ظريف وموفد الأسد في بيروت لتهنئة عون.. وإيران تسعى «لتطوير العلاقات»

زهرا لـ«الشرق الأوسط»: اتجاه لبناني لتكريس «النأي بالنفس» وتعزيز استقلالية السياسة الخارجية

الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في قصر بعبدا ببيروت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في قصر بعبدا ببيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

ظريف وموفد الأسد في بيروت لتهنئة عون.. وإيران تسعى «لتطوير العلاقات»

الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في قصر بعبدا ببيروت أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في قصر بعبدا ببيروت أمس (أ.ف.ب)

حط وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بيروت، لتقديم التهنئة لرئيس الجمهورية ميشال عون بانتخابه، تلت زيارة قام بها موفد رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى القصر الجمهوري، للغاية نفسها، وهو ما رأى فيه لبنانيون «محاولة للإيحاء بأن انتخاب عون يمثل انتصارًا للمحور الإيراني».
لكن عضو كتلة «القوات اللبنانية» النيابية أنطوان زهرا أكد أن سياسة الحكومة الجديدة «لا يضعها النظام السوري ولا غيره في محوره»، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك سعيًا لتكريس سياسة النأي بالنفس التي وضعتها الحكومة السابقة، وتعزيز استقلالية السياسة الخارجية»، مشددًا على أنه «انتهى زمن الوصاية السورية».
وبدت الزيارة السورية التي تلت باقة عملاقة من الأزهار أرسلها الأسد لعون إثر انتخابه الأسبوع الماضي، محاولة للالتفاف على تأكيد عون خلال الأسبوع الماضي الابتعاد عن الصراعات الخارجية واحترام ميثاق جامعة الدول العربية، واعتماد سياسة خارجية مستقلة. وقال زهرا: «لا شك أنه منذ اللحظة الأولى لانتخاب الرئيس، حاول أرباب المحور الإيراني الإيحاء بأنهم انتصروا، وأن الاستحقاق تكريس لنفوذ هذا المحور، وحاول هؤلاء استتباعه بزيارات تهنئة، لكن الرد كان على لسان عون نفسه في خطاب الأحد بقوله إننا أرباب سيادة واستقلال، ونرفض الإملاء من الخارج»، وأضاف زهرا: «الرئيس بذلك، وضع الإطار العام لصورة العلاقات الخارجية التي قالها في خطاب القسم». وأكد زهرا أن هذه السياسة «لا يمكن احتواؤها والالتفاف عليها بالزيارات لمحاولة الإيحاء أن لبنان جزء من المحور الإيراني».
وكان عون أعلن في خطاب ألقاه أول من أمس «أننا لن نكون مرهونين لأي بلد آخر، فاستقلالنا وسيادتنا ليسا عداوة ولا يشكلان خصومة مع دول أخرى، لا بل صداقة صريحة وقدرة على احترامها، لأننا نكون قد تخلصنا من التأثيرات الخارجية».
لكن زيارة ظريف، حملت مؤشرات على نية للتعاون الاقتصادي، إذ أكد بعد لقائه رئيس الجمهورية في بعبدا أن هدف الزيارة التفاوض مع الجانب اللبناني في الاتجاه الذي يؤدي إلى تطوير العلاقات الثنائية على المستوى السياسي والاقتصادي. ورأى ظريف أن نجاح لبنان بإنجاح الاستحقاق الرئاسي بعد فراغ دام نحو سنتين ونصف يعتبر نصرا لكل أطياف الشعب اللبناني. وأشار إلى أن «ما ورد من كلام حكيم في خطاب الرئيس عون يدل على عمق النظرة الحكيمة لديه».
واستهل ظريف زيارته إلى بيروت بعد ظهر أمس، بالتأكيد أن «الشعب اللبناني أثبت من خلال التجربة أنه يتحلى بالوحدة الوطنية الداخلية». وأوضح ظريف أنه يزور لبنان برفقة وفد سياسي واقتصادي لتقديم التهاني «وأيضا من أجل إجراء المفاوضات لرسم غد أفضل للتعاون السياسي والاقتصادي بيننا وبين لبنان».
وترأس ظريف وفدًا موسعًا يضم 45 شخصية سياسية واقتصادية، وذلك في إطار زيارة يقدم خلالها التهاني باسم إيران للرئيس عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية. وبعد لقائه برئيس الجمهورية ووزير الخارجية جبران باسيل أمس، يلتقي ظريف اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وعدد من الشخصيات، للبحث معهم في آخر التطورات في لبنان والمنطقة.
وكان الرئيس اللبناني ميشال عون تلقى صباحًا رسالة تهنئة بانتخابه رئيسا للجمهورية، من رئيس النظام السوري نقلها إليه وزير شؤون رئاسة الجمهورية السورية منصور عزام، الذي استقبله عون في قصر بعبدا بحضور السفير السوري عبد الكريم علي.
وقال عزام: «نتمنى مع هذا العهد الجديد أن يكون فيه الخير والاستقرار والأمن للبلد الشقيق لبنان والذي يعكس بدوره استقرار المنطقة واستقرارنا حتى في سوريا»، مشيرًا إلى أن «هذا ما أكده لنا الرئيس ميشال عون»، مشددا على «عمق العلاقات السورية اللبنانية التي تربط بين الشعبين»، بحسب قوله، وعمق العلاقات الأخوية التي تربط عون بالأسد. وأضاف عزام: «لم تكن هناك صفحة قديمة في العلاقات اللبنانية السورية، كي تكون هنالك صفحة جديدة»، لافتًا إلى أنها «صفحة مستمرة في علاقات متواصلة ومتوازنة، والعنوان الرئيسي لها هو المصلحة المشتركة للبلدين والأمن والاستقرار». وقال: «طالما لدينا عدو واحد هو إسرائيل والإرهاب، فنحن مشتركون تماما في تحديد هذا العدو وهذا هو المطلب النهائي لاستقرار بلدينا».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.