انطلاق مبادرة «جسور ملكية» في دبي بمعرض فني ومزاد خيري

«تقارب» يجمع بين فنانين ومصممين من عائلات ملكية

الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة مؤسس مبادرة «جسور ملكية»
الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة مؤسس مبادرة «جسور ملكية»
TT

انطلاق مبادرة «جسور ملكية» في دبي بمعرض فني ومزاد خيري

الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة مؤسس مبادرة «جسور ملكية»
الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة مؤسس مبادرة «جسور ملكية»

تحت عنوان «تقارب» يقام معرض فني يختلف عن المعارض الفنية الأخرى في جانب مهم، فهو يجمع بين فنانين ينحدرون من سلالات ملكية من جميع أنحاء العالم.. يجمع بينهم حب الفن والتصميم. المعرض هو أول ثمار مبادرة «جسور ملكية»، ويقدم أعمال 22 فنانا من عدد من العائلات الملكية والأسر الحاكمة في العالم، ويقام المعرض بدعم من «آرت بحرين» في دبي يومي 20 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
في لقاء مع مؤسس مبادرة «جسور ملكية» الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، أشار إلى أن فكرة المعرض كانت وليدة حوار مع أحد الأصدقاء، حيث تناول الحديث أفراد من العائلة الملكية في السويد ممن يشجعون الفنون ودعم الفنانين، يقول: «بعد ذلك أجريت بحثا ووجدت أن هناك أعدادا هائلة من أفراد الأسر المالكة حول العالم يمارسون الفنون سواء بطريق مباشر بالممارسة أو غير مباشر بالاهتمام ودعم ورعاية الفنانين في مجالات مختلفة»، ويرى أن المعرض هو فرصة لتقديم هؤلاء الفنانين للجمهور والتعريف بأعمالهم وتشجيع المقتنين والمتذوقين الصاعدين، وإثراء الذائقة الإبداعية والتعريف بالمبدعين.
ويؤكد الشيخ راشد نقطة مهمة، وهي أن المعرض «خيري وثقافي في الوقت نفسه»، حيث سيقام مزاد لبيع الأعمال المشاركة لصالح برنامج الأغذية العالمي.
سألته عن آلية اختيار المشاركين في المعرض، يقول إن أهم عنصر هو الحرص على الاختيار من مناطق مختلفة من العالم، وأيضا على تنوع الفنون المعروضة. عنوان المعرض «تقارب» كما يشرح الشيخ راشد: «التقارب هو الهدف الأساسي، خصوصا التقارب بين الشعوب في مجال الفنون». وقد تم انتقاء الأعمال المشاركة بحيث تجسّد أطيافا من أعمال الفنانين المعروفين عالميًا، ولتسهم في إثراء فهم الجمهور للمبدعين المعاصرين المنتمين إلى عائلات ملكية وأُسر حاكمة من حول العالم.
ومن بين الفنانين المشاركين الشيخ الدكتور حسن بن محمد بن علي آل ثاني، والمصورة السعودية الأميرة ريم الفيصل آل سعود، والأمير روتسلاف روتسلافوفيتش رومانوف، والأميرة صوفي من رومانيا، والأميرة ليلي دو أورلينز إي براغانسيا من البرازيل، والدوقة ديان من فورتيمبرغ وآخرون.
يتضمن «تقارُب» مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية المعاصرة، بدءًا من الأعمال الفنية التقليدية مثل اللوحات والمنحوتات، ووصولاً إلى أشكال الفنون التعبيرية مثل تصميم المجوهرات والأعمال الموسيقية الأدائية.
في حديث لـ«الشرق الأوسط» قالت أميرة ترنوفو، ميريام من بلغاريا، تعليقا على فكرة المعرض: «في عصر العولمة أعتقد أنه من الطبيعي أن تجتمع رؤى فنية من بلدان وثقافات مختلفة، إضافة إلى أن المعرض يحمل توجها أجده مهما وكريما». الأميرة ميريام التي تخصصت في تصميم المجوهرات تعرض للمرة الأولى في بلد عربي، وتؤكد أنها تشعر بـ«الحماسة والترقب». تقول إنها أمضت عشرين عاما في مجال تصميم المجوهرات، وتضيف «أن عملها يتضمن تثمين الجواهر والاستشارات، إضافة إلى الجانب الإبداعي الذي تمارسه عبر تصميم مجموعات وقطع حسب الطلب لبعض الزبائن الذين يرغبون في الحصول على قطع مجوهرات متفردة التصميم». درست الأميرة ميريام تاريخ الفنون قبل دخولها مجال تصميم المجوهرات، وتضيف: «أستطيع القول بأنني كنت قريبة من مجال الفن لسنوات طويلة، وأجد فيه وسيلة للتعبير عن أحاسيسي والتعبير عن أفكاري وشخصيتي».
تعرض الأميرة ميريام في «تقارب» بدبي خاتما يتمثل على هيئة قلب منحوت ومعه زهرة: «القلب يبدو للناظر كأنه عنق الزهرة. بالنسبة لي القلوب والأزهار هما رمزان للحب والجمع بينهما يجعل الخاتم وكأنه رسالة حب».
تعلق على مبادرة «جسور ملكية» بإقامة المعرض بقولها: «الفن كان دائما وسيلة للتعبير عن اهتمامات الناس وطريقة للحياة، وأجد أن محاولة الجمع بين فنانين من مختلف أنحاء العالم هو أمر مثير للفكر، أعتقد أن (جسور ملكية) يدرك أهمية التقارب بين الثقافات والشعوب».
من جانبها، تعلق الأميرة سيبيلا من بروسيا لـ«الشرق الأوسط»: «الأمراء والأميرات دائما كانوا إلهاما للقصص الخيالية التي تقدم الحياة من منظور غير واقعي. أما موضوع (جسور ملكية) فهو تقديم الشخصيات الملكية ليس كأبطال قصص خيالية وإنما كأشخاص مهنيين متخصصين وفنانين عالميين، هو مفهوم جديد ومثير أيضا. وبغض النظر عن أن هؤلاء الفنانين ينتمون إلى عائلات ملكية، في النهاية المعرض هو تلاق بين شخصيات من ثقافات وخلفيات متنوعة».
تقول إن العمل الذي تقدمه في معرض «تقارب» يحمل عنوان «البحث عن السعادة»، وهو يحمل أهمية خاصة بالنسبة لها. العمل يعتمد على القصاصات التي تثبت على قطع القماش أو الورق، تقول إنها استمدت موضوع العمل من الزخارف في قصر سانسوسي قرب برلين، وهو أحد أشهر القصور في ألمانيا، بناه الملك فريدرش العظيم ملك بروسيا خلال الأعوام بين 1745 و1747 على نمط فن «روكوكو».
وحسب البيان الصادر عن «جسور ملكية»، فبعد إسدال الستار على معرض الجمهور «تقارُب»، يشهد يوم الأربعاء 30 نوفمبر بالتعاون مع «كريستيز» مزادًا يشمل جميع الأعمال المعروضة، على أن يذهب ريع المزاد لصالح برنامج الأغذية العالمي، وتحديدًا لتلبية احتياجات اللاجئين من الطعام وغيرها من الاحتياجات الطارئة. بعدئذ ستقدّم فرقة «طبالو بوروندي» المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير المادي مع رئيسة البعثة الأميرة أستير كاماتاري من بوروندي وفرقة الباليه الملكية الكمبودية مع مدير الباليه الأمير سيسواث تيسو من كمبوديا فقرات ترفيهية خلال مأدبة العشاء والمزاد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».