مخاوف سنية تؤجل إقرار قانون «الحشد الشعبي» داخل البرلمان العراقي

تساؤلات حول عدد أفراد هذه القوة وكيفية توزيعها على المحافظات

مخاوف سنية تؤجل إقرار قانون «الحشد الشعبي» داخل البرلمان العراقي
TT

مخاوف سنية تؤجل إقرار قانون «الحشد الشعبي» داخل البرلمان العراقي

مخاوف سنية تؤجل إقرار قانون «الحشد الشعبي» داخل البرلمان العراقي

رغم عدم وجود اعتراضات رسمية على إقراره، تأجل التصويت البرلماني الأسبوع الماضي على مشروع قانون «الحشد الشعبي»، الذي يقضي بتحويله إلى مؤسسة عسكرية شبيهة بجهاز مكافحة الإرهاب، الأسبوع الماضي إلى الجلسة المقرر عقدها قي 26 من الشهر الحالي بعد عطلة البرلمان وختام مراسم زيارة الأربعين إلى كربلاء.
وكان البرلمان العراقي أنهى مؤخرا القراءتين الأولى والثانية لمشروع القانون. وبينما تزامن تأجيل التصويت على مشروع القانون، رغم استكماله الجوانب الشكلية، مع القرار الصادر من رئاسة الجمهورية وبالتوافق مع رئاسات الكتل البرلمانية بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات التي كان من المقرر إجراؤها العام المقبل ودمجها، بدلا من ذلك، مع الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها عام 2018 بسبب ضغط الأزمة المالية وقضية النازحين والمهجرين والحرب ضد تنظيم داعش، فإن هناك مخاوف سنية من إقرار مشروع قانون «الحشد» عبر عنها عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بقوله إنه «ليس هناك اعتراض من حيث المبدأ على مشروع القانون، لأننا في النهاية نؤمن بأهمية أن تكون الدولة هي الغطاء وهي الخيمة التي يكون الجميع تحتها من حيث الأنظمة والقوانين والإجراءات والسياقات لا سيما أن مشروع القانون يقضي بتحويل الحشد الشعبي الحالي الذي يتكون من عشرات الفصائل إلى جهاز نظامي على غرار جهاز مكافحة الإرهاب الذي أبلى بلاء حسنا في المعارك ضد (داعش)». واستدرك قائلا: «من بين أبرز مخاوفنا أن مشروع القانون يبدو عاما من دون تفاصيل وافية من حيث الأعداد التي سيتكون منها هذا الجهاز وكيفية توزيعها على المحافظات ومسائل إجرائية لا بد من أخذها بعين الاعتبار». وبشأن ما إذا كان الحشد العشائري السني مشمولا بالقانون، أكد الكربولي أن «الحشد العشائري السني مشمول بالتأكيد كونه جزءا من الحشد لكن ليس كل الحشود العشائرية في المحافظات هي جزء من الحشد الشعبي بل هي يمكن أن تصبح هي الحرس الوطني الذي لم يقر قانونه بسبب وجود خلافات سياسية مع أنه جزء من وثيقة الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة الحالية».
وكان التحالف الوطني الشيعي عقد الأسبوع الماضي اجتماعا داخل البرلمان بشأن حسم الخلافات الخاصة بهذا القانون في وقت بدأت تبرز خلافات سياسية بشأن تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، حيث عدها عدد من قادة فصائل الحشد بوصفها رسائل يراد منها إبعاد الحشد عن الواجهة، خصوصا أن إقرار قانون خاص عسكري خاص به يفتح الباب أمام الفصائل التي يتشكل منها لأن تعود للواجهة السياسية من منطلق صلتها بالحشد ودوره في المعارك الدائرة منذ أكثر من سنتين ضد تنظيم داعش.
وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان عن كتلة حزب الدعوة، علي البديري، إنه «يوجد حراك لقادة داخل التحالف الوطني وكتل سياسية أخرى لتأجيل انتخابات مجالس المحافظات»، عازيًا السبب لـ«خشيتهم من صعود وجه جديد للعملية السياسية مثل فصائل الحشد الشعبي وجهات علمانية وطاقات شبابية». وأضاف البديري أن «ذريعة هؤلاء القادة لتأجيل الانتخابات بالمحافظات الآمنة هي عدم وجود أموال لإجراء الانتخابات، وبالمحافظات الساخنة بأن الوضع الأمني فيها منهار وأهلها نازحون في مناطق أخرى»، لافتًا إلى أن «محافظات الوسط والجنوب ستكون ذات التغيير السياسي الأكبر في حال إجراء الانتخابات بوقتها، وستسقط كتل كبيرة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».