أصالة ومدحت صالح يختتمان مهرجان الموسيقى العربية الـ25 في القاهرة

توصيات بنشر التراث الموسيقي العربي وإطلاق جائزة عربية في مجال التلحين

مدحت صالح يختتم المهرجان في الإسكندرية
مدحت صالح يختتم المهرجان في الإسكندرية
TT

أصالة ومدحت صالح يختتمان مهرجان الموسيقى العربية الـ25 في القاهرة

مدحت صالح يختتم المهرجان في الإسكندرية
مدحت صالح يختتم المهرجان في الإسكندرية

تختتم المطربة السورية أصالة بوصلة طربية فعاليات الدورة الـ25 لمهرجان الموسيقى العربية، حيث يقام غدا الأحد، حفل ختام اليوبيل الفضي للمهرجان والمؤتمر على المسرح الكبير بدار الأوبرا بالقاهرة، ويبدأ بتوزيع الجوائز على الفائزين بمسابقة هذا العام. يليه فاصل للمطربة المصرية مي فاروق ثم تقدم النجمة أصالة باقة مختارة من أجمل أعمالها بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو سعيد كمال.
كما يختتم النجم المصري مدحت صالح فعاليات المهرجان على مسرح دار أوبرا الإسكندرية بباقة من أروع أغنياته وأغاني كبار المطربين المصريين التي اشتهر بأدائها بمصاحبة فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقي العربية بقيادة المايسترو صلاح غباشي. كما يتضمن الحفل فقرة مميزة لعازف البيانو عمرو سليم وفاصلاً يتغنى خلاله كل من محمد حسن، إيناس عز الدين وأميرة أحمد بكوكبة من أعمال زمن الفن الجميل.
هذا وسوف تسلم الدكتورة إيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا المصرية، الفائزين في مسابقة الموسيقى والغناء بفئاتها المختلفة جوائز المهرجان، حيث اعتمدت نتيجة المسابقة بعد أن أقرتها لجنة التحكيم التي تقدم لها أكثر من 150 متسابقا من مختلف الدول العربية.
وقد كان لمصر نصيب الأسد من جوائز مهرجان الموسيقى العربية، وقد تضمنت المسابقة ثلاث فئات، الأولى للشباب: وحصل على جائزتها الأولى وقيمتها 10 آلاف جنية مناصفة كل من إبراهيم عبد المنعم وأحمد ممدوح، بينما حصل على الجائزة الثانية مناصفة كل من محمد طارق وكريم زيدان وقدرها 7 آلاف جنيه، أما الجائزة الثالثة وقدرها خمسة آلاف جنيه فحصل عليها مناصفة رانيا عتيق وأحمد مصطفى. أما الفئة الثانية وهي مسابقة الأطفال، فقد ذهبت الجائزة الأولى فيها بقيمة خمسة آلاف جنيه إلى كل من منة الله محمد وزياد باسم، أما الجائزة الثانية وقدرها ثلاثة آلاف جنيه ففاز بها مناصفة كل من أسماء الدسوقي ويمنى حسن، أما الجائزة الثالثة وقدرها ألفا جنيه فحصل عليها مناصفة كل من جويرية حمدي ويوسف فرج.
أما الفئة الثالثة من المسابقة التي خصصت للعزف على الآلات الموسيقية العربية، فحصل في العزف على آلة الناي العازف جون سامي على الجائزة الأولى وقدرها عشرة آلاف جنيه، كما نال كل من محمد السيد والتونسي رامي العربي الجائزة الثانية وقيمتها سبعة آلاف جنيه، أما الجائزة الثالثة وقدرها خمسة آلاف جنيه ففاز بها محمود عبد الرحمن.
من ناحية أخرى، أعلنت اللجنة العلمية للمؤتمر البحثي المصاحب للمهرجان 10 توصيات، كان منها: الدعوة إلى عقد مؤتمر ترعاه دار الأوبرا المصرية لمناقشة إشكاليات وقضايا المصطلح في الموسيقى العربية. وخرج المشاركون العرب بعد مناقشة أوراقهم البحثية الثرية بتوصيات تخص كل محور من محاور المؤتمر الخمس، فأوصى المشاركون بمحور «الروافد الثقافية للموسيقى العربية التقليدية» بتوصيات طالبت بالاهتمام بالدراسات الموسيقية عن طريق معرفة وفهم الروافد الثقافية المتنوعة المؤثرة في الإبداع الموسيقي والغنائي العربي بما يؤكد ثراء وتنوع هذا الإبداع، وشددوا على أهمية جمع وتدوين وتصنيف ونشر التراث الموسيقي التقليدي في البلدان العربية وجعله متاحًا للمهتمين من الباحثين والمبدعين والموسيقيين.
بينما جاءت توصيات محور «جماليات أداء الموسيقى العربية وإشكالية تقديم التراث» لتطالب بالتزام المؤسسات الفنية الرسمية بتقديم التراث الموسيقي والغنائي وفق أصوله وتقاليده الفنية وجماليات أدائه، وذلك من خلال الفرق الموسيقية التراثية القائمة أو الفرق المزمع إنشاؤها دون تحريف أو تشويه، ونادوا بدعم ورعاية المواهب البارزة في مجالات العزف والغناء والتلحين، وذلك بضمهم إلى الفرق الموسيقية التراثية التابعة للمؤسسات الرسمية.
ودعا المشاركون في نقاشات محور «دور الدراسات العلمية في إبراز جماليات الموسيقى العربية» المؤسسات الأكاديمية الموسيقية في الوطن العربي إلى التعاون العلمي والفني بتوسيع رقعة المشاركة والحوار العلمي بين الباحثين في هذه المؤسسات، وذلك من خلال بروتوكولات تعاون مفعلة وجادة، وكذلك إنشاء قاعدة بيانات مشتركة لكل الدراسات التي تتناول الموسيقى العربية؛ لتكون متاحة على شبكة الإنترنت أمام الباحثين وتشجيعهم على القيام بقراءات نقدية تدرس قيم الإبداع والجمال لدى أعلام الموسيقى العرب القدامى والمعاصرين وإنتاجهم الفني وتقديم دراسات تتناول الموسيقى العربية ودورها في تشكيل الذائقة الجمالية في البلدان العربية. أما محور «جماليات الموسيقى العربية التقليدية في إبداعنا المعاصر» فقد خلص المشاركون فيه إلى أهمية دعم الإبداعات الموسيقية المعاصرة المستلهمة للتراث، بتقديمها في برامج الحفلات المختلفة وعمل جائزة عربية دورية تمنح للمبدعين في مجالات التلحين في القوالب الغنائية والآلية العربية وأفضل الدراسات الأكاديمية في حقل الموسيقى العربية إلى جانب الإبداعات الموسيقية المستلهمة من التراث الثقافي والموسيقي بأشكالها المختلفة.
وأخيرا أوصى المشاركون في محور «جماليات الموسيقى العربية بين الشفاهية والتدوين» بضرورة تنظيم ورش عمل متخصصة وعميقة لتقديم التجارب في حقل التدوين الموسيقي في محاولة للوصول إلى طرق متفق عليها في تدوين الموسيقى العربية بما يضمن إبراز السمات الجمالية المميزة لها. فيما أوصت اللجنة العلمية للمؤتمر بضرورة العمل على نشر الأبحاث المقدمة لهذه الدورة والدوارات السابقة رقميًا على موقع دار الأوبرا المصرية وورقيا؛ لتكون متاحة لكل الباحثين والمهتمين بالموسيقى العربية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».