام المشاهير والأكاديميين».
وقالت كلارك يوم الخميس الماضي إنها كانت حريصة على أن «يميل الناس لانتمائهم كأميركيين» خصوصا بعد مستوى الحوار الذي جرى بين المرشحين - في إشارة إلى طبيعة الحملات الانتخابية «القبيحة» بعض الأحيان - وقالت إنها تتوقع مزيدًا من الإعلانات التي تسلط الضوء على القيم، مثل أهمية التنوع كما تعمل الدولة على إيجاد أرضية مشتركة.
وأكدت كلارك على أن العلامات التجارية يمكن أن تشكل الثقافة، لذلك «أعتقد أن على هذه العلامات التجارية الشعور بمسؤولية تمثيل القيم والتحدث عنها».
*«خدمة نيويورك تايمز»



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.