«الهالووين».. ابتكرته أوروبا وجعلت أميركا منه عيدًا تجاريًا

بات يركز على الملابس التنكرية والحلوى

الملابس التنكرية أهم ملامح العيد وينفق العديدون أموالا وجهدا لصنع الملابس الغريبة والمخيفة  (أ.ف.ب)
الملابس التنكرية أهم ملامح العيد وينفق العديدون أموالا وجهدا لصنع الملابس الغريبة والمخيفة (أ.ف.ب)
TT

«الهالووين».. ابتكرته أوروبا وجعلت أميركا منه عيدًا تجاريًا

الملابس التنكرية أهم ملامح العيد وينفق العديدون أموالا وجهدا لصنع الملابس الغريبة والمخيفة  (أ.ف.ب)
الملابس التنكرية أهم ملامح العيد وينفق العديدون أموالا وجهدا لصنع الملابس الغريبة والمخيفة (أ.ف.ب)

لم يعد يهتم عيد «الهالووين» لعام 2016 كثيرًا بالأشباح والغول بالمعنى الحرفي بقدر ما بات يهتم بالملابس التنكرية والحلوى. ولقد خصص ذلك اليوم أصلا للاحتفال بنهاية موسم الحصاد، وبداية فصل الشتاء؛ وكانوا يعتقدون أن هذه الفترة الانتقالية بين الفصول بمثابة جسر يربطنا بعالم الموتى. وبعد الألفية تحول ذلك العيد من طقس وثني إلى يوم بهجة واحتفال، وملابس تنكرية، ومسيرات، وحلوى، لكل من الأطفال والبالغين.
عيد «الهالووين» هو عيد يتم الاحتفال به في مساء يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول)، ويكون ذلك عادة بارتداء الأطفال للملابس التنكرية، ودقهم على الأبواب لجمع الحلوى. ويتم الاحتفال بهذا العيد في كثير من الدول الغربية، رغم أنه أكثر شهرة في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وجمهورية أيرلندا، وكندا، وأحيانًا في أستراليا، ونيوزيلندا. أدخل الأيرلنديون، والاسكتلنديون، وغيرهم من المهاجرين معهم أشكالا قديمة من ذلك التقليد إلى أميركا الشمالية خلال القرن التاسع عشر. وتبنت أكثر الدول الغربية الأخرى عيد «الهالووين» كجزء من الثقافة الأميركية العصرية في نهاية القرن العشرين.
واسم عيد «الهالووين» مشتق من كلمة «هالو - اين»، القديمة والتي لا تزال مستخدمة في اسكتلندا، وبعض الأجزاء من كندا، من «ليلة أول هالو»، التي تشير إلى اليوم السابق لعيد «الهالووين»، الذي كان يحتفل به بعض المسيحيين، ومنهم الروم الكاثوليك، وهو مشتق من عبارة «كل الأرواح المقدسة».
وكان اسم العيد في أيرلندا، هو «ليلة المقدسين»، ولا يزال بعض كبار السن يستخدمون هذا الاسم. وكان يُطلق على العيد في بعض الأحيان «ليلة جميع القديسين».
أما في المكسيك، فعيد «الهالووين» هو العيد الذي يأتي بعد «الهالووين»، وهو يوم الموتى. كذلك يطلق على هذا العيد اسم «ليلة الحلوى» في بعض المناطق في أيرلندا. ومن المرجح أنه تمت تسميته باسم «بوكا» وهي روح شريرة.
وفي المملكة المتحدة، كانوا يحتفلون بيوم الموتى بالتزامن مع ذلك اليوم. وكانوا يعتقدون أن الأرواح تُبعث من الموت، ولجذبها، كان يتم ترك الطعام على الأبواب. على الجانب الآخر، كان الكلت يرتدون أقنعة لإبعاد الأرواح الشريرة. وعندما غزا الرومان بريطانيا، أضافوا بصمتهم على ذلك التقليد، وكانت تتمثل في الاحتفال بالحصاد، وتكريم الموتى.
ووصلت هذه الطقوس إلى الولايات المتحدة. وتحتفل مقاطعة أنوكا، في ولاية مينيسوتا بالولايات المتحدة، التي أطلقت على نفسها اسم «عاصمة عيد الهالووين على مستوى العالم»، بتنظيم مسيرة مدنية حاشدة. وأحيانًا يرتبط هذا اليوم بالغموض. وبحسب الكثير من التقاليد الثقافية الأوروبية، يعد عيد «الهالووين» وقتا «بينيا» من العام تستطيع الروح خلاله الاتصال بعالم الأحياء، ويكون السحر خلال ذلك الوقت في أقوى حالاته.
الهالووين في 5 نقاط:
1- عيد «الهالووين» واحد من أقدم الاحتفالات في العالم، حيث يعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حيث كان يحتفى فيه بالموتى. وكان يتم إقامة مهرجان في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أول يوم في السنة الكلتية.
2- ويُعزى تقليد ارتداء أقنعة ذلك اليوم إلى الاعتقاد بأن الموتى يزورون الأحياء يوم 31 أكتوبر، لذا كان الغرض من ارتداء الأقنعة هو منع الأرواح من التعرف على الأحياء.
3- عيد «الهالووين» هو ثاني عيد ناجح تجاريًا بعد عيد الميلاد «كريسماس».
4- وصل عيد «الهالووين» إلى أميركا الشمالية على أيدي المهاجرين القادمين من أوروبا، والذين كانوا يحتفلون بالحصاد بالتجمع حول النار، ورواية قصص الأشباح، والغناء، والرقص، وقراءة الطالع.
5- ويُعتقد أن أصل تقليد الخدعة أو الحلوى لا يمت بصلة للكلت، لكنه يعود إلى عادة أوروبية خلال القرن التاسع، تسمى «عمل كعك الأرواح». في الأول من نوفمبر، في عيد جميع الأرواح، كان المسيحيون الأوائل يسيرون من قرية إلى قرية للتسول، والحصول على «كعك الأرواح» المصنوع من السكر، والخبز، والزبيب. وكلما زاد عدد الكعك، الذي يحصل عليه الشحاذون، زادوا من الدعاء لأقرباء المتبرعين المتوفين. وكان هناك اعتقاد سائد في ذلك الوقت بأن الميت يظل عالقًا بين عالم الأحياء والأموات بعد وفاته، وأن هذا الدعاء، حتى لو كان من شخص غريب، يحرر روحه، ويساعدها في العبور إلى الجنة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».