روائع عثمانية من بودابست يحتضنها متحف الشارقة للحضارة الإسلامية

معرض «إطلالة وفخامة» يتضمن أكثر من 50 عملاً حرفياً موجوداً في المجر

حضر افتتاح المعرض كبار الشخصيات في الإمارات
حضر افتتاح المعرض كبار الشخصيات في الإمارات
TT

روائع عثمانية من بودابست يحتضنها متحف الشارقة للحضارة الإسلامية

حضر افتتاح المعرض كبار الشخصيات في الإمارات
حضر افتتاح المعرض كبار الشخصيات في الإمارات

يستضيف متحف الشارقة للحضارة الإسلامية معرض «إطلالة وفخامة – روائع عثمانية من متحف الفنون التطبيقية في بودابست» والذي يستمر حتى 19 يناير (كانون الثاني) 2017. المعرض يتضمن أكثر من 50 عملاً حرفيًا مذهلاً موجودًا في المجر منذ القرنين السادس عشر والسابع عشر، ويمثل أول تعاون بين متحف الشارقة للحضارة الإسلامية ومتحف الفنون التطبيقية في بودابست، أقدم وأهم المتاحف ضمن تخصصه.
تتضمن المجموعة منسوجات فاخرة، وأسلحة احتفالية مرصعة بالجواهر، وسروج خيل مزخرفة، وملابس حريرية، وسجادًا ثمينًا، وهي تعرض للمرة الأولى في العالم العربي.
وقالت منال عطايا، مدير عام إدارة متاحف الشارقة، إن المعرض «يقدم فرصة غير مسبوقة من أجل التعرف على فترة متميزة في التاريخ الإسلامي والأوروبي، والانطلاق في رحلة استكشافية إلى فترة عُرفت بالأصالة والإحساس بالجمال وإتقان العمل».
دخلت الأعمال والتحف العثمانية إلى المجر خلال القرن السادس عشر باعتبارها دلالات ثمينة وقيّمة للإهداء، وذلك عن طريق التبادل التجاري أو الغنائم الحربية. كما جرى تصنيع كثير من الأعمال المستوحاة من التصاميم العثمانية في المجر نفسها، وذلك نتيجة للتواصل وانتقال الخبرات والمهارات الحرفية والفنية بين المناطق والأقاليم الواقعة تحت الحكم العثماني.
ومن أبرز المعروضات معطف حريري صنع ليناسب مقاس طفل، من المرجح الاعتماد في صنعه على قماش مأخوذ من ثوب احتفالي تركي كان هدية دبلوماسية، وأكثر ما يلفت الانتباه فيه هو النمط الدقيق لنقوش الزهور الذي كان سائدًا خلال أواخر القرن السادس عشر، إضافة إلى الأسلوب الدقيق في حياكة خيوط الفضة والذهب ودمجها بالمعطف. كما تبرز قطعة الملابس هذه أيضًا التأثير التركي على ملابس الطبقة الأرستقراطية في المجر خلال تلك الفترة، والتي يمكن ملاحظتها في الاعتماد على الأكمام الطويلة والرفيعة، والتي تمتد إلى قاعدة الزي للملابس الاحتفالية. كما تشمل معروضات المتحف المميزة مجموعة من سروج الخيل الاحتفالية العثمانية التي استخدمت في مملكة المجر وفي ترانسلفانيا، وتعد هذه السروج مثالاً على مهارة الحرفيين العثمانيين ودقتهم العالية في استخدام خيوط الفضة لتطريز المخمل وحرير الساتان. وتتضمن الأسلحة الاحتفالية خنجرًا مرصعًا بالجواهر من المرجح أن صناعته تمت في مشغل إمبراطوري عثماني، وكانت عادة تقديم الأسلحة الاحتفالية بوصفها هدايا، قد سادت لدى الحكام الأوروبيين والعثمانيين في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
كما يتيح المعرض لزواره فرصة الاطلاع على مجموعة من الصولجانات النادرة، والتي كانت تعد رمزًا للنفوذ والثراء في المجر وترانسلفانيا خلال القرن السابع عشر. وتمثل فخامة المواد المستخدمة في تصنيعها وتزيينها المراتب العالية لأصحابها، وكانت أكثر هذه الصولجانات فخام، وغالبًا ما كانت من صناعة الحرفيين العثمانيين. وإضافة إلى ذلك تتضمن مجموعة سجاد الزينة الثمين نماذج من السجاد الذي كان يستخدم في الأصل لتغطية الأرضيات الساخنة في الحمامات التركية، ولكنها جلبت إلى عدة مناطق في المجر منها ترانسلفانيا لتزيين جدران منازل الطبقة النبيلة أو لتعليقها في عربات الخيول. وتمثل كل واحدة من هذه التحف النادرة والمشغولات اليدوية الرائعة لزوار المعرض بوابة للاطلاع بشكل أوسع على تاريخ الدولة العثمانية والتفاعل بين الثقافات في أوروبا الشرقية، وبخاصة في المجر وترانسلفانيا. كما يسلط المعرض الضوء على أبرز معالم الحضارة الإسلامية آنذاك، ومنها الأهمية الرمزية للمنسوجات والسجاد وتبادل الهدايا الدبلوماسية والفروسية.
وللمهتمين بمجال التصميم أكثر من تاريخ الفن، فإن هذه المعروضات تقدم فرصة هامة لدراسة تصميم المشغولات والمزج الجمالي الناجح بين الألوان والنقوش والأنسجة والدقة الحرفية.
ويكشف المعرض عن دقة الحرفيين والمطرزين والصباغين في عملهم ومهارتهم وتفانيهم في حرفهم. نجد في أروقة المتحف أعمالاً جسّدت الوجود العثماني في هنغاريا كما هو الحال في العمل الفني «سترة أطفال» تعود إلى النصف الثاني من القرن العاشر الهجري، النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي.
وقطعة «مئزر الحلاق» التي تعود إلى ورشة القصر، أواخر القرن 12هـ - أواخر القرن 18م، وصنعت من قماش صوفي منسوج وحرير ملون، وخيط معدني، وشغل على قماش مثقب تامبور.
ويعتبر «مئزر الحلاق» جزءًا من طقم الحلاقة المستخدم في حلاقة المراسم وقَصة شعر العريس العثماني المُبجل. هذا التقليد الطقسي يشاهده الأقارب والأصدقاء، ويجرى في اليوم الذي تصل فيه العروس إلى عش الزوجية. القماش وتصاميمه الزهرية المبهرجة تعتبر نمطًا لأعمال تطريز البلاط العثماني في القرن 12هـ- 18م. وبحلول هذا الوقت كان هناك تأثر كبير بأسلوب الروكوكو الفرنسي والأقطان الهندية المطبوعة. وهناك أيضًا تحفة «سرج مراسم»، وتعود إلى منتصف القرن 11هـ - منتصف القرن 17م. وهي عبارة عن خشب ومخمل وفضة وسلك مفضض مذهب، وألواح محفورة مذهبة مفضضة بالحرق وفيروز وجلد وتبطين بخشب البيتولا، وإستبرق حرير إيطالي بأنماط زهرية. الإطار الخشبي بقطعتين على الجنبين اللذين يعلوان ظهر الحصان، يعطي هذه القطعة صفات السرج المجري. في وسط حواشي السرج هناك أُسُود صامدة تؤطر أشجارًا متماثلة، ولا سيما أن هذه الأُسُود معروفة بأنها رموز للنفوذ والسلطان منذ القرن 11هـ - 17م.
من المعروضات أيضًا نجد تحفة «خنجر مراسم»، غمد وواق ومقبض من أوائل القرن 11هـ - أوائل القرن 17م؛ و«النصل» يعود إلى النصف الثاني من القرن 10هـ - النصف الثاني من القرن 16م، يتكون من حديد وخشب وذهب؛ مثقوب ومنقوش ومرصع بزمرد وياقوت وفيروز مُركب، الطول 350 ملليمترا، والعرض 28 ملليمترا. صُنع الخنجر في ورشة عثمانية، ولكنه يحمل طلائع فارسية. على أحد الجوانب يوجد بيت شعر بنقش تركي بخط النستعليق لشاعر عثماني مجهول الهوية. لا ينتمي المقبض والغمد المرصعان بالأحجار المترفة في الأصل إلى النصل، حيث صُنعا في وقت لاحق.
وقد شاع عرف صناعة الهدايا من أسلحة المراسم والتشريفات بما فيها الخناجر التركية المرصعة بالأحجار الكريمة بين الحكام الأوروبيين والأتراك العثمانيين، في القرنين 11 و12هـ - 16 و17م. أتى هذا الخنجر إلى خزينة الكونت إمري تورزو من بتلانفوسيه (1598 - 1621م) على سبيل الإهداء من الأمير جابور باتلان من ترانسلفانيا (1613 - 1629م تقريبًا). بمناسبة زواج حفيدة تورزو أورسوليا إيسترهازي ببال إيسترهازي في عام 1655م حل الخنجر ضيفًا على خزينة إيسترهازي في فراكنو.
هناك نجد أيضًا «سجادة لوتو» والتي تعود إلى النصف الثاني من القرن 11هـ - النصف الثاني من القرن 17م، وهي معروفة سابقًا باسم «سجادات الأرابيسك» نسبة إلى زخرفة الأرابيسك المتشابكة المميزة صفراء اللون، وهي معروفة الآن على غرار اسم الرسام الفينيسي لورزينو لوتو (1480 - 1556م تقريبًا)، حيث تظهر هذه الزخرفة على كثير من لوحاته الفنية. استمر إنتاج هذه السجادات على مدار أكثر من قرنين، وقد شهدت تغيرات تدريجية في الحجم والزخرفة. القطع الأولى من القرن 10هـ - 16م كان يبلغ طولها كثيرًا من الأمتار، ولكن بحلول القرن 11هـ - 17م لم يكد يتجاوز طولها مترًا ونصف المتر. انتشرت سجادات لوتو في مملكة المجر، ولكن صارت أكثر شيوعًا في ترانسلفانيا.
وفي نهاية المطاف، يسلط معرض «إطلالة وفخامة» الضوء على فترة محددة من التاريخ العثماني والمجري، عندما كانت أجزاء من الدول، وبخاصة المناطق الشرقية والوسطى للمجر تحت الحكم العثماني. وخلال هذه الفترة، كان من الشائع أن تمتلك النخبة المجرية أكثر الأعمال إتقانًا والتي كانت من إنتاج ورش العمل العثمانية، بغرض تمثيل القوة والسلطة والمستوى الثقافي العالي والحياة الراقية التي عاشتها هذه النخبة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».