القوات العراقية تقتحم الجانب الأيسر من الموصل وتخوض حرب شوارع مع «داعش»

مصادر عسكرية: نواجه نيران القناصة وانتحاريين في عربات مفخخة

تلميذات يمررن في طريقهن إلى المدرسة أمام بئر نفطية أشعلها «داعش» في القيارة جنوب الموصل أمس (رويترز) - راعيان أحدهما يرفع راية بيضاء يقودان قطيعًا من الأغنام لدى اقترابهما من مواقع القوات العراقية على أطراف قرية بزوايا شرق الموصل أمس (رويترز)
تلميذات يمررن في طريقهن إلى المدرسة أمام بئر نفطية أشعلها «داعش» في القيارة جنوب الموصل أمس (رويترز) - راعيان أحدهما يرفع راية بيضاء يقودان قطيعًا من الأغنام لدى اقترابهما من مواقع القوات العراقية على أطراف قرية بزوايا شرق الموصل أمس (رويترز)
TT
20

القوات العراقية تقتحم الجانب الأيسر من الموصل وتخوض حرب شوارع مع «داعش»

تلميذات يمررن في طريقهن إلى المدرسة أمام بئر نفطية أشعلها «داعش» في القيارة جنوب الموصل أمس (رويترز) - راعيان أحدهما يرفع راية بيضاء يقودان قطيعًا من الأغنام لدى اقترابهما من مواقع القوات العراقية على أطراف قرية بزوايا شرق الموصل أمس (رويترز)
تلميذات يمررن في طريقهن إلى المدرسة أمام بئر نفطية أشعلها «داعش» في القيارة جنوب الموصل أمس (رويترز) - راعيان أحدهما يرفع راية بيضاء يقودان قطيعًا من الأغنام لدى اقترابهما من مواقع القوات العراقية على أطراف قرية بزوايا شرق الموصل أمس (رويترز)

خاضت القوات الأمنية العراقية أمس حرب شوارع مع مسلحي «داعش» بعد دخولها أولى المناطق والأحياء السكنية داخل مدينة الموصل، وسيطرتها بالكامل على منطقة الكوكجلي، وتحرير مبنى تلفزيون الموصل، ورفع العلم العراقي فوقه.
وقال قائد عمليات تحرير الموصل «قادمون يانينوى»، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش العراقي وقطعات جهاز مكافحة الإرهاب تمكنت من الدخول إلى أول الأحياء السكنية والمناطق داخل مدينة الموصل، وسيطرت بالكامل على منطقة الكوكجلي، وحررت مبنى محطة تلفزيون الموصل فيما لا تزال القوات المحررة تتقدم باتجاه مناطق أخرى في الجانب الأيسر من المدينة». وأضاف يار الله: «أما في الجانب الغربي من دجلة فقد تمكنت قطعات الفرقة 16 التابعة للجيش العراقي من استعادة السيطرة على قريتي عباس حسين وراحة الأغوات عند مشارف الموصل، وما زال التقدم مستمرًا لحين وصول قطعاتنا إلى داخل المدينة، فيما تقدمت قوات الفرقة التاسعة المدرعة واللواء الثالث التابع للفرقة الأولى من المحور الجنوبي للمدينة، وتمكنت من تحرير مناطق طويلة وشهرزاد والدخول إلى أول الأحياء السكنية الواقعة عند المحور الجنوبي، ووصلت القوات إلى منطقة جديدة المفتي داخل مدينة الموصل».
وأشار يار الله إلى أن «القوات الأمنية تمكنت من قتل مسؤول غرفة عمليات تنظيم داعش المدعو أبو يعقوب مع أحد مرافقيه خلال اشتباكات في منطقة الشلالات داخل مدينة الموصل عند الساحل الأيسر للمدينة». وأضاف أن الساحل الأيسر في الموصل «شهد فوضى غير مسبوقة وسط زخم مروري عالٍ؛ بسبب مرور مركبات باتجاه الساحل الأيمن، خاصة مركبات مدججة بالأسلحة النارية الثقيلة، في مظهر يدلل على عمليات هروب جماعي للتنظيم الإرهابي».
إلى ذلك، أكد ضابط رفيع المستوى في قيادة العمليات المشتركة وشهود عيان أن القوات العراقية تخوض حرب شوارع في المدينة. وقال الضابط إنه «بعد وصول قوات جهاز مكافحة الإرهاب وقوات الفرقة 16 عند مشارف حي الكرامة بعد أن تم تحرير منطقة الكوكجلي بالكامل، توجب قواتنا أن تتقدم بشكل حذر، خصوصًا وأن التنظيم الإرهابي يقوم بنشر (مفارز تعويق) وهذه المفارز تضم قناصة يتمركزون فوق أسطح المباني من أجل إبطاء تقدم قواتنا بشكل سريع إلى المناطق السكنية والأزقة». وأضاف: «هناك مسلحون يختبئون داخل أنفاق تم حفرها من قبل التنظيم الإرهابي استعدادًا لمواجهة قواتنا أثناء عمليات التقدم، كما يقوم التنظيم الإرهابي حاليًا بإرسال عدد من الانتحاريين الذين يقودون عجلات مفخخة تستهدف قواتنا المتقدمة نحو أهدافها المرسومة، وتمكنت طائرات التحالف الدولي من تدمير عدد كبير من تلك العجلات قبل وصولها لطليعة قواتنا المتقدمة». وتابع أن «مسلحي التنظيم بدأوا بالانسحاب التدريجي إلى الجانب الأيمن من المدينة، مصطحبين معهم مئات من العائلات من أجل استخدامها كدروع بشرية، فيما تمكنت العشرات من العائلات من الوصول إلى قواتنا الأمنية، وهناك عدد كبير من العائلات وجدناها ملازمة في منازلها وقد وضعوا رايات بيضاء على واجهات منازلهم وفوق الأسطح، مطبقين التعليمات التي أعطيناها للمدنيين قبل دخولنا إلى الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، وهناك عدد من الأهالي قاموا بمساعدة قواتنا الأمنية عن طريق إبلاغنا بأماكن وجود مسلحي تنظيم داعش ومقراتهم».
وقصفت المدفعية والضربات الجوية المدينة التي ما زال يقطنها 1.5 مليون نسمة، وقال سكان في حي القدس بشرق المدينة إن التنظيم المتشدد لجأ إلى أسلوب حرب الشوارع في محاولة لوقف تقدم الجيش. وقال أحد سكان حي القدس عند المدخل الشرقي للمدينة إن الرصاصات تمرق وتصيب جدران المنازل، ووصف الانفجارات بأنها «مفزعة وتصم الآذان». وأضاف: «يمكننا رؤية مقاتلي (داعش) وهم يطلقون النار باتجاه القوات العراقية ويتحركون في سيارات بين أزقة الحي. إنها حرب شوارع».
ومن قرية الزاوية على مسافة نحو خمسة كيلومترات شرقي الموصل شوهدت أعمدة دخان تتصاعد من الجانب الأيسر للموصل، وسمعت أصوات نيران المدفعية بانتظام. وداخل المدينة قال سكان تحدثوا مع عبر الهاتف إنهم سمعوا أصوات اشتباكات عنيفة منذ الفجر. وقال شاهد إنه رأى تسع سيارات محملة بأسر وأثاث متجهة من الجانب الأيسر للمدينة إلى الجانب الأيمن هربًا من القتال.



ضربات ترمب تتوالى على الحوثيين وتزداد كثافة في مأرب

مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
TT
20

ضربات ترمب تتوالى على الحوثيين وتزداد كثافة في مأرب

مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلتان أميركيتان في نطاق عمل القيادة المركزية التي تتولى ضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

استهلَّت حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الحوثيين أسبوعها الخامس بتكثيف الضربات على خطوط متقدمة للجماعة في محافظة مأرب (شرق صنعاء)، وصولاً إلى أهداف في ضاحية صنعاء الشرقية وأخرى في المرتفعات الواقعة إلى الشرق من الحديدة.

وفي حين جدَّدت الجماعة المدعومة من إيران مزاعمها بمهاجمة القوات البحرية الأميركية، تبنَّت إطلاق مسيرتين باتجاه إسرائيل، وأعلنت الأخيرة اعتراض واحدة منهما، في حين سقطت الأخرى في منطقة أردنية.

وكان ترمب قد أمر الجيش في 15 مارس (آذار) الماضي ببدء الحملة الجديدة ضد الحوثيين، متوعداً بـ«القضاء التام» عليهم، في مسعى لوقف تهديدهم المتصاعد للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ولوقف استهدافهم لإسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيَّرة.

واعترف إعلام الجماعة الحوثية بتلقي 11 غارة في مأرب؛ حيث استهدفت 10 غارات منها مديرية العبدية في جنوب مأرب، في حين استهدفت غارة واحدة موقعاً في مديرية مجزر.

ويُرجح مراقبون عسكريون أن الضربات استهدفت في مديرية العبدية الخطوط الحوثية المتقدمة في مواجهة القوات الحكومية، بما في ذلك التحصينات ومستودعات الأسلحة ومخابئ الصواريخ والطائرات المسيَّرة، كما يُرجح أن الضربة في مديرية مجزر استهدفت منزلاً يتخذه الحوثيون موقعاً للقيادة والسيطرة.

وهذه هي المرة الثانية التي تشن فيها المقاتلات الأميركية ضربات بهذه الكثافة في مأرب خلال أسبوع؛ حيث استهدفت في الأيام الماضية نحو 14 غارة مواقع متفرقة في المحافظة التي تسعى الجماعة للسيطرة فيها على منابع النفط والغاز منذ سنوات.

وفي ريف صنعاء الشرقي، أقرَّ الإعلام الحوثي بتعرض مديرية بني حشيش لثلاث غارات، دون إيراد تفاصيل عن المواقع المستهدفة أو الخسائر، ويعتقد أنها ضربت مخابئ محصنة في جبال المديرية التي تعرضت للقصف أكثر من مرة منذ بدء الحملة الأميركية.

الحوثيون استقبلوا خلال 4 أسابيع أكثر من 400 ضربة أميركية (الجيش الأميركي)
الحوثيون استقبلوا خلال 4 أسابيع أكثر من 400 ضربة أميركية (الجيش الأميركي)

إلى ذلك، قال إعلام الحوثيين إن غارتين استهدفتا شبكة الاتصالات في مديرية برع، شرقي محافظة الحديدة؛ حيث المنطقة التي تضم مرتفعات جبلية يعتقد أن الجماعة تتخذ منها مواقع للرصد والمراقبة البحرية.

وتكون الجماعة الحوثية مع هذه الضربات قد استقبلت منذ منتصف مارس الماضي نحو 415 ضربة جوية وبحرية، تركزت بدرجة أساسية على المخابئ المحصنة، خصوصاً في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة، وكذا قدرات الجماعة عند خطوط التماس، لا سيما في مأرب والجوف.

وطالت الضربات -بدرجة أقل- مواقع وتحصينات ومستودعات وقدرات عسكرية متنوعة في محافظات حجة، والبيضاء، وذمار، وإب، وسط تكتم من الجماعة المدعومة من إيران على حجم خسائرها، مكتفية بذكر أرقام لضحايا تزعم أنهم من المدنيين.

مسيرتان باتجاه إسرائيل

كسراً للتراجع الملحوظ في الهجمات الحوثية -لا سيما الصاروخية- باتجاه إسرائيل، تبنَّت الجماعة ليل الجمعة إطلاق مسيَّرتين باتجاه إسرائيل، وأعلنت الأخيرة اعتراض إحداهما، في حين سقطت الثانية في منطقة أردنية.

وزعم المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، تنفيذ عملية عسكرية نوعية ضد هدفين عسكريين في تل أبيب باستخدام طائرتين من دون طيار من نوع «يافا».

ويأتي تبني هذا الهجوم بعد أيام من تبني هجوم مماثل لم يتحدث عنه الجيش الإسرائيلي، وبعد نحو أسبوعين من توقف الهجمات الصاروخية، إذ أطلقت الجماعة 10 صواريخ فقط منذ 17 مارس الماضي، ما يُشير إلى تراجع قدراتها بفعل الضربات الأميركية.

مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل من مكان غير معروف (إعلام حوثي)
مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل من مكان غير معروف (إعلام حوثي)

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، الجمعة، اعتراض طائرة مسيَّرة اقتربت من إسرائيل من الشرق، وقال إنه لم يتم تفعيل صفارات الإنذار في الأراضي الإسرائيلية.

وفي السياق نفسه، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر عسكري أردني أنه أفاد بسقوط طائرة مسيَّرة مجهولة المصدر في منطقة ماعين بمحافظة مأدبا، على بُعد نحو 30 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة عمّان.

وكان الحوثيون قد دخلوا خط التصعيد الإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ حيث أطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون تأثير عسكري كبير، باستثناء مقتل شخص واحد في تل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي.

كما تبنَّت الجماعة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وحتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، ما أدَّى إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.

زعيم الحوثيين دعا أتباعه للعودة إلى الاحتشاد الأسبوعي في الميادين سعياً لاستعراض القوة والتأييد (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه للعودة إلى الاحتشاد الأسبوعي في الميادين سعياً لاستعراض القوة والتأييد (أ.ف.ب)

وردَّت إسرائيل بـ5 موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين، كان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، واستهدفت مواني الحديدة، ومستودعات الوقود، ومحطات الكهرباء في الحديدة وصنعاء، إضافة إلى مطار صنعاء.

يُشار إلى أن الجماعة بعد بدء سريان الهدنة في غزة توقفت عن مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قبل أن تعود مجدداً للتهديد بشن هجمات جديدة بعد تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة.

مزاعم عن مهاجمة «ترومان»

في سياق المزاعم الحوثية المستمرة بخصوص مهاجمة القوات الأميركية، ادَّعى متحدث الجماعة العسكري يحيى سريع أن جماعته استهدفت، الجمعة، القطع الحربية شمالي البحر الأحمر، وعلى رأسها حاملة الطائرات «هاري ترومان» بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة.

وفي نفي أميركي غير مباشر لمزاعم الحوثيين عن إصابة الحاملة «ترومان»، قالت القيادة المركزية الأميركية عبر منصة «إكس»، إن مجموعة حاملة الطائرات «هاري ترومان» تواصل عملياتها رغم «ادعاءات» الحوثيين.

وكانت القيادة المركزية الأميركية قد بثَّت مقطع فيديو يظهر انطلاق الطائرات من الحاملة «هاري ترومان» لقصف أهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن. كما أعلنت وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» ومجموعتها القتالية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية.

وتُضاف ضربات ترمب إلى نحو 1000 غارة وضربة بحرية كانت الجماعة قد تلقتها خلال عام كامل من إدارة بايدن، ابتداءً من 12 يناير 2024، وحتى توقيع هدنة غزة بين «حماس» وإسرائيل في 19 يناير الماضي.

وفي ظل المزاعم الحوثية أن تصعيدهم البحري وباتجاه إسرائيل يأتي لمناصرة الفلسطينيين في غزة، تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة قفزت باتجاه التصعيد تنفيذاً لأجندة إيران في المنطقة وهروباً من استحقاقات السلام المدعوم أممياً وإقليمياً.

وحسب تقديرات أميركية، يمكن أن تستمر الحملة ضد الحوثيين مدة 6 أشهر لتحقيق أهدافها، لكنَّ مراقبين يمنيين يجزمون بأن الحملة الجوية لن تكون كافية لإنهاء تهديد الحوثيين، وأنه لا بد من عمل بري على الأرض تقوم به القوات الحكومية لاستعادة الحديدة وصنعاء وبقية المناطق اليمنية المختطفة من قبل الجماعة.