نقاش فكري ومتعة موسيقية في مهرجان «الأندلسيات الأطلسية» بالصويرة

الدورة الـ13 احتضنت «ريموند البيضاوية» وتذكرت سامي المغربي وموريس مديوني الجزائري

من فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» بالصويرة  في دورته الـ13 («الشرق الأوسط») - متعة فنية ميزت فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» («الشرق الأوسط»)
من فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» بالصويرة في دورته الـ13 («الشرق الأوسط») - متعة فنية ميزت فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» («الشرق الأوسط»)
TT

نقاش فكري ومتعة موسيقية في مهرجان «الأندلسيات الأطلسية» بالصويرة

من فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» بالصويرة  في دورته الـ13 («الشرق الأوسط») - متعة فنية ميزت فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» («الشرق الأوسط»)
من فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» بالصويرة في دورته الـ13 («الشرق الأوسط») - متعة فنية ميزت فعاليات «الأندلسيات الأطلسية» («الشرق الأوسط»)

للمرة الـ13، حضرت كل توابل المتعة الفنية في مهرجان «الأندلسيات الأطلسية»، الذي تواصلت فعالياته على مدى ثلاثة أيام، بالصويرة المغربية، مقترحة على جمهورها، المتنوع والنوعي، لحظات للتفكير والنقاش وفقرات فنية تشترك في الأداء الراقي، أداها فنانون مغاربة، مسلمون ويهود، تأكيدًا لتنوع وتعايش ميز تاريخ المغرب منذ غابر القرون.
ويقول المنظمون إن «مدينة الرياح (اللقب الذي تعرف به مدينة الصويرة)» ظلت «تهدي زوارها، منذ 13 سنة، مهرجانًا فريدًا، هو الوحيد في العالم الذي يبسط منصته للشعراء والمغنين والموسيقيين، مسلمين ويهودًا، حيث يحكون لنا، بأسلوبهم الخاص، عن فن الحياة الجماعية، حيث ميزة التشارك وتقديم الموسيقى والثقافة في أبهى ألوانها المعبرة عن مقاومة الانكماش أو النسيان أو الانكسار».
وفي حين حمل حفل اختتام دورة هذه السنة، ليلة أمس، عنوان «عيد الموسيقى الأندلسية»، فقد تميزت ليلة الافتتاح بفقرتين موسيقيتين، حملتا عنواني «شكرا سامي» و«فرجة من الفلامنغو»، تم خلال الأولى استحضار فنان مغربي ترك بصمته في المشهد الفني المغربي المعاصر، هو سامي المغربي، ذو الديانة اليهودية، الذي ولد عام 1922 بمدينة آسفي المغربية، وتوفي في 2008 بمونتريال الكندية، ويحسب له أنه قدم ريبورتوارا موسيقيا، يمتح من الشعبي والأندلسي، بشكل خاص، بشكل يقترح على عشاقه لكنة تبرز التنوع الذي ميز المغرب، على مدى تاريخه، خصوصا من جهة حضور المكون اليهودي؛ فيما تفاعل الجمهور الغفير مع جمع راق بين الموسيقى والرقص، يميز فن الفلامنغو، الذي يحيل في جانب منه على حضور عربي ومسلم في الأندلس، من أداء روزاريو طوليدو.
وبين الاختتام والافتتاح، كان الموعد مع فقرات موسيقية حملت عناوين مثيرة للاهتمام، شدت جمهورًا متعطشًا، من قبيل «موسيقى السعادة»، التي خصصت لتكريم الفنان الجزائري موريس مديوني، و«سفر عبر المتوسط» و«بحثًا عن آخر مواليد المجموعات الأندلسية» و«من إشبيلية إلى الصويرة».
وكما جرت العادة، فقد خصصت صباحيات المهرجان للنقاش الفكري في إطار «منتدى الأندلسيات»، الذي عرف مشاركة مثقفين ورجال فكر وسياسة، تناولوا بالعرض والنقاش مضمون وتوجه الأفكار التي سعت المظاهرة، منذ انطلاقتها، إلى طرحها والاحتفاء بها؛ حيث ركزت دورة هذه السنة، في موضوعها العام، على عنوان «الثقافة في قلب انكماش المجتمع المغربي: اختيارات وآمال الصويرة»، مشيرة، في أرضيتها، إلى أنه «فيما يأخذ الاختلاف والصراع والفكر الوحيد مكانه، في أكثر من منطقة في العالم، اعتادت الصويرة أن تجمع، بمناسبة «الأندلسيات الأطلسية»، نخبة من المثقفين والفنانين والمفكرين ورجال الدولة، وأيضًا، مواطنين عاديين، يحولون صباحات أيام المظاهرة إلى صباحيات فكرية تجمع المدافعين عن قيم السلام وثقافة الحق والاختلاف والعيش المشترك والتقريب بين الحضارات. وقال إندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس المؤسس لـ«جمعية الصويرة موغادور»، إن «دورة هذه السنة من (الأندلسيات الأطلسية) تتميز بقدرتها اللامتناهية على قول: «لا» لفاقدي الذاكرة، وعلى أن تفتح ذراعيها لمن يقول: «نعم» لعيد الذاكرة المستعادة ولسعادة أن نكون مجتمعين».
من جهته، شدد عبد السلام المخلوفي، المدير الفني للدورة، على أن «المغرب كان دوما وأبدًا، أرضًا للتعايش والتساكن والتقاسم أيضًا، بين ثقافات مختلفة وحضارات من أعراق متنوعة، ولا شك أن الإرث الموسيقي اليهودي المغربي، كان نتاجًا طبيعيًا لهذا التعايش والتساكن والتقاسم، ويذكرنا بجلاء بلحظات الفرح الجماعية التي عاشها المغاربة فيما بينهم، بغض النظر عن أصولهم وأعراقهم، وهي اللحظات التي استرجعتها الدورة الثالثة عشرة، من خلال استحضار أغاني سامي المغربي، بصوت الديفا سناء مرتحي، في وقفة استعادة لذاكرتنا الجماعية».
وأشار الخلوفي إلى أن دورة هذه السنة شكلت «دعوة مفتوحة لاستعادة الذاكرة وتقاسم لحظات فرح جماعي لن تنسى ولن تنمحي»، مشددًا على أنه، بما أن المظاهرة هي «موعد للفرح الجماعي»، فقد «سعدت باستقبال صوت مميز وآسر، طبع الأغنية المغربية الشعبية، منذ سنوات كثيرة، الفنانة ريموند البيضاوية، التي تذكرنا جميعا بحلاوة الانتماء لأرض طيبة اسمها المغرب»، مبرزًا أن «الوفاء يبقى من العناوين البارزة في هذه الدورة، وهو قيمة حاضرة دومًا وأبدا في كل دورات (الأندلسيات)، لذلك تم تكريم العازف والمطرب والملحن الوهراني موريس مديوني، بحفل ممهور بتوقيع صويري».
وأخذًا بعين الاعتبار أهداف «الأندلسيات الأطلسية»، التي يبقى على رأسها «توثيق أواصر العلاقات التاريخية العربية الإسلامية اليهودية»، فإنه يحسب للمظاهرة أنها استطاعت أن تبرز نموذجًا فنيًا، غنيًا ومتفردًا ومتنوعًا، في ماضيه، يمنح مدينة الصويرة، في الوقت الحاضر، فرصة استعادة واستحضار تلاقح ثقافي أثري للحظات مهمة من تاريخ منطقة الغرب الإسلامي، أو، كما يقول أندريه أزولاي: «إنعاش الذاكرة واسترجاع نفحات حضارية مشرقة من فترات التعايش والتمازج الثقافي، بدل الصور الكارثية التي أصبحت تتصدر وسائل الإعلام».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».