بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

عنصر الكادميوم
> تتعدد أشكال وأنواع المعادن في الطبيعة، ويظل الإنسان يستهلكها دون أن يعلم مدى خطورة بعضها على صحته، وقد لا يكون ملمًا حتى بأسماء بعضها وبأماكن وجودها وطرق انتقالها إليه.
ومن تلك المعادن الضارة «الكادميوم»، الشائع وجوده في كثير من المأكولات والمصنوعات. ويمكنه أن يتسلل إلى جسم الإنسان عن طريق السلسلة الغذائية حيث يوجد في الأغذية بنسب قليلة، وأعلى نسبه توجد في الأصداف البحرية والمحار، لحوم الكبد والكلى الحيوانية، وكذلك تأتي الخطورة بالتعرض له عن طريق الجهاز التنفسي من خلال أماكن العمل في صناعة البطاريات مثلاً، وينتقل أيضًا من خلال تنفس واستنشاق دخان السجائر والشيشة، وتنفس الهواء من أماكن قريبة لحرق الوقود كالفحم أو المخلفات.
يسبب تراكم الكادميوم داخل جسم الإنسان عندما يتعدى تركيزه الحدود الحرجة الآمنة، أضرارًا صحية خطيرة، كمادة مسرطنة، وضارة بالكلى والكبد والجهاز التناسلي والجهاز العصبي.
وقد وجد أخيرا أن الناس الذين يكون مستوى عنصر الكادميوم مرتفعا لديهم في تحليل البول يكونون عرضة بمقدار 3.5 أضعاف لاحتمال الوفاة من أمراض الكبد عن غيرهم من ذوي المستوى المعتدل، وأن الرجال هم الأكثر تأثرا، في الغالب، بهذه الحالة. وتم اكتشاف ذلك من قبل باحثين في الولايات المتحدة الأميركية.
وقام علماء في جامعة جون هوبكنز في بالتيمور بتحليل بيانات من 12732 شخصًا من الذين شاركوا في مسح فحص الصحة والتغذية الوطنية الثالث (the National Health and Nutrition Examination Survey، NHANES III). وقد تم تقسيم مستويات عنصر الكادميوم الموجود في عينات البول إلى أربعة أرباع، اعتمادًا على الكمية.
كان الناس الذين أشارت نتيجة تحليلهم إلى أنهم في «أعلى ربع» يحملون خطرا للموت من أمراض الكبد أعلى 3.5 ضعف ممن يموتون من ذوي المستويات الأقل في الشرائح الربعية الثلاثة الأخرى. هذه النتيجة كانت تشمل الوفاة لغير المصابين أساسا بمرض الكبد الدهني fatty liver غير الكحولي، وكذلك مرض التهاب الكبد الدهني steatohepatitis غير الكحولي. أما عن كون الرجال هم أكثر المتضررين من هذه الظاهرة، فقد عزا الباحثون ذلك إلى أن الكادميوم عند النساء في سن اليأس يبدأ بإعادة توزيعه من الكبد والكلى ويصبح أكثر ضررا على العظام مسببًا تفتتها. وأضاف الباحثون أن من المؤكد أن تعريض فئران التجارب لعنصر الكادميوم المزمن (لفترة طويلة) كان يسبب لها فشل الكبد.
ولمنع حدوث هذه الحالة المميتة عند البشر فإن العلماء بحاجة، إلى جانب نتائج هذه الدراسة، لإجراء دراسات أخرى لفهم المزيد عن العوامل التي قد تسبب أمراض الكبد بشكل عام ومخاطر معدن الكادميوم بشكل خاص مثلما تم التوصل إليه حول المخاطر الصحية المرتبطة بالمعادن الثقيلة الأخرى، مثل الزئبق والرصاص على أعضاء الإنسان.
وللتعامل مع الكادميوم بطريقة صحيحة تقي من أضراره، ينصح بالآتي:
• تخزين المنتجات المحتوية على الكادميوم في المنزل بعيدًا عن الأطفال، كالبطاريات.
• تقليل تناول المواد الغذائية التي قد تحتوي عليه، خصوصا الأصداف والمحار البحري.
• العمل على منع انتقال غبار المواد المتعامل معها لاحتمال حمل هذا المعدن معها عن طريق الملابس أو الجلد أو الشعر.
• التوقف عن التدخين بجميع صوره وأشكاله.
• على المعرضين للكادميوم في المصانع عمل فحص دوري للدم والبول للاستدلال على وجوده.

الأذكياء أطول عمرًا

> من الملاحظات الغريبة أن الناس الأذكياء يعيشون عمرًا أطول من الأقل ذكاء، وأنهم أيضًا يرتبطون بوظائف راقية وحساسة. فيا ترى ما السبب؟ وما العلاقة بين الذكاء وطول العمر؟
إنها أسئلة وجيهة شدت العلماء للدراسة والبحث لإيجاد سبب هذه العلاقة، فقام عدد من العلماء من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بلندن بتحليل بيانات أخذت من ثلاث دراسات مختلفة سبق أن أجريت على التوائم من نوع «التوائم المتماثلة» identical twins)) في كل من السويد والولايات المتحدة والدنمارك. وكان، على الأقل، أحد التوأمين من كل زوج توائم قد توفي بالفعل، وقام الباحثون بتحليل البيانات حول الذكاء والعمر عند الوفاة.
وأظهرت نتائج هذه الدراسة التي نشرت العام الماضي أن التوأم الذي كان أكثر ذكاء في كل زوج توائم هو الذي عاش لفترة أطول. وكان هذا واضحا أيضًا في التوائم المتآخية أي غير المتماثلة. وأشار البحث إلى أن الارتباط بين الذكاء والحياة الأطول هو في معظمه وراثي، وأن هؤلاء الأذكياء طويلي الأعمار أيضًا يلعبون دورًا في القيام بالأعمال العليا أو الأكثر أهمية، وأن العلاقة بين الوظائف أو الأعمال العليا وطول العمر هي في الغالب نتيجة للعامل الوراثي الجيني.
وأمكن الاستنتاج أيضًا أن الأشخاص الذين لديهم جينات تساعدهم لأن يكونوا أكثر ذكاء، لديهم أيضًا جينات تساعد على التمتع بصحة جيدة في أجسامهم. وعمومًا، فإن الذكاء والعمر قد يكونان شديدي التأثر بالطفرات الشاملة، بحيث إن الأشخاص الذين يعانون من الطفرات الوراثية الأقل يكونون أكثر ذكاء ويعيشون لفترة أطول.

استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة



الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال