القوات العراقية تستعيد 6 أحياء.. و«داعش» يهاجم الشرقاط جنوب الموصل

الأمم المتحدة: التنظيم يقتل المئات ويجنّد الأطفال حول المدينة

القوات العراقية تستعيد 6 أحياء.. و«داعش» يهاجم الشرقاط جنوب الموصل
TT

القوات العراقية تستعيد 6 أحياء.. و«داعش» يهاجم الشرقاط جنوب الموصل

القوات العراقية تستعيد 6 أحياء.. و«داعش» يهاجم الشرقاط جنوب الموصل

تخوض القوات العراقية معركة الموصل على الأرض لاستعادة المدينة من تنظيم داعش المتطرف الذي يسيطر على المدينة منذ أكثر من عامين، ويلعب الإسناد الجوي الذي يوفره التحالف الدولي دورًا حاسمًا في هذه المعركة.
تحلق في الأجواء حول الموصل ما بين 15 و20 طائرة معظمها طائرات من دون طيار تبدو على شاشات مركز القيادة الذي زاره أحد صحافيي وكالة الصحافة الفرنسية، مثل نقاط صغيرة خضراء فوق خريطة الموصل.
في ذلك، يقول مسؤول عسكري عراقي إنّ «الأولوية هي لهذه المعركة الآن» في مركز قيادة العمليات الجوية للتحالف، حيث أوكلت إلى العسكريين الذين يقودون هذه العمليات مسؤولية دعم الهجوم البري بعد أن كانوا يخوضون حرب استنزاف ضد المتطرفين.
لم تعد الضربات توجه إلى أهداف بعينها وتُقرّر بعد أيام من الاستطلاع التي تجريها طائرات استطلاع من دون طيار، بل باتت بمعظمها ضربات سريعة تُقرّر أحيانا خلال دقائق لتوفير الإسناد للقوات على الأرض في خضم المعركة.
وبعد 18 يومًا من انطلاق عملية التحرير في 17 أكتوبر (تشرين الأول)، تقدمت القوات العراقية اليوم (الجمعة)، فقد أفاد بيان للجيش العراقي اليوم، بأن قوات من جهاز مكافحة الإرهاب استعادت ستة أحياء في شرق الموصل من متشددي التنظيم، ممّا يوسع الرقعة التي يسيطر عليها الجيش في معقل التنظيم بعد يوم من كلمة لزعيم «داعش»، حث فيها أتباعه على القتال حتى النهاية.
وقال ضابط في جهاز مكافحة الإرهاب إنّهم شنوا عملية واسعة على المتشددين الذين باتوا محاصرين في آخر معقل لهم في العراق.
وقال البيان إنّ «قطعات جهاز مكافحة الإرهاب تحرر أحياء الملايين والسماح والخضراء وكركوكلي والقدس والكرامة في الساحل الأيسر لمدينة الموصل وترفع العلم العراقي فوق المباني بعد تكبيد العدو خسائر بالأرواح والمعدات».
وكان ضابط في قوات الجهاز قد تحدث إلى وكالة رويترز للأنباء أمس، قائلاً إنّ وحدات جهاز مكافحة الإرهاب ربما تحاول شق طريقها إلى نهر دجلة الذي يجري في وسط الموصل.
وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون العراقي من شرقي المدينة سحب كثيفة من الدخان الرمادي تتعالى في السماء.
وستمثل استعادة الموصل ثاني أكبر المدن العراقية هزيمة الجناح العراقي لتنظيم داعش الذي أعلنه أبو بكر البغدادي من مسجد في الموصل قبل عامين. ويسيطر التنظيم كذلك على مساحات كبيرة من أراضي سوريا المجاورة.
وقال ضابط شرطة محلي إنّ متشددين من التنظيم سيطروا على مسجد وعدد من المنازل في مدينة الشرقاط العراقية جنوبي الموصل اليوم، وقتلوا سبعة جنود ومقاتلين من ميليشيا الحشد الشعبي.
ويبدو أن الهجوم على مدينة الشرقاط يهدف إلى تشتيت الانتباه في الوقت الذي يواجه المتشددون هجوما منسقا للقوات العراقية بدعم أميركي على معقلهم في الموصل التي تبعد 100 كيلومتر إلى الشمال.
وقال العقيد ناصر الجبوري من قوات الشرطة إنّ المتشددين عبروا الضفة الشرقية لنهر دجلة ودخلوا المدينة في الساعة الثالثة صباحا واستولوا على مسجد البعاجة وانتشروا في الأزقة.
وأعلنت قوات الأمن حظر التجول في المدينة وقالت إن هناك تعزيزات من ميليشيات الحشد الشعبي، المدعومة من إيران، في الطريق.
وهاجم التنظيم المتطرف عددًا من الأهداف منذ بدء حملة الموصل، ونفذ مقاتلوه هجمات مماثلة في مدينة كركوك التي يسيطر عليها الأكراد جنوب شرقي الموصل وفي مدينة الرطبة القريبة من الحدود مع سوريا والأردن حيث طُردوا بعد قتال دار أياما.
على صعيد إنساني، قالت رافينا شامداساني المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اليوم، إنّ متطرفي «داعش» قتلوا مئات بينهم 50 من المنشقين و180 من الموظفين السابقين في الحكومة العراقية حول معقل التنظيم في الموصل. وأضافت أنهم نقلوا أيضا 1600 شخص من بلدة حمام العليل إلى تلعفر لاحتمال استخدامهم دروعا بشرية ضد الضربات الجوية وأبلغوا بعض هؤلاء بأنهم ربما ينقلون إلى سوريا. كما نقلوا أيضا 150 أسرة من حمام العليل إلى الموصل يوم الأربعاء.
وذكرت المتحدثة أن المتطرفين أبلغوا سكان حمام العليل أنّه يتعين عليهم أن يسلموا أطفالهم ولا سيما الصبية الذين تتجاوز أعمارهم التاسعة في توجه لتجنيد الأطفال فيما يبدو. ثم تابعت، أنّ المتطرفين يحتجزون قرابة 400 امرأة كردية وأيزيدية وشيعية في تلعفر وربما قتلوا ما يصل إلى 200 شخص في مدينة الموصل.
وقالت الأمم المتحدة إنّه وردتها أيضا تقارير عن ضربات جوية تسببت في مقتل مدنيين بما في ذلك ضربات مساء يوم الأربعاء ورد أنها قتلت أربع نساء وأصابت 17 من المدنيين في حي القدوس بشرق الموصل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.