الرقة.. نموذج حكم المتشددين يتجه للأفول

أولى المدن السورية الواقعة تحت سيطرة «داعش» باتت معقله منذ 2014

الرقة.. نموذج حكم المتشددين يتجه للأفول
TT

الرقة.. نموذج حكم المتشددين يتجه للأفول

الرقة.. نموذج حكم المتشددين يتجه للأفول

يُجمع المراقبون على أن خسارة تنظيم «داعش» لمدينة الموصل العراقية، أحد أبرز معاقله، سيشكل ضربة قاضية له، فكيف إذا خسر التنظيم في الوقت عينه عاصمة ما يقول إنها «دولته»، مدينة الرقة التي تُعد نموذجًا لحكمه بعد نحو 3 سنوات من سيطرته عليها. تقع الرقة، التي تُعتبر أول مدينة كبرى تسقط في أيدي مقاتلي المعارضة السورية في 2013، على ضفة نهر الفرات وتبعد نحو مائة كيلومتر عن الحدود التركية. وكان يعيش فيها ما يُقارب 240 ألف شخص قبل اندلاع الأزمة في سوريا في عام 2011.
وسيطر تنظيم «داعش» على المدينة بعد معارك عنيفة مع عناصر الجيش الحر ومقاتلي جبهة النصرة في يناير (كانون الثاني) 2014، وأعلنها عاصمة دولته في يونيو (حزيران) من العام نفسه، وذلك بعد سيطرة عناصره على محافظة الرقة الغنية بالحقول النفطية وحقول القطن والقمح بكاملها.
وقد تحولت «الرقة» مع مرور الوقت إلى «نموذج لحكم (داعش)» بعدما غيّر مناهج التعليم، وأنشأ مؤسسات ومكاتب خاصة به، وبدأ بإصدار بيانات وقوانين تشريعية، وتقييد الحريات وحظر النشاطات الإعلامية غير المسيطر عليها. ولإحكام سيطرته على الوضع في الرقة، قام بإنشاء أول مؤسسة رسمية تابعة له، وأطلق عليها اسم كتيبة «الحسبة»، التي من أبرز مهامها متابعة تنفيذ القوانين والتشريعات التي يصدرها التنظيم، وملاحقة كل من يخالفها، واعتبارها القوة الضاربة للتنظيم في تنفيذ أحكامه وفرضها على أهالي الرقة ومراقبة كل شاردة وواردة في المحافظة. وأعلن بعدها عن إنشاء كتيبة أخرى توازي عمل كتيبة «الحسبة»، وأطلق عليها اسم كتيبة «الخنساء» لضمان تنفيذ القوانين الخاصة بالنساء. كما أقام مكاتب تعنى بالمدنيين ومشكلاتهم وشكاويهم وأطلق عليه اسم «ديوان المظالم»، وأنشأ المحاكم الشرعية في كل مدينة وقرية ووزارة للأوقاف والإعلام، وديوانا للزكاة، ومديرية لشرطة المرور والشرطة العسكرية وديوانا للصحة، وغيرها. وتم حظر التدخين في محافظة الرقة ومنع سفر النساء دون محرم، وتحويل الجلد عقوبة عادية. وبات السكان يطلقون على «دوار النعيم» في وسط المدينة اسم «دوار الجحيم» بسبب عمليات الصلب وتعليق الجثث فيه. وكان عناصر التنظيم يقومون بعرض ضحاياهم والرؤوس المقطوعة عمدا لبث الرعب بين السكان.
كما تم في الرقة رجم امرأة حتى الموت للمرة الأولى من قبل «داعش»، وفيها أيضا تم رمي مثليي الجنس من على أسطح الأبنية، وعرض عشرات النساء الإيزيديات «للبيع» على أنهن «سبايا» حرب.
وبدّل التنظيم العدد الأكبر من أسماء المدارس في المدينة، وأنشأ مناهج خاصة به، واقتصر التعليم فيها على مادة اللغة العربية والرياضيات والقرآن والعلوم الشرعية.
كما أصدر بيانًا في يناير 2015 ينص على إنشاء جامعة للطب في الرقة، ولكنها لم تشهد إقبالاً بسبب اقتصار التدريس فيها على تعلم الإسعافات الأولية وبعض الدروس الشفهية ولمدة ثلاث سنوات فقط.
وتعد المدينة الوجهة الأساسية للمقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى صفوف التنظيم بعد عبورهم الحدود مع تركيا، بحسب الوكالات الاستخباراتية الغربية. وفي سبتمبر (أيلول) 2014، نفذ التحالف الدولي بقيادة واشنطن أولى غاراته الجوية على مدينة الرقة.
وتكمن أهمية الرقة الجغرافية كونها ترتكز الرقة على نهر الفرات، وهي منطقة زراعية هامة وحيوية، كما أن سد الطبقة الموجود فيها يُغذي الرقة وحلب بالكهرباء والماء. كما تعتبر منطقة الرقة ملتقى طرق للكثير من المناطق المهمة. كما أن وجودها بالقرب من العراق، يسهل حركة عناصر التنظيم بين العراق وسوريا. يُشكل العرب السنة معظم سكان الرقة، وكانت تضم أيضًا مسيحيين قبل الحرب الأهلية، وكان يعيش الأكراد في بعض من قراها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.