معرض بورتريهات نساء النيل.. بين سحر الاستشراق وحكايات الكفاح

روح فنية حاضرة في لوحات الفنان عبد العال حسن رغم مرضه

من لوحات الفنان عبد العال حسن التي تجسد نساء النيل ({الشرق الأوسط})
من لوحات الفنان عبد العال حسن التي تجسد نساء النيل ({الشرق الأوسط})
TT

معرض بورتريهات نساء النيل.. بين سحر الاستشراق وحكايات الكفاح

من لوحات الفنان عبد العال حسن التي تجسد نساء النيل ({الشرق الأوسط})
من لوحات الفنان عبد العال حسن التي تجسد نساء النيل ({الشرق الأوسط})

يحتضن غاليري الباب بدار الأوبرا المصرية معرضا استعاديا للفنان الكبير عبد العال حسن، أحد رواد فن البورتريه في العالم العربي. ورغم أن الفنان عبد العال حسن (72 عاما) يرقد حاليا في فراش المرض فإن روحه الحالمة حاضرة في كل لوحة من لوحات المعرض التي جسد فيها المرأة المصرية مفتونا بنساء الطبقة الشعبية والنساء الريفيات كما لو كان مستشرقا بهره سحر نساء النيل، لكنه يراهن كمحاربات يسعين على رزقهن وقوت أبنائهن. يضم المعرض 39 لوحة تتنوع ما بين فن البورتريه والمناظر الطبيعية والأماكن التاريخية من مصر القديمة إلى جانب الاسكتش والرسوم التحضيرية في الخامات والألوان المائية.
حكايات نساء النيل وبدويات سيناء وبنات الريف تقصها عليك البورتريهات التي تتنافس في جمالها وبراعتها في تصوير المرأة بكل حالاتها وانتماءاتها الحضرية والريفية والصعيدية والبدوية، فتجد بورتريه لبائعة تحمل قفصا كناية عن هموما وتنظر للمتلقي في تحدي وكبرياء، بينما تجلس امرأة أخرى متشحة بالسواد بنظرة تكشف معنى الصبر، ولا يخفى على المتلقي عناية الفنان بأدق تفاصيل بطلات لوحاته من حلي وملابس وغطاء الرأس. استعان الفنان بألوان الزيت والباستيل والفحم والألوان المائية التي يغلب عليها الألوان الساخنة «الكارمنية» ذات الإضاءات الحمراء والبرتقالية بتدرجاتها تعكس حيوية وبريقا يخلق إيقاعا جميلا لكل لوحة. ويختتم المعرض مساء اليوم الثلاثاء الموافق 8 نوفمبر (تشرين الثاني).
يقول د. خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية في كلمته التي تستهل كتالوج المعرض: «قيمة ومكانة الفنان عبد العال حسن في الحركة التشكيلية وفي قلوب زملائه وتلامذته ومحبيه، دفعتنا للتفكير في تنظيم هذا المعرض الاستعادي احتفاء به وتقديرا لعطائه ومشواره الفني المتميز في مجالي الفن التشكيلي والرسم الصحافي.. وهو فنان له بصمة واضحة في مجال البورتريه ويعشق أعماله جمهور عريض.. وتأثر به وتتلمذ على يديه الكثير من الفنانين».
وقال الكاتب الكبير لويس جريس: «هو فنان كبير تعجز الكلمات عن تقييمه وقد أثرى أغلفة مجلتي صباح وروزاليوسف الخير بأعماله.. وما زالت لوحاته داخل أروقة مجلس النواب، واليوم وقد غلبه المرض بات على الدولة أن تكرمه، فهو يستحق جائزة الدولة التشجيعية للمبدعين، تقديرا لمسيرته الطويلة».
بينما قال عنه الفنان والناقد صلاح بيصار، أمين عام نقابة الفنون التشكيلية: «عبد العال حسن من كبار فناني الصون، وهو يعد امتدادا لأحمد صبري وحسين بيكار، وصبري غالب، خاصة في فن البورتريه، كما يرتقي بالفن التشكيلي، وريشته تضفي بهجة على المتلقي وتخاطب أحاسيسه. أعماله مفرحة بها بصمة مصرية أصيلة».
يذكر أن الفنان عبد العال حسن من مواليد مدينة بورسعيد عام 1944، وهو حاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة القاهرة عام 1966، وأقام الكثير من المعارض في مصر وخارجها، وهو رسام بمجلة «صباح الخير»، وعمل رساما لمجلة «الفجر» القطرية. وله جداريات بمتحف فلسطين، ومتحف الفن الحديث بالقاهرة، وبورتريهات للسادات وحسني مبارك بمجلس الشعب، وجدارية دنشواي بمتحف دنشواي بمصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».