خلطة طباخي البيتزا

القوى الخفية لدكتور سترانج
القوى الخفية لدكتور سترانج
TT

خلطة طباخي البيتزا

القوى الخفية لدكتور سترانج
القوى الخفية لدكتور سترانج

* Doctor Strange
* إخراج: سكوت ديركسون
* فانتازيا | الولايات المتحدة - 2016
* تقييم الناقد: ***

«هل خطر لك أن هذا الواقع، هو واحد من أكثر من واقع؟». يجد بطل هذا الفيلم دكتور ستيفن نفسه في مواجهة هذا السؤال. الجواب السريع هو: نعم في أفلام ماتريكس. لكن دكتور ستيفن لم ير ذلك الفيلم. ليس مفترضًا به أن يكون من الذين يشاهدون الأفلام الخيالية القائمة على كيف يمكن للبطل المتمتع بالمزايا الخارقة إنقاذ العالم مما هو عليه بل أن يقوم بالجهد نفسه من جديد.
«دكتور سترانج» في الواقع يذكر بفيلم «تمهيد» لكريستوفر نولان بصريًا وهذا يتوضح من المشاهد الأولى. في مشاهد الوسط هو قريب من «كابتن أميركا». في النهاية هو واحد من تلك الخزعبلات التي تموج بها الشاشات هذه الأيام التي قد يجدها البعض مثيرة ونهاية مطاف لكل ما يبحث عنه في السينما، ويجدها البعض الآخر لهو مليء بالضجيج الصوتي والبصري وينتهي إلى فراغ وخروج المرء متشبعًا ببعض المشاهد إلى حين يركب سيارته ويأخذ بالاهتمام بحركة السير أمامه.
دكتور ستيفن هو، لاحقًا، دكتور سترانج الذي خسر يديه إثر حادثة سيارة، حسب الحكاية الأولى الواردة في مجلات مارفيل، وكان لا بد من تركيب يدين اصطناعيّـتين وتهيئته عبر عصبة من ممارسي السحر الأسود ليعود أقوى مما كان عليه. ليس كجرّاح بل كمحارب في سبيل ذات القيم والمبادئ التي يحارب من أجلها كل من يطل على شاشة أفلام «السوبر هيروز» هذه الأيام… وفي الوقت المناسب لأن قوى وحشية أسمها Kaecillus تخطط للهيمنة على الأرض.
الرحلة التي تسبق اكتشافه لقدراته الذاتية التي لم يكن يعلم أنه يملكها، تشبه تلك الرحلة التي أقدم عليها باتمان في «باتمان يبدأ» سنة 2005 ونتائجها شبيه. شخصيتان في جسد واحد دوره مواجهة العدو الكبير.
للتغطية على موضوع مطروق أو شبيه بأفلام سابقة فإن المخرج سكوت ديركسون يستعين بأكثف قدر ممكن من المؤثرات الفانتازية: مبان تميل لليسار حتى تدخل الأرض وأخرى ترتفع وشوارع تميد كما لو كانت أمواجًا عاتية، وأخرى تختفي كما لو أن مدينة نيويورك ليست أكثر من عجينة في يدي طباخ بيتزا.
على ذلك، لا يمكن القول: إن هذه المؤثرات بلهاء أو تخطئتها على أساس أنها زائدة عن الحاجة. يستفيد الفيلم من بضع تفعيلات جديدة مثل أن محو جاذبية الأرض بحيث تتعدد مصادرها ومثل أن وحوش القوى المعادية قد تتحوّل إلى أشكال أخرى كالأرض التي نمشي عليها مثلاً. لكن هذا كله نجاح في الشغل البصري، أما المضمون فيبقى على هوانه. بطلنا بندكت كمبرباتش يحاول تطعيم أدائه بمواقف تعبيرية تعلمها من مسرحيات شكسبير لكن باقي الممثلين هم، وكما هو متوقع، أقرب إلى أشباح تحتاج لشخصيات تحميها من شفافيتها المفرطة.



شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
TT

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)
دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

أرزة ★★☆

دراجة ضائعة بين الطوائف

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة. هي تصنع الفطائر وابنها الشاب يوزّعها. تفكّر في زيادة الدخل لكن هذا يتطلّب درّاجة نارية لتلبية طلبات الزبائن. تطلب من أختها التي لا تزال تعتقد أن زوجها سيعود إليها بعد 30 سنة من الغياب، بيع سوار لها. عندما ترفض تسرق أرزة السوار وتدفع 400 دولار وتقسّط الباقي. تُسرق الدرّاجة لأن كينان كان قد تركها أمام بيت الفتاة التي يحب. لا حلّ لتلك المشكلة إلا في البحث عن الدراجة المسروقة. لكن من سرقها؟ وإلى أي طائفة ينتمي؟ سؤالان تحاول أحداث الفيلم الإجابة عليهما ليُكتشف في النهاية أن السارق يعيش في «جراجه» المليء بالمسروقات تمهيداً لبيعها خردة، في مخيّم صبرا!

قبل ذلك، تنتقل أرزة وابنها والخلافات بينهما بين المشتبه بهم: سُنة وشيعة ومارونيين وكاثوليك ودروز. كلّ فئة تقترح أن واحدة أخرى هي التي سرقت وتشتمها. حتى تتجاوز أرزة المعضلة تدخل محلاً للقلائد وتشتري العُقد الذي ستدّعي أنها من الطائفة التي يرمز إليها: هي أم عمر هنا وأم علي هناك وأم جان- بول هنالك.

إنها فكرة طريفة منفّذة بسذاجة للأسف. لا تقوى على تفعيل الرّمز الذي تحاول تجسيده وهو أن البلد منقسم على نفسه وطوائفه منغلقة كل على هويّتها. شيء كهذا كان يمكن أن يكون أجدى لو وقع في زمن الحرب الأهلية ليس لأنه غير موجود اليوم، لكن لأن الحرب كانت ستسجل خلفية مبهرة أكثر تأثيراً. بما أن ذلك لم يحدث، كان من الأجدى للسيناريو أن يميل للدراما أكثر من ميله للكوميديا، خصوصاً أن عناصر الدراما موجودة كاملة.

كذلك هناك لعبٌ أكثر من ضروري على الخلاف بين الأم وابنها، وحقيقة أنه لم يعترف بذنبه باكراً مزعجة لأن الفيلم لا يقدّم تبريراً كافياً لذلك، بل ارتاح لسجالٍ حواري متكرر. لكن لا يهم كثيراً أن الفكرة شبيهة بفيلم «سارق الدّراجة» لأن الحبكة نفسها مختلفة.

إخراج ميرا شعيب أفضل من الكتابة والممثلون جيدون خاصة ديامان بوعبّود. هي «ماسة» فعلاً.

• عروض مهرجان القاهرة و«آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

سيلَما ★★★☆

تاريخ السينما في صالاتها

لابن بيروت (منطقة الزيدانية) لم تكن كلمة «سيلَما» غريبة عن كبار السن في هذه المدينة. فيلم هادي زكاك الوثائقي يُعيدها إلى أهل طرابلس، لكن سواء كانت الكلمة بيروتية أو طرابلسية الأصل، فإن معناها واحد وهو «سينما».

ليست السينما بوصفها فناً أو صناعة أو أيّ من تلك التي تؤلف الفن السابع، بل السينما بوصفها صالة. نريد أن نذهب إلى السينما، أي إلى مكان العرض. عقداً بعد عقد صار لصالات السينما، حول العالم، تاريخها الخاص. وفي لبنان، عرفت هذه الصالات من الأربعينات، ولعبت دوراً رئيسياً في جمع فئات الشعب وطوائف. لا عجب أن الحرب الأهلية بدأت بها فدمّرتها كنقطة على سطر التلاحم.

هادي زكّاك خلال التصوير (مهرجان الجونا)

فيلم هادي زكّاك مهم بحد ذاته، ومتخصّص بسينمات مدينة طرابلس، ولديه الكثير مما يريد تصويره وتقديمه. يُمعن في التاريخ وفي المجتمع ويجلب للواجهة أفلاماً ولقطات وبعض المقابلات والحكايات. استقاه من كتابٍ من نحو 600 صفحة من النّص والصور. الكتاب وحده يعدُّ مرجعاً شاملاً، وحسب الزميل جيمي الزاخم في صحيفة «نداء الوطن» الذي وضع عن الكتاب مقالاً جيداً، تسكن التفاصيل «روحية المدينة» وتلمّ بتاريخها ومجتمعها بدقة.

ما شُوهد على الشاشة هو، وهذا الناقد لم يقرأ الكتاب بعد، يبدو ترجمة أمينة لكلّ تلك التفاصيل والذكريات. يلمّ بها تباعاً كما لو كان، بدُورها، صفحات تتوالى. فيلمٌ أرشيفي دؤوب على الإحاطة بكل ما هو طرابلسي وسينمائي في فترات ترحل من زمن لآخر مع متاعها من المشكلات السياسية والأمنية وتمرّ عبر كلّ هذه الحِقب الصّعبة من تاريخ المدينة ولبنان ككل.

يستخدم زكّاك شريط الصوت من دون وجوه المتكلّمين ويستخدمه بوصفه مؤثرات (أصوات الخيول، صوت النارجيلة... إلخ). وبينما تتدافع النوستالجيا من الباب العريض الذي يفتحه هذا الفيلم، يُصاحب الشغف الشعور بالحزن المتأتي من غياب عالمٍ كان جميلاً. حين تتراءى للمشاهد كراسي السينما (بعضها ممزق وأخرى يعلوها الغبار) يتبلور شعورٌ خفي بأن هذا الماضي ما زال يتنفّس. السينما أوجدته والفيلم الحالي يُعيده للحياة.

* عروض مهرجان الجونة.

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز