إسرائيل تحتج على قرار «الأوروبي» بدراسة تعويض الفلسطينيين الذين هدمت منازلهم

دبلوماسي أوروبي: اتخاذ القرار بعد وصول المفاوضات مع تل أبيب إلى باب موصد

الصبي الفلسطيني أحمد مناصرة (14 عاماً) الذي أدين بمحاولة قتل لدوره في عملية الهجوم على صبي إسرائيلي في عام 2015 عقب الحكم عليه (رويترز)
الصبي الفلسطيني أحمد مناصرة (14 عاماً) الذي أدين بمحاولة قتل لدوره في عملية الهجوم على صبي إسرائيلي في عام 2015 عقب الحكم عليه (رويترز)
TT

إسرائيل تحتج على قرار «الأوروبي» بدراسة تعويض الفلسطينيين الذين هدمت منازلهم

الصبي الفلسطيني أحمد مناصرة (14 عاماً) الذي أدين بمحاولة قتل لدوره في عملية الهجوم على صبي إسرائيلي في عام 2015 عقب الحكم عليه (رويترز)
الصبي الفلسطيني أحمد مناصرة (14 عاماً) الذي أدين بمحاولة قتل لدوره في عملية الهجوم على صبي إسرائيلي في عام 2015 عقب الحكم عليه (رويترز)

أعربت إسرائيل عن احتجاجها الشديد لقرار لجنة شؤون الشرق الأوسط في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، الذي اشتمل على توصية الدول الأعضاء في الاتحاد، بدراسة إمكانية مطالبة إسرائيل بدفع تعويضات عن المباني والبنى التحتية التي مولها الاتحاد الأوروبي في المنطقة «C» في الضفة الغربية وقامت إسرائيل بهدمها. وأعرب مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن غضبهم إزاء هذا القرار، واحتجوا عليه أمام الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأعضاء فيه وطالبوها بإلغائه.
وكانت اللجنة المذكورة (MaMa)، قد التأمت قبل أسبوعين لكنها لم تعلن قرارها. وتضم هذه اللجنة خبراء في قضايا الشرق الأوسط من كل الدول الثماني والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ولا تعتبر قراراتها ملزمة، وإنما تشكل قاعدة لقرارات قد يتم اتخاذها لاحقا في اللجنة السياسية - الأمنية في الاتحاد الأوروبي (PSC)، أو في مجلس وزراء خارجية الاتحاد.
وقال دبلوماسي أوروبي، إن سبب اتخاذ القرار وصول المفاوضات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في موضوع المناطق «C» إلى باب موصد. وطالب الأوروبيون بوقف هدم مباني الفلسطينيين، التي تدعي إسرائيل أنها بنيت بشكل غير قانوني، ومن بينها مبانٍ كثيرة مولها الاتحاد الأوروبي. وقد فشل الطرفان في حل هذه المسألة خلال المحادثات التي جرت بينهما قبل عدة أشهر. وحسب الدبلوماسيين الأوروبيين فقد دفع وقف المحادثات بعض الدول الأوروبية المتشددة في انتقاداتها لإسرائيل، إلى المطالبة باتخاذ قرار متشدد يطالب إسرائيل بدفع تعويضات عن المباني التي هدمتها. وقال الدبلوماسي، إن ألمانيا عارضت بشكل مطلق هذه الخطوة ونجحت في تليين القرار، ليتحول في النهاية إلى مجرد توصية، كتب فيها أنه يمكن للدول الأوروبية مطالبة إسرائيل بالتعويضات، إذا رغبت بذلك. كما قررت اللجنة زيادة وتشديد شكل وصيغة قرارات الاحتجاج والشجب لهدم المباني التي أقيمت بتمويل أوروبي في المناطق «C».
ورغم أن القرار ليس ملزما، فإنه لوحظ غليان في وزارة الخارجية الإسرائيلية. وقام رئيس الجهاز السياسي في الوزارة، ألون أوشفيز، ومسؤولون آخرون في الوزارة بإجراء محادثات مع سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل، لارس فابورغ أندرسون، وسفراء عدة دول أوروبية بارزة في الاتحاد، ادعوا خلالها أن القرار يعني استئناف الخطوات الأوروبية ضد إسرائيل، التي تم تجميدها منذ قرار وسم منتجات المستوطنات. وأوضح الدبلوماسي الأوروبي أن السفراء الأوروبيين أوضحوا للمسؤولين الإسرائيليين، خلال المحادثات التي جرت خلال الأسبوعين الأخيرين، بأنهم حذروا إسرائيل وطلبوا تغيير سياسة هدم المباني في المناطق «C»، لكنه لم يتم التجاوب مع طلباتهم. وقال أحد السفراء الأوروبيين لمحادثيه الإسرائيليين: «يمكنكم اتهام أنفسكم فقط».
ويذكر أن السفير الأوروبي فابورغ أندرسون، سبق وحول في شهر مايو (أيار) الماضي، رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل حول هدم مباني الفلسطينيين في المناطق «C»، التي مولها الاتحاد الأوروبي. وخلال اجتماعه بمنسق أعمال الحكومة في المناطق، في الأسبوع الماضي، حذر السفير من أن استمرار عمليات الهدم سيقود إلى المساس بالعلاقات بين الاتحاد وإسرائيل.
يشار إلى حدوث ارتفاع كبير في نشاط الإدارة المدنية ضد هذه المباني منذ بداية 2016، وبينما يقول الاتحاد الأوروبي إن المباني التي يمولها تشكل مساعدة إنسانية للفلسطينيين، تدعي إسرائيل أن المقصود خطوة سياسية هدفها مساعدة الفلسطينيين على ترسيخ حقائق على الأرض. ويعود السبب الرئيسي إلى ارتفاع عدد البيوت التي تم هدمها، إلى الضغط السياسي الذي تمارسه جمعية اليمين (رجابيم) التي تتعاون مع نواب اليمين المتطرف مثل موطي يوغيف وبتسلئيل سموطريتش، من البيت اليهودي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.