النظام يمهل المعارضة 24 ساعة للخروج من شرق حلب

أنقرة تحذر من المساس بالتركيبة السكانية للمدينة.. و«درع الفرات» على تخوم الباب

فصائل «الجيش السوري الحر» على بعدكيلومترين من مدينة الباب معقل تنظيم داعش بريف حلب الشرقي (وكالة أناضول)
فصائل «الجيش السوري الحر» على بعدكيلومترين من مدينة الباب معقل تنظيم داعش بريف حلب الشرقي (وكالة أناضول)
TT

النظام يمهل المعارضة 24 ساعة للخروج من شرق حلب

فصائل «الجيش السوري الحر» على بعدكيلومترين من مدينة الباب معقل تنظيم داعش بريف حلب الشرقي (وكالة أناضول)
فصائل «الجيش السوري الحر» على بعدكيلومترين من مدينة الباب معقل تنظيم داعش بريف حلب الشرقي (وكالة أناضول)

تدور اشتباكات بين القوات السورية والفصائل المعارضة المسلحة على مشارف المناطق الشرقية لمدينة حلب، بعد أن تلقى السكان رسائل من الجيش تمهل المسلحين 24 ساعة لمغادرة تلك المناطق.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومراسل وكالة الصحافة الفرنسية في المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شرق حلب، عن وقوع اشتباكات في أحياء كرم الطراب وقرية عزيزة، على مشارف المدينة. وذكر مراسل «الفرنسية» أن القتال سمع في معظم مناطق حلب الشرقية التي تحاصرها قوات النظام السوري، وتتعرض لهجوم متكرر منذ إعلان النظام عن إطلاق عمليته لاستعادة المدينة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتلقى سكان مناطق حلب الشرقية رسائل نصية تمهل الفصائل 24 ساعة لمغادرة المنطقة. وجاء في إحدى هذه الرسائل: «أيها المسلحون في أحياء شرق حلب، نمهلكم 24 ساعة فقط لاتخاذ القرار بالخروج»، وأضافت: «كل من يريد الحياة الآمنة عليه بإلقاء السلاح، ونحن نضمن سلامته. بعد انتهاء المهلة، سيبدأ الهجوم الاستراتيجي المقرر، وسنستخدم أسلحة الدقة العالية». واعتاد النظام وقواته إرسال رسائل نصية إلى الفصائل المعارضة والسكان في شرق حلب، تطلب منهم الخروج من المناطق المحاصرة من المدينة.
وتعد مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري، وكانت قوات النظام قد نفذت في 22 سبتمبر هجومًا على الأحياء الشرقية بهدف السيطرة عليها، استمر أسابيع مترافقًا مع قصف جوي عنيف. وقد تمكنت قوات النظام وقتها من إحراز تقدم طفيف على الأرض، بينما تسبب القصف في مقتل 500 شخص ودمار هائل، مما استدعى تنديدًا واسعًا من الأمم المتحدة ومنظمات دولية.
إلى ذلك, حذرت أنقرة من أية محاولة للمساس بالتركية السكانية لمدينة حلب (شمال سوريا)، أو تغيير بنيتها الديمغرافية، في الوقت الذي باتت فيه فصائل سورية معارضة، مدعومة من قوات تركية، على بعد كيلومترين من مدينة الباب، آخر معقل لتنظيم داعش في محافظة حلب.
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش، أمس، إن حلب وكذلك الموصل في العراق مدينتان مهمتان، ومصير المنطقة مرتبط بالشكل الذي ستتخذانه فيما بعد، مشددًا على ضرورة الحفاظ على وضع المدينتين كما كانتا عليه قبل الحرب، ومحذرًا من إجراء أي تغيير ديمغرافي فيهما. وجاء ذلك في كلمة ألقاها كورتولموش خلال لقاء جمعه بعدد من ممثلي وسائل الإعلام الدولية المقيمين في مدينة إسطنبول.
وميدانيًا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «فصائل المعارضة المدعومة من قوات تركية باتت على بعد كيلومترين من شمال وشمال غربي مدينة الباب»، في ريف حلب الشمالي التي تتعرض حاليًا «لقصف جوي ومدفعي تركي».
وأوضح مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم»، الذي يشارك في معركة «درع الفرات»، أنّ فصائل المعارضة، ونتيجة عملية أمنية كبيرة، استطاعت ليلاً التقدم مسافة 8 كيلومترات، لنصبح على مشارف الباب، بحيث أصبحت أجزاء من المدينة تحت مرمى نيران المدفعية»، مضيفًا: «المعارك لا تزال مستمرة، مع تقديرنا أن هذا الأمر لن يكون سهلاً كما هو الواقع بالنسبة إلى السيطرة عليها»، متوقعًا أن تكون الاشتباكات شرسة، وأن تتطلب وقتًا.
وفي حين لفت إلى أن مدينة الباب تندرج ضمن المرحلة الثالثة من معركة «درع الفرات»، أكد على أن المرحلة الرابعة ستكون مدينة منبج، من دون أن يستبعد المواجهة مع «قوات سوريا الديمقراطية»، قائلا: «تلقينا وعودًا من الولايات المتحدة الأميركية بأن تقوم قوات سوريا الديمقراطية بالانسحاب من المدينة إلى شرق نهر الفرات، بحيث نتفادى المواجهة معها. أما إذا لم يتم ذلك، فسنضطر عندها إلى خوض معارك ضدّ الأكراد، وهذا ما لا نتمناه، مشيرًا في الوقت عينه إلى أن حلب لا تندرج ضمن الخطة الموضوعة لمراحل معركة «درع الفرات».
وتقع الباب على مسافة 30 كلم من الحدود التركية، وطالما شكلت هدفًا للحملة التي أطلق عليها «درع الفرات». وأوضح رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «التقدم إلى الباب يأتي في إطار العملية ذاتها التي بدأت بسيطرة الفصائل المعارضة على مدينة جرابلس، في ريف حلب الشمالي الشرقي»، وأكد أن الفصائل المعارضة والقوات التركية طردت مقاتلي التنظيم من مساحة تبلغ «2500 كيلومتر مربع في المنطقة الحدودية مع تركيا».
كانت جرابلس تعد، إلى جانب مدينة الباب، آخر معقلين لـ«داعش» في محافظة حلب، بعدما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من طرد المتشددين من مدينة منبج.
وأضاف عبد الرحمن: «لم يعد هناك مفر للتنظيم في الباب سوى الطريق المؤدية إلى الرقة التي تمر عبر مدينة دير حافر جنوبًا». ويعود هذا التقدم، وفق عبد الرحمن، إلى «الدعم التركي، وانسحاب مقاتلي التنظيم من مناطق عدة، من دون خوض معارك». إلى ذلك، قال الجيش التركي، في بيان، إن 5 من مقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا و5 من متشددي «داعش» قتلوا في اشتباكات على الأرض، وإن قوات التحالف نفذت 6 ضربات جوية، قتلت 10 متشددين آخرين من التنظيم المتطرف.
وفي سياق متصل، نقلت وسائل إعلام تركية، أمس، عن أبي يحيى الحموي، قائد حركة «أحرار الشام» إحدى فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، أن أميركا حاولت عرقلة عملية «درع الفرات» التي بدأتها القوات المسلحة التركية لدعم فصائل معارضة من سوريا، في 24 أغسطس (آب) الماضي، عن تحقيق أهدافها الرامية إلى تطهير المنطقة من «داعش» و«حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي تعتبره تركيا تنظيمًا إرهابيًا.
وقال الحموي إن «أحرار الشام» تشارك في عملية «درع الفرات» التي أسهمت في تفعيل دور بعض الفصائل المعارضة التي كانت غير فعالة في الآونة الأخيرة، كما أحبطت خطط «داعش» و«حزب العمال الكردستاني» في المنطقة.
وذكر الحموي أن قوات المعارضة السورية لا ترغب بوجود أميركا في سوريا، قائلاً: «الولايات المتحدة على دراية بأن قوات المعارضة لا ترغب بوجودها، ولذلك تحاول خلق الفتنة في المنطقة، لا سيما أن عملية (درع الفرات) أسهمت في وقف الخطط التي تهدف إلى تقسيم سوريا. وعلى سبيل المثال، (حزب الاتحاد الديمقراطي) كان يهدف إلى التوجه نحو عفرين، إلا أن عملية (درع الفرات) حالت دون ذلك».
وبدأت تركيا في 24 أغسطس هجومًا بريًا غير مسبوق في سوريا، دعمًا لفصائل معارضة لطرد التنظيم المتطرف من المنطقة الحدودية في شمال حلب، كما استهدفت مقاتلين أكرادًا.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.