{داعش} نهب ودمر كرمليس شرق الموصل وحفر الأنفاق قبل الهرب

«الشرق الأوسط» تجولت في شوارع المدينة * قوات البيشمركة تقتل 16 مسلحًا من التنظيم لدى محاولتهم الفرار من بعشيقة

بلدة كرمليس شرق الموصل آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش ظاهر على أبنية البلدة («الشرق الأوسط»)
بلدة كرمليس شرق الموصل آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش ظاهر على أبنية البلدة («الشرق الأوسط»)
TT

{داعش} نهب ودمر كرمليس شرق الموصل وحفر الأنفاق قبل الهرب

بلدة كرمليس شرق الموصل آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش ظاهر على أبنية البلدة («الشرق الأوسط»)
بلدة كرمليس شرق الموصل آثار الدمار الذي خلفه تنظيم داعش ظاهر على أبنية البلدة («الشرق الأوسط»)

بعد مضي ثلاثة أيام على تحريرها مركز ناحية بعشيقة الاستراتيجية (12 كيلومتر شمال شرقي الموصل) قتلت قوات البيشمركة أمس 16 مسلحا من تنظيم داعش كانوا مختبئين في المدينة أثناء محاولتهم اجتياز سواتر البيشمركة والهرب باتجاه الموصل، بينما أعلن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» أمس تحرير الجيش العراقي قرية عباس رجب التابعة لناحية النمرود جنوب الموصل، وبموازاة ذلك واصلت «الشرق الأوسط» تغطيتها المستمرة لعملية تحرير الموصل.
وتجولت «الشرق الأوسط» أمس في بلدة كرمليس التابعة لقضاء الحمدانية شرق الموصل التي حررتها قوات الجيش العراقي ومكافحة الإرهاب نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من مسلحي «داعش». مع وصولنا إلى بوابة البلدة استقبلنا مقاتلو الجيش العراقي ووحدات حماية سهل نينوى ورحبوا بنا، ومن ثم رافقنا مجموعة من المقتلين إلى داخل البلدة لحمايتنا وإرشادنا؛ كي لا نتعرض لانفجار العبوات الناسفة التي زرعها التنظيم بشكل عشوائي، وفخخ بها كل شبر من أرجاء هذه البلدة التي كانت تعتبر واحدة من أجمل بلدات سهل نينوى قبل أن يحتلها «داعش» في صيف 2014 فاضطر سكانها إلى الهرب منها باتجاه المناطق الآمنة من إقليم كردستان العراق.
وتضم كرمليس شبكة كبيرة من الأنفاق التي حفرها «داعش» لاستخدامها في معاركه أمام القوات العراقية، وللاختباء من الغارات الجوية للتحالف الدولي، سمير مقاتل في الجيش العراقي رافقنا مع زملائه من القوات الأمنية في جولة داخل أحياء كرمليس جولة مليئة بالخطورة بين المنازل المفخخة والمباني المحترقة والشوارع المدمرة التي دمرها «داعش» تدميرا كبيرا قبل أن يفر منها، تاركا خلفه بلدة مدمرة ومفخخة، ناهبا ممتلكات سكانها.
لم تخل كرمليس كباقي المدن المحررة من عبارات التنظيم وكتابته التي تكاد موجودة على جدران البلدة كافة ، في البداية اصطحبنا معه المقاتل إلى كنيسة القديسة مارت بربارة التي كانت مقرا رئيسيا لـ«داعش» في البلدة، التنظيم حرق الكنيسة بالكامل، وحفر تحتها الأنفاق، أحد هذه الأنفاق كان كبيرا جدا. ويظهر من طريقة حفر هذه الأنفاق أن التنظيم يستخدم مكينة خاصة محلية الصنع في حفرها، النفق كان يحتوي على مداخل ومخارج عدة، عرض النفق بلغ نحو ثلاثة أمتار وعمقه نحو 15 مترا تمتد بفروع عدة إلى داخل أزقة وأحياء كرمليس. أما النفق الآخر، وبحسب قول سمير، فيمتد أحد مخارجه إلى منطقة الحاوي القريبة من مركز مدينة الموصل في الجانب الأيسر من المدينة، وذكر أن «الجيش العراقي أمن البلدة ومشط الأنفاق كافة، ولن يستطيع التنظيم من الاستفادة منها ثانية»، لافتا إلى أن البحث جار عن الأنفاق الأخرى لكشفها ومعالجتها.
«داعش» دمر البنية التحتية لهذه المناطق وقضى على الخدمات الرئيسية فيها، فنسبت الدمار التي لحقت بكرمليس وحدها فقط تقدر بأكثر من 80 في المائة، فلم يبق منزل واحد أو مدرسة أو مستشفى أو روضة أطفال أو مبنى حكومي سالما من بطش التنظيم، حتى الجامعة التي كان أهالي المنطقة ينتظرون استكمال بنائها أصبحت اليوم مدمرة، وكذلك معمل الألبسة والخياطة التي تقع على مشارف البلدة هي الأخرى نهبها «داعش» ودمر مبناها. تجولنا بحذر خشية أن نتعرض لانفجار عبوة ناسفة من تلك التي زرعها التنظيم، وفي ختام الجولة مررنا بجانب أحد محال الحلاقة الرجالية في البلدة كان مفخخا بعدد كبير من العبوات الناسفة، أكد لنا سمير أن الفرق الهندسية التابعة للجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب تعمل ليلا ونهارا على تطهير المناطق المحررة، ومن ضمنها كرمليس من العبوات الناسفة والمتفجرات.
في غضون ذلك، قال قائد قوات البيشمركة في محور بعشيقة، اللواء بهرام عريف ياسين لـ«الشرق الأوسط» إنه «حاول 16 مسلحا من (داعش) الفارين من بعشيقة والمختبئين في أحد الأنفاق التي حفرها التنظيم في المدينة من الهرب إلى الموصل تحت جنح الظلام من الناحية الغربية لبعشيقة واجتياز سواتر قوات البيشمركة، لكن قوات البيشمركة كانت لهم بالمرصاد، ففجر خمسة من هؤلاء المسلحين أنفسهم، فيما قتلت البيشمركة 11 مسلحا آخر منهم، ولم تلحق أي خسائر بقوات البيشمركة»، لافتا أن إلى التنظيم حفر الكثير من الأنفاق داخل بعشيقة، وهي متنوعة من حيث الطول فيبلغ طول البعض منها نحو خمسين مترا، فيما تتجاوز طول قسم آخر منها أكثر من 500 متر.
وبين أن «التنظيم الإرهابي استفاد خلال أكثر من عامين وأربعة أشهر من سيطرته على بعشيقة ومن خلو المدينة من سكانها في حفر الأنفاق وزراعة العبوات الناسفة والمتفجرات»، مضيفا أن «قوات البيشمركة بدأت بعد تحرير بعشيقة بمعالجة الأنفاق وتطهير المدينة من المتفجرات والعبوات الناسفة».
وتزامنا مع مواصلة البيشمركة عملية تمشيط بعشيقة وتطهيرها، واصلت قوات الجيش العراقي وقوات مكافحة الإرهاب والقوات الأمنية الأخرى تقدمها على محاور الموصل كافة، ونقلت خلية الإعلام الحربي العراقي أمس عن قائد عمليات «قادمون يا نينوى» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله قوله إنه «حررت قطعات الفرقة المدرعة التاسعة- لواء 35 ولواء 37 من الجيش العراقي أمس قرية عباس رجب ضمن محور شمال الزاب، ورفعت العلم العراقي فوق مبانيها، وما زال التقدم مستمرا».
في غضون ذلك، أعلنت الفرقة التاسعة من الجيش العراقي أمس أن مقاتليها قتلوا المسؤول الجديد لما يسمى بـ«هيئة حرب داعش» في حي الانتصار في الساحل الأيسر لمدينة الموصل، الإرهابي خالد الميتويتي، بعد مقتل المسؤول السابق للهيئة الإرهابي مهند حامد المكنى أبي عائشة الببلاوي، وأضافت أن قطعاتها «دمرت 3 دراجات نارية مفخخة وقتلت 12 إرهابيا في حي الانتصار».
وبدأت القوات العراقية في 17 من أكتوبر الماضي عمليات «قادمون يا نينوى» لتحرير مدينة الموصل والمدن والبلدات التابعة كافة من تنظيم داعش التي احتلها في 10 يونيو (حزيران) من عام 2014.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.