الإمارات تدرس ربط مدنها بـ«هايبر لوب» فائق السرعة

مشروع يختصر مسافة النقل بين دبي وأبوظبي إلى 12 دقيقة

رسم تخيلي لإحدى محطات «هايبر لوب وان» في الإمارات.. وفي الاطار رسم تخيلي لإحدى عربات «هايبر لوب وان».. («الشرق الأوسط»)
رسم تخيلي لإحدى محطات «هايبر لوب وان» في الإمارات.. وفي الاطار رسم تخيلي لإحدى عربات «هايبر لوب وان».. («الشرق الأوسط»)
TT

الإمارات تدرس ربط مدنها بـ«هايبر لوب» فائق السرعة

رسم تخيلي لإحدى محطات «هايبر لوب وان» في الإمارات.. وفي الاطار رسم تخيلي لإحدى عربات «هايبر لوب وان».. («الشرق الأوسط»)
رسم تخيلي لإحدى محطات «هايبر لوب وان» في الإمارات.. وفي الاطار رسم تخيلي لإحدى عربات «هايبر لوب وان».. («الشرق الأوسط»)

تدرس الإمارات ربط مدنها بشبكة نقل فائقة السرعة من خلال تكنولوجيا «هايبر لوب»، التي تسير بسرعة 1200 كيلومتر في الساعة، وذلك بعد توقيع هيئة الطرق والمواصلات بدبي اتفاقية مع شركة «هايبر لوب وان» صاحبة المشروع، كما تفسح الاتفاقية المجال أمام نقل التقنية لجميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.
وأشارت المعلومات الصادرة أمس إلى أن تقنية «هايبر لوب» تمكن من السفر بين دبي والعاصمة السعودية الرياض خلال 48 دقيقة، و23 دقيقة إلى الدوحة، و27 دقيقة إلى مسقط، و36 دقيقة إلى الكويت، كما ستختصر المسافة بين العاصمة الإماراتية أبوظبي ومدينة دبي في حدود 12 دقيقة فقط.
وقال مطر الطاير، المدير العام رئيس مجلس المديرين في هيئة الطرق والمواصلات بدبي، خلال مؤتمر صحافي عقد أمس: «هذه فرصة للمساعدة في تحويل الإمارات من مستهلك إلى منتج للتكنولوجيا ومهد لتطوير الصناعة العالمية الجديدة، بالتماشي مع (رؤية الإمارات 2021). وبإطلاق (هايبر لوب وان) نسهم في تطوير وسيلة جديدة للنقل، وتعزيز مكانة المنطقة الريادية في تكنولوجيا النقل والابتكار».
من جهته، قال روب لويد، الرئيس التنفيذي لشركة «هايبر لوب وان»: «تأتي الاتفاقية عقب مذكرة التفاهم مع (موانئ دبي العالمية) التي تم توقيعها في أغسطس (آب) الماضي لنقل الحاويات عبر نظام (هايبر لوب) من البواخر في ميناء جبل علي، إلى مستودع حاويات في دبي، وينصب تركيزنا الآن على ربط الطرق في الإمارات لتسهيل التنقل للمواطنين والمقيمين». ويعد «هايبر لوب» نظام نقل عالي السرعة، وهو عبارة عن دمج أنابيب منخفضة الضغط خالية من الهواء تربط بين محطتين وتسير بسرعة 1200 كيلومتر في الساعة، ويحظى نظام «هايبر لوب» بمعايير سلامة أعلى من طائرة الركاب، إلى جانب انخفاض تكاليف الإنشاء والصيانة للسكك الحديدية عالية السرعة، كما أن استخدام الطاقة يعادل المعدل المطلوب للدراجة الهوائية. من جهته، قال جوش غيجيل، المؤسس المشارك لشركة «هايبر لوب وان»: «يسهم قيامنا بدمج المركبات الذاتية في نظام (هايبر لوب وان)، في توفير وسيلة نقل مباشرة بلا انقطاع، تخيل أن تخرج من الفيلا الخاصة بك في دبي، بسيارة ذاتية القيادة أشبه بغرفة المعيشة، وتصل إلى مكتبك في مدينة الرياض خلال 48 دقيقة فقط. هذا ما يستطيع نظام (هايبر لوب وان) تحقيقه».
وبموجب الاتفاقية التي وقعت أمس، ستقوم شركة «هايبر لوب وان» مع شركة «ماكينزي آند كو» ومؤسسة «شركة بيغ»، بدراسة جدوى مفصلة تحت إشراف هيئة الطرق والمواصلات. وسينقل الاتفاق الشركة إلى المرحلة الثانية، حيث تمت دعوتها للمشاركة في «مؤسسة دبي للمستقبل»، وقامت بتقديم العرض إلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. وتعاون المهندسون والمصممون من «هايبر لوب وان» لمدة ستة أشهر لإنتاج تصميم كامل للسفر بالـ«هايبر لوب»، حيث عرضت الشركة أمس أول مشروع ربط بين مدينتي أبوظبي ودبي، وكثيرا من محطات «هايبر لوب» في جميع أنحاء دبي، والمداخل والمخارج للركاب.
ووفقًا للمعلومات الصادرة أمس، يستند العمل إلى دراسة مفصلة عن كيفية دمج شبكة النقل الحضري بين المدن مع البنية التحتية الحالية، ويعد النظام ذاتيًا، ويسهم في النقل من نقطة إلى أخرى، ويسهل عملية الانتقال من بيتك إلى الوجهة التي تود الوصول إليها.
واستقطبت شركة «هايبرلوب وان» 160 مليون دولار، وجمعت أكثر من مائتي فريق من الخبراء، وقامت ببناء حرم جامعي في وسط مدينة لوس أنجليس، وإجراء اختبار السلامة في صحراء نيفادا، على مساحة 10 آلاف متر مربع، إلى جانب متجر للأدوات في شمال لاس فيغاس. وأكد روب لويد: «سيرى العالم أول اختبار سلامة لنظام الـ(هايبر لوب) في بداية عام 2017 في لاس فيغاس، وستكون لدينا عدة أنظمة (هايبر لوب) تشغيلية خلال خمس سنوات».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».