مساعٍ لاحتواء خلافات الفصائل ومنع تأثيرها على معارك حلب

تواصل الاحتقان بين مجموعتي «الزنكي» و«فاستقم» في الأحياء المحاصرة من المدينة

مساعٍ لاحتواء خلافات الفصائل ومنع تأثيرها على معارك حلب
TT

مساعٍ لاحتواء خلافات الفصائل ومنع تأثيرها على معارك حلب

مساعٍ لاحتواء خلافات الفصائل ومنع تأثيرها على معارك حلب

لم يتبدد الاحتقان بين فصائل المعارضة السورية، داخل أحياء حلب المحاصرة في شرق المدينة، إثر اشتباكات اندلعت أول من أمس بين «حركة نور الدين الزنكي» وحلفائها في كتائب «أبو عمارة» و«جبهة فتح الشام» من جهة، وتجمع «فاستقم كما أمرت» من جهة ثانية، إثر هجمات تعرضت لها مقرات الأخيرة في داخل المدينة.
وقال ناشطون إن الوساطات التي قامت بها حركة «أحرار الشام الإسلامية» و«فيلق الشام» لفضّ الاشتباكات، لم تنهِ الخلافات في أحياء حلب القديمة، مما يهدد بالتأثير على سير المعارك على جبهات أحياء حلب الغربية التي اشتعلت إثر مهاجمة قوات المعارضة وحلفائها لمواقع قوات النظام في المنطقة.
لكن مصدرًا بارزًا في المعارضة السورية بحلب أكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخلافات «لا يمكن أن تؤثر على مسار المعركة ضد النظام»، موضحًا أن مناطق نفوذ تجمع «فاستقم كما أمرت» تقع في داخل أحياء مدينة حلب المحاصرة، وهي ليست على تماس مع الجبهة المندلعة في غرب المدينة، بينما توزع قوات «نور الدين الزنكي» ينقسم إلى انتشار في داخل المدينة، ومقاتلين آخرين في المناطق التي تشهد الهجوم. وقال المصدر: «قوات الزنكي تشارك بالتغطية النارية لمعارك غرب حلب، وتوفر مساندة للمهاجمين، ولا تشارك في الاقتحامات».
وأكد المصدر وجود وساطة بادر إليها «أحرار الشام» و«فيلق الشام»، تقضي «بمنع امتداد المعارك الداخلية إلى خطوط الجبهات الملتهبة»، كما صدر قرار صارم «يمنع تنفيذ الاعتقالات بين الفصائل المتنازعة لمقاتلين أو متهمين يوجدون على الجبهات».
وبدأت الخلافات في أحياء حلب الشرقية المحاصرة حين هاجم مقاتلون تابعون لحركة «الزنكي» مقرات «فاستقم» في حلب. وقال مسؤول من الأخيرة إن مقاتلين من جماعات «جبهة فتح الشام» و«نور الدين الزنكي» و«أبو عمارة» قد حاولوا السيطرة على مواقع وأسلحة منها، وتطور الهجوم إلى اشتباك أدى لمقتل مسؤول «كتيبة رجال الشام» التابعة لـ«لواء حلب المدينة - حركة نور الدين الزنكي»؛ الشهير بـ«أبو عادل».
وفي حين أشار المسؤول إلى أن الاشتباكات انتهت، وأن جهودا تبذل لحل الخلاف، أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن التوتر لا يزال مستمرًا في أحياء حلب الشرقية، على خلفية الاشتباكات التي جرت بين فصائل في المنطقة.
وكشف «المرصد» عن اشتباكات اندلعت بين «حركة نور الدين الزنكي» وتجمّع «فاستقم كما أمرت»، حيث نفذ عناصر الزنكي الهجوم في حيي صلاح الدين والأنصاري، وهما يقعان قرب خط المواجهة مع المناطق الخاضعة لقوات النظام، على خلفية اعتقال التجمع لقيادي عسكري في الحركة، واعتقال عناصر من فصيل «نور الدين الزنكي» مقاتلين من التجمع، كما أسفرت الاشتباكات عن مصرع عنصر، فيما أصيب نحو 25 آخرين من الجانبين، وسط استمرار للاشتباكات بين الجانبين.
بدوره، تحدث قياديون في التجمع عن أن خلفية الاشتباك تعود إلى «مشكلة ادعت فيها القوات المهاجمة أن التجمع اعتقل أحد قادتهم، ليتبين لاحقًا أن هذا لم يحدث، فدخلوا المقرات، وخيروا حرسها بين الموت أو تسليم الأسلحة، كما اعتقلوا كل من يعرفونه من التجمع في حركة غدر»، مضيفين: «بقي الجميع لا يعرف حقيقة ما يحدث ظانًا أنها مشكلة بين فصيلين، حتى خرج مهنا جفالة أبو بكري، قائد فصيل «أبو عمارة»، ليعلن أن التحرك بسبب اتهامه لقائد تجمع «فاستقم» بعملية اغتياله، وهذا فيه من الكذب ما فيه، خصوصًا أن الدليل الوحيد الذي نشرته «أبو عمارة» هو اعترافات لشخص سلمته أصلاً قيادة التجمع لها، في إطار التحقيق بقضية الاغتيال نفسها».
وقال المرصد إن الجماعات المتشددة «نجحت في السيطرة على معظم المواقع والأسلحة من جماعة (فاستقم)، واحتجزت مقاتلين منها، لكن المسؤول في التجمع قال إن موقفها ليس بهذا السوء».
وأصدرت لجنة قضائية من فصائل في مدينة حلب أمرًا «بتوقيف قائد تجمع (فاستقم كما أمرت)، المعروف باسم (أبو قتيبة)، على خلفية الاتهام الموجه له، بضمانة فصائل حلب وحركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة فتح الشام والجبهة الشامية والفوج الأول، وعرضه على اللجنة القضائية».
وإثر المعارك، عرض على الفصائل المقاتلة الاحتكام لمحكمة شرعية، برئاسة حركة «أحرار الشام الإسلامية»، لكن القوات المهاجمة رفضت، وطالبت بالاحتكام إلى محكمة تابعة لجيش الفتح (الذي يدعم الزنكي ضد تجمع فاستقم)، كما قال مسؤول في «فاستقم»، مضيفا: «إثر المعارك، تم تقطيع الأوصال، ومنعت قوات الفصل المحايدة قوات (فاستقم) الموجودة في القسم الشرقي من المدينة من مؤازرة قيادتها التي تتعرض للهجوم، بحجة حقن الدماء».
وعانت جماعات المعارضة من الفرقة والاقتتال الداخلي طوال الصراع الذي دخل عامه السادس لأسباب آيديولوجية وخلافات تكتيكية ونزاعات على الأراضي. وتعد «فتح الشام» جماعة متشددة، بينما تقاتل «نور الدين الزنكي» وتجمع «فاستقم» تحت لواء «الجيش السوري الحر». وانضمت جماعة «نور الدين الزنكي» التي تتلقى دعما أجنبيًا عبر تركيا في الآونة الأخيرة، إلى غرفة عمليات مشتركة يديرها تحالف فصائل إسلامية يعرف باسم «جيش الفتح». ويضم هذا التحالف جبهة «فتح الشام» التي كانت تسمى في السابق «جبهة النصرة»، قبل أن تعلن انفصالها عن تنظيم القاعدة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».