أعرق المجلات المصرية تبرز دور السعودية خلال العدوان الثلاثي

{المصور} ساهمت بمطبوعاتها في صياغة فكر وثقافة أجيال كثيرة

غلاف مجلة المصور
غلاف مجلة المصور
TT
20

أعرق المجلات المصرية تبرز دور السعودية خلال العدوان الثلاثي

غلاف مجلة المصور
غلاف مجلة المصور

في إصدار مهم جسد لحظات تاريخية عاشتها مصر مع الدول العربية، وبخاصة المملكة العربية السعودية، أصدرت مجلة «المصور» التابعة لمؤسسة «دار الهلال» الصحافية العريقة عددا تذكاريا بعنوان «60 عاما على العدوان الثلاثي 1956». وتضمن ملفا بعنوان «العرب في المواجهة» ضم تقريرا بالصور بعنوان «الملك سعود في قلب المعركة». وذكرت المجلة في مقدمة الملف أن «التاريخ لن ينسى كلمة الملك الراحل سعود بن عبد العزيز التي قال فيها: أنا مع مصر بكل ما أملك».
تأسست «دار الهلال» القابعة في ضاحية السيدة زينب بوسط القاهرة عام 1892، وساهمت بمطبوعاتها الكثيرة في صياغة فكر وثقافة ووجدان أجيال كثيرة، وكانت ولا تزال قبلة رموز الفكر والفن والأدب والصحافة والسياسة. وتردد عليها الرئيس الأسبق أنور السادات، وكوكب الشرق أم كلثوم، ونجيب محفوظ، وعباس العقاد، وطه حسين، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، حيث كانت تعقد ولا تزال ندوات للاحتفاء بكبار الشخصيات المصرية والعربية.
وتعد مجلة «المصور» من أعرق المجلات في مصر، وصدر العدد الأول منها في عام 1924، وتضم مؤسسة دار الهلال مجلات: «الهلال» الشهرية، وصدر العدد الأول منها عام 1892، ومجلة «الكواكب» عام 1932، ومجلة «حواء» عام 1955.
ومن أبرز ما أصدرته «المصور» خلال العامين الماضيين من أعداد تذكارية، عدد تاريخي بعنوان «90 عاما من العلاقات المصرية السعودية.. مصر العروبة والإسلام»، وذُيل غلاف العدد بعبارة للملك الراحل عبد العزيز آل سعود جاء فيها: «جيش مصر هو جيشكم، وجيشكم هو جيش مصر، وحضارة مصر هي حضارتكم، وحضارتكم هي حضارة مصر.. والجيشان والحضارتان جند العرب»، كما تضمن العدد التذكاري صورا نادرة لزيارة الملك الراحل لمصر عام 1946.
خبراء الإعلام أكدوا أن «المصور» تصدر هذه الأعداد التذكارية لتذكير الأجيال الجديدة بإسهامات أبطالها أو أحداثها أو مواقف دولية معينة، في محاولة منها لجذب القارئ، وإحياء التراث الصحافي الأصيل.
كما أصدرت عددا تذكاريا عن «قناة مصر.. قناة السويس»، وآخر عن «جيش مصر»، وثالث عن «ناصر وهؤلاء»، وعددين عن إنجازات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال العام الأول والثاني من حكمه، فضلا عن إصدارها التاريخي بعنوان «الزواج الملكي» الذي روى تفاصيل زواج الملك فاروق من الملكة فريدة، وطُعّم غلاف العدد بالذهب.
العدد الأخير لـ«المصور» تحدث عن دور السعودية التاريخي خلال العدوان على مصر، ذاكرا أنه في 30 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1956 صدر بيان عن المملكة بإعلان التعبئة، كما اتصل الملك الراحل سعود بالرئيس الأسبق جمال عبد الناصر هاتفيا، موضحا أن «المملكة حكومة وشعبا جاهزة لتقديم كل ما تطلبه مصر.. ثم أرسل برقية في اليوم نفسه يؤكد فيها (أننا وقواتنا وكل إمكاناتنا حاضرون للمعاونة لرد العدوان، فعلى الباغي تدور الدوائر)».
وبعد بيان المملكة وصل إلى مصر الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين متطوعا، وكان وقتها أميرا للرياض، وأيضا الأمير فهد بن عبد العزيز وزير المعارف حينها بالمملكة، والأمير سلطان بن عبد العزيز، والأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية آنذاك، وآخرون ضمن فرقة سُميت بفرقة «المجاهدين السعوديين للدفاع عن الوطن العربي»، كما تقدم كثيرون من الشعب السعودي للتطوع داخل هذه الفرقة.
وتكمل «المصور» في عددها، عندما تطورت الأمور باشتراك بريطانيا وفرنسا مع إسرائيل في العدوان على مصر، قامت المملكة بقطع علاقتها الدبلوماسية والسياسية مع كلتا الدولتين، ومنعت السعودية جميع الطائرات التابعة لشركات رأسمالها فرنسي أو بريطاني من الطيران في أجواء المملكة، كما أوقفت شحن النفط إليهما، ليس هذا فحسب؛ بل أوقفت المملكة ضخ النفط لمعامل التكرير بالبحرين التي كانت تقع تحت الحماية البريطانية. وتتحدث المجلة عن أنه في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما حلت مناسبة الاحتفال بتولي الملك الراحل سعود مقاليد الحكم، تم منع مظاهر الاحتفالات التي كانت مقررة، وتم تخصيص هذه المبالغ للمجهود الحربي العربي. كما لجأ الملك سعود لممارسة الضغوط السياسية على حكومة الولايات المتحدة، فطلب من الرئيس الأميركي أيزنهاور التدخل السريع والفوري لإيقاف العدوان على مصر. وعندما اجتمعت القمة العربية في لبنان لتأييد مصر ودعمها ضد العدوان ولم يحضرها عبد الناصر لظروف العدوان، قال الملك سعود: «إننا نؤيد كل التأييد مصر، إننا نمثل في هذا الاجتماع الرئيس عبد الناصر لأنه وضع ثقته فينا جميعا.. ونرجو من الله أن يوفقنا لأجل نصرة العرب».
وذكرت «المصور» أنه عندما زار رئيس باكستان إسكندر ميرزا الرياض في 12 نوفمبر والتقى الملك سعود ودارت المحادثات بشأن تصفية الأجواء في منطقة الشرق الأوسط، رفض الملك سعود إقرار أي سياسات جديدة بالمنطقة قبل جلاء القوات الأجنبية عن مصر، وقال نصا لرئيس باكستان: «دع القوات الأجنبية ترحل عن مصر وبعدها نبحث الأمر».
وتحدثت المجلة المصرية عن لقاءات متعددة بين الملك سعود والسفير المصري بجدة وقتها عبد الجواد طبالة في 25 و26 ديسمبر (كانون الأول)، وأعرب الملك سعود عن عظيم سروره واغتباطه بانتصار مصر على العدوان الثلاثي. كما ذكر الملك سعود أن إحدى زوجاته وهي أم الأمير منصور وبناتها، صمن ثلاثة أيام شكرا لله على جلاء المعتدين من مدينة بورسعيد المصرية. وقد قال الملك سعود: إنه «لن يرسل قطرة واحدة من النفط حتى تنسحب القوات المعتدية عن مصر.. وأقسم أنه يخسر يوميا مليون دولار بسبب قطع النفط عن إنجلترا وفرنسا؛ لكن هذا لا يساوي شيئا بالنسبة للواجب الديني والأخوي المفروض عليه نحو مصر».
في ذات السياق، تقوم مجلة «المصور» بإعادة طبع ملاحق صدرت من قبل في مناسبات تاريخية، مثل ملاحق «جمال عبد الناصر، ومصطفى كامل، والخديو إسماعيل، وفيروز، والنقشبندي، والشيخ محمد رفعت، وسعد زغلول، وأحمد عرابي، وطلعت حرب». ولمركز «التراث» الذي دشنته «دار الهلال» دور كبير في إمداد المجلة بالصور النادرة والتاريخية، سواء للأعداد التذكيرية أو الملاحق الخاصة.
من جهته، أكد غالي محمد رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، رئيس تحرير مجلة «المصور»، أن «الأعداد التذكارية والملاحق تمثل مكتبة متنقلة لكثير من الباحثين والقراء في مصر والعالم العربي، نظرا لما يتم نشره من معلومات وصور نادرة لم يتم نشرها من قبل، أو نشرت ومرت عليها سنوات طويلة»، لافتا إلى أن «العدد التذكاري الأخير أبرز دور المملكة بالوقوف بجوار مصر خلال العدوان الثلاثي، وهو الموقف الذي جسد معاني تاريخية كثيرة، كان لا بد من إبرازها للتاريخ وللأجيال الجديدة».



تساؤلات حول تملّك «إكس إيه آي» منصة «إكس»

شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)
شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)
TT
20

تساؤلات حول تملّك «إكس إيه آي» منصة «إكس»

شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)
شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)

أثار إعلان رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، استحواذ شركته الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» على منصة «إكس» تساؤلات عدة بشأن الهدف من الاستحواذ، وتأثير ذلك على دقة المعلومات. ومردّ التساؤلات التقارير التي تشير إلى انتشار المعلومات المضللة على منصة «إكس»، ما عدّه خبراء «تحدّياً» يواجه دقة المعلومات المولَّدة بالذكاء الاصطناعي.

«إكس إيه آي» استحوذت على منصة «إكس» في صفقة قيمتها 33 مليار دولار، ما من شأنه تعزيز قدرة «إكس إيه آي» على تدريب روبوت الدردشة الخاص بها المعروف باسم «غروك».

ولقد كتب ماسك، في منشور على «إكس»، أخيراً، «مستقبلاً (إكس إيه آي) و(إكس) مترابطتان. اليوم، نتخذ رسمياً خطوة دمج البيانات والنماذج والحوسبة والتوزيع والمهارات». وأضاف أن «الدمج يقيِّم (إكس إيه آي) عند 80 مليار دولار و(إكس) عند 33 مليار دولار». وتابع أن «عملية الاستحواذ من شأنها فتح إمكانات هائلة من خلال جمع قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة وخبرة (إكس إيه آي) مع الانتشار الواسع النطاق لمنصة (إكس)». ومعلوم أن عدد مستخدمي «إكس» يربو حالياً على 600 مليون مستخدم.

ماسك كان قد أطلق «إكس إيه آي» عام 2023 بعد الجدل الذي صاحب إطلاق شركة «أوبن إيه آي» برنامج الذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي» بنهاية عام 2022.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» علّقت ليلى دومة، الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، بالقول إن استحواذ شركة الذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» على منصة «إكس» يأتي «انعكاساً لطموح مالكهما، إيلون ماسك، الرامي لتعزيز تكامل الذكاء الاصطناعي في الحياة الرقمية اليومية». وأردفت: «هذه الخطوة قد تتيح فرصاً مثيرة لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي تستفيد من التفاعل المباشر مع المستخدمين، لكنها في الوقت نفسه تطرح تحدّيات كبيرة، خصوصاً فيما يتعلق بدقة المعلومات وموثوقيتها».

وأوضحت أن «القلق الأكبر بهذا الشأن يتعلق بتأثير انتشار المعلومات المضللة على منصة (إكس)... ذلك أنه منذ استحواذ ماسك على (إكس) لاحظ الكثيرون زيادةً في المحتوى غير الموثوق».

ومن ثم شرحت دومة أنه «ما لم تتوافر آليات واضحة لضبط جودة البيانات المستخدَمة في تدريب الذكاء الاصطناعي، فقد يؤدي ذلك إلى نماذج غير دقيقة أو حتى متحيزة». واستطردت: «وثمة جانب آخر لا يمكن تجاهله، هو الخصوصية. فإذا كانت (إكس) ستعتمد على بيانات المستخدمين، فسيكون من الضروري أن تلتزم بمعايير واضحة تحمي حقوق الأفراد، خصوصاً بوجود قوانين صارمة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات». كما رهنت دومة نجاح هذا الاستحواذ بـ«مدى قدرة (إكس إيه آي) على تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية... فإذا لم تُعالَج التحديات بجدّية فقد تتحوَّل هذه الخطوة إلى مصدر قلق بدلاً من أن تكون تطوراً إيجابياً في مجال الذكاء الاصطناعي».

يُذكر أن ماسك كان قد امتلك «تويتر» (إكس حالياً) مقابل 44 مليار دولار في أواخر عام 2022، واستخدم شبكة التواصل الاجتماعي هذه لدعم حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية. وبالفعل، تعرَّضت «إكس» أخيراً إلى انتقادات إثر قرارات ماسك التي «أسهمت في ازدياد نشر المعلومات المضللة»، بحسب مراقبين.

محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، أشار من جهته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ماسك يرى أن مستقبلي الشركتين (إكس إيه آي، وإكس)، «متشابكان». وأوضح أن «ماسك يهدف من خلال الاستحواذ إلى دمج قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لـ(إكس إيه آي) مع الانتشار الواسع النطاق لمنصة (إكس)، كما يهدف إلى إنشاء تطبيق تكاملي يجمع بين وسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي، والخدمات مالية».

وتابع فتحي أن «(إكس إيه آي) تعتمد في تطوير برنامج الدردشة الآلي (غروك) على بيانات منصة (إكس)، ما يجعل الاستحواذ خطوةً منطقيةً لتعزيز قدرات البرنامج، وهذا بالإضافة إلى أن هذه الخطوة تعدّ مناورةً من ماسك لتحسين وضعه المالي، من خلال الاستفادة من التقييمات المتزايدة لشركات الذكاء الاصطناعي».

وفيما يتعلق بانتشار «المعلومات المضللة»، قال فتحي: «هذا يشكل تحدياً كبيراً أمام أنظمة الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن تؤدي تغذية هذه الأنظمة ببيانات غير دقيقة إلى توليد معلومات مضللة، وبالنظر إلى اعتماد (غروك) على بيانات (إكس)، فإن وجود عدد كبير من المعلومات المضللة على المنصة قد يؤثر سلباً على دقة المعلومات التي يولدها البرنامج». وأردف قائلاً: «إن ضمان دقة المعلومات المولَّدة بالذكاء الاصطناعي يتطلب اتخاذ إجراءات تَحقُّق من صحة البيانات المستخدَمة في تدريب الأنظمة، وتنفيذ آليات للكشف عن المعلومات المضلّلة، وتصفيتها».