إطلاق مشروع «بورتو البحر الميت» لـ«عامر غروب» المصرية بـ1.12 مليار دولار

وزير الطاقة الأردني: تدفق الغاز المصري العام الحالي لم يتجاوز 32 مليون قدم مكعب يوميا

إطلاق مشروع «بورتو البحر الميت» لـ«عامر غروب» المصرية بـ1.12 مليار دولار
TT

إطلاق مشروع «بورتو البحر الميت» لـ«عامر غروب» المصرية بـ1.12 مليار دولار

إطلاق مشروع «بورتو البحر الميت» لـ«عامر غروب» المصرية بـ1.12 مليار دولار

وضع رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، أمس الاثنين، حجر الأساس لمشروع «بورتو البحر الميت» التابع لشركة مجموعة عامر «عامر غروب» المصرية الرائدة، والذي يأتي تحت شعار «القلب النابض في البحر الميت»، ضمن سلسلة مشاريع بورتو العملاقة التي تنفذها «عامر غروب» في مصر والشرق الأوسط والمغرب العربي، والتي تتضمن كلا من بورتو مارينا وبورتو السخنة وبورتو كايرو - (القاهرة الجديدة) وبورتو مطروح وبورتو شرم الشيخ وبورتو 6 أكتوبر وبورتو نيوكايرو، وبورتو طرطوس في سوريا وبورتو أغادير في المغرب.
وقال النسور إن هذا المشروع سيساعد على توطيد وتقوية العلاقات المصرية الأردنية في المجال الاقتصادي عامة وفي القطاع السياحي بصفة خاصة، قائلا «إن العلاقات الاقتصادية هي التي توحد الدول وليست السياسية». وأبدى النسور - في كلمة له خلال حفل وضع حجر أساس المشروع، ثقته الكبيرة في المجموعة ومصداقيتها، مؤكدا على أن هذا المشروع السياحي الضخم سيعود بالنفع على كلا البلدين.
وقال إن مصر تعد أكبر دولة في العالم تمتلك آثارا سواء تاريخية أو فرعونية أو دينية أو غيرها، كما أن الأردن هو الآخر غني بالعديد من المعالم الأثرية، ويجب على الطرفين دفع التعاون السياحي قدما إلى الأمام نظرا للعلاقات الوطيدة القائمة بينهما، علاوة على القرب الجغرافي الكبير، معربا عن تفاؤله الكبير بنجاح هذا المشروع. وأبدى رئيس الوزراء الأردني الاستعداد الكبير لتقديم كل أشكال الدعم والتسهيلات اللازمة من أجل إقامة هذا المشروع الضخم، مشيرا إلى أنه من المنتظر أن يتم إنجاز المرحلة الأولى من المشروع خلال 6 أشهر.
ومن جهته، قال منصور عامر، رئيس مجلس إدارة المجموعة «إننا جئنا إلى الأردن لاكتشاف جماله»، مؤكدا التزام مجموعته بتقديم «بورتو البحر الميت» كمرفق سياحي فريد بمقاييس عالمية لإسعاد كل أفراد الأسرة، وليكون قادرا على إحداث نقلة نوعية في قطاع السياحة الأردني عموما ومنطقة البحر الميت بصفة خاصة ليكون القلب النابض لها. وأضاف عامر أنه «من خلال خبرتنا الطويلة في تصميم وتنفيذ المقاصد السياحية والترفيهية المتميزة لكل أفراد العائلة، سنقدم مفهوما جديدا للمنتج السياحي في الأردن، الأمر الذي نجحنا في تحقيقه في العديد من دول المنطقة من خلال مشروعات بورتو»، مشيرا إلى أن المشروع سوف يوفر 8 آلاف فرصة عمل مستدامة لأبناء الأردن، موضحا أن المرحلة الأولى ستتم بمجرد الحصول على التراخيص اللازمة وسوف تستغرق 6 أشهر.
وتبلغ التكاليف الإجمالية للمشروع 800 مليون دينار أردني (أي ما يعادل مليارا و125 مليون دولار أميركي)، فيما تبلغ تكاليف المرحلة الأولى 60 مليون دينار، وسوف يوفر نحو 6 آلاف فرصة عمل مستدامة بعد التشغيل، إضافة إلى آلاف فرص العمل أثناء التشييد.
ويعد «بورتو البحر الميت» المشروع السياحي الأضخم من نوعه في المنطقة، وأحد أكبر المشاريع الاستثمارية في الأردن، كما أنه سيكون بمثابة أول مدينة سياحية متكاملة على شاطئ البحر الميت، إلى جانب المساهمة في تطوير هذه المنطقة. وسوف يساعد المشروع في تحريك عجلة الاقتصاد الأردني من خلال تعزيز قطاع السياحة وزيادة الطاقة الاستيعابية الإجمالية لفنادق المملكة وجذب المزيد من الاستثمارات الإقليمية والعالمية إلى الأردن، بالإضافة إلى خلق آلاف الوظائف للأردنيين.
ويوفر المشروع الذي يمتد على مساحة 800 ألف متر مربع باقة متنوعة من المرافق السياحية العائلية التي تضم إلى جانب الفندق آلاف الشقق الفندقية و20 مطعما ومقهى عالميا ومراكز تجارية ضخمة ومركزا علاجيا عالميا ومرافق طبية ومدينة ألعاب ترفيهية وناديا للفروسية والرماية وملاعب رياضية متنوعة، بالإضافة إلى 20 بركة سباحة من بينها أربع مخصصة للسيدات وأربع بحيرات، وأكبر نافورة راقصة في المملكة، وأول مجمع لصالات السينما في منطقة البحر الميت، كما سيشهد إقامة كرنفالات «بابا بورتو» الشهيرة والحافلة بالتسلية لكل أفراد العائلة على مدار العام.
من جهة أخرى، بدأت في منطقة البحر الميت أمس فعاليات مؤتمر الصخر الزيتي الدولي الثاني الذي تنظمه سلطة المصادر الطبيعية للبحث في صناعة الصخر الزيتي والتحديات التي تواجهها. وقال وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني محمد حامد إن معدل تدفق الغاز المصري العام الحالي لم يتجاوز 32 مليون قدم مكعب يوميا مقارنة مع 82 مليون قدم مكعب يوميا العام الماضي، واصفا هذه الأرقام بالمتدنية جدا، وأنها تضع أعباء كبيرة على الموازنة العامة للدولة، مؤكدا أن وجود الغاز الطبيعي في المنطقة سيغير قواعد اللعبة وسيستفيد الأردن منها مستقبلا من خلال منظومة موانئ ومنشآت يعمل على تجهيزها.
وأضاف خلال الافتتاح أن فاتورة الطاقة تشكل نحو 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أرقام كبيرة تؤثر على تنافسية الصناعة الوطنية، وأن الجهود الحالية تتجه نحو خفض كلفة الطاقة بزيادة مصادر الطاقة المحلية التي لا تتجاوز 3 في المائة حاليا. وأشار الوزير حامد إلى أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة تسعى إلى رفع مساهمة مصادر الطاقة المحلية في خليط الطاقة الكلي إلى 36 في المائة عام 2020، مقابل 64 في المائة طاقة مستوردة عند ذلك التاريخ.
من جانبه، قال مدير عام سلطة المصادر الطبيعية الدكتور موسى الزيود إن المؤتمر يأتي في وقت تشهد فيه مشاريع الاستثمار في خام الصخر الزيتي تطورا ملحوظا على المستوى العالمي من قبل الشركات والدول التي تمتلك احتياطيات ضخمة، وتوجيه المزيد من الموارد نحو أنشطة الاستكشاف والتنقيب. وأضاف أن الجهود منصبة، في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة، على رفع مساهمة المصادر المحلية في خليط الطاقة الكلي والذي يسهم فيه الصخر الزيتي بنسبة 10 في المائة.
وعرض المشاريع المرتقبة في مجال الصخر الزيتي، وقال إن شركة «الأردن للصخر الزيتي» المملوكة لشركة «شل» العالمية أنهت مرحلة الاستكشاف، والآن هي في مرحلة التقييم، فيما تعمل شركة «إنيفيت» الإستونية على إنشاء محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية باستطاعة 540 ميغاوات عام 2017. وقال إن «إنيفيت» تعمل أيضا على إنتاج النفط من الصخر الزيتي بقدرة 19 ألف برميل يوميا عام 2017 ترتفع إلى نحو 38 ألف برميل عام 2019.
وأضاف أن الائتلاف الصيني - الإماراتي يؤسس أيضا لإنشاء محطة للطاقة عام 2017 باستطاعة 900 ميغاوات، كما يعمل على تأسيس مشروع لتقطير الصخر الزيتي الطبيعي لإنتاج النفط. وأشار إلى مساهمة شركة «الكرك الدولية»، وقال أن الشركة تخطط لإنتاج نحو 15 ألف برميل عام 2017 ترتفع إلى نحو 50 ألف برميل عام 2020. كما أشار إلى أن الشركة السعودية العربية للصخر الزيتي ستبدأ الإنتاج بنحو 2650 برميل نفط يوميا، وتصل إلى 30 ألف برميل يوميا خلال سبع سنوات من بدء الإنتاج.
ويقدر احتياطي الأردن من الصخر الزيتي بنحو 70 مليار طن توجد على أعماق قريبة من السطح - وهو ما يعتبر رابع أضخم احتياطي في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا - موزعة على 24 موقعا في مختلف أنحاء المملكة.
وكانت الحكومة وقّعت مع شركة الأردن للصخر الزيتي «جوسكو»، المملوكة من قبل شركة «شل»، اتفاقية امتياز لمنحها الحق الحصري للتنقيب عن الصخر الزيتي العميق. وقد تصل مدة هذه الاتفاقية إلى 120 عاما وفقا لعدد المشاريع وجدواها الاقتصادية، وستستغل شركة «جوسكو» تقنية شركة «شل» المتطورة في استخراج الصخر الزيتي وهي «عملية التحويل الموضعي» التي تحول الصخر الزيتي إلى نفط خام من خلال تسخين طبقة الصخر الزيتي موضعيا لسنوات عديدة بينما لا يزال في باطن الأرض.
كما وقّعت شركة إنيفيت، التي تعمل في الأردن تحت اسم شركة الصخر الزيتي الأردني للطاقة أو «جوسي»، وهي إحدى شركات النفط العالمية اتفاقية امتياز مع الأردن لتطوير مشروعين للصخر الزيتي بالتوازي الأول لإنشاء محطة لتوليد الطاقة بواسطة الحرق المباشر للصخر الزيتي بقدرة 540 ميغاوات من الكهرباء، أما الثاني فهو مخصص لإنشاء محطة للتقطير السطحي للصخر الزيتي لإنتاج نحو 38 ألف برميل في اليوم باستخدام التقنية الإستونية «إنيفيت 280».
كما وقّعت شركة «الكرك الدولية» للبترول اتفاقية امتياز لإنتاج 50 ألف برميل في اليوم من الزيت الصخري باستخدام التقنية الكندية (إيه تي بي)؛ وتعمل الشركة حاليا على تنفيذ أعمال مرحلة ما قبل التطوير، فيما وقعت الشركة السعودية العربية للصخر الزيتي اتفاقية امتياز للتقطير السطحي لإنتاج 30 ألف برميل في اليوم باستخدام التقنية الروسية.
كما وقعت الحكومة مذكرات تفاهم مع شركات دولية ومحلية أخرى لا تزال في مرحلة الدراسات الاستكشافية والتقييم، وهي شركة بترول العقبة للصخر الزيتي وشركة غلوبال شل أويل، والشركة الوطنية لإنتاج النفط والطاقة الكهربائية من الصخر الزيتي، وشركة وذهورن للمصادر ومع ائتلاف إماراتي - صيني.
ويناقش المؤتمر الذي يعقد بالتعاون مع شركات الصخر الزيتي المستثمرة في الأردن، على مدى يومين، التحديات التي تواجه هذه الصناعة، والأطر الزمنية لتنفيذ المشاريع وخطط الاستغلال التجاري خلال السنوات المقبلة. كما يناقش المشاركون التقدم الذي جرى إحرازه في المشاريع البحثية العالمية والجدول الزمني للاستغلال التجاري في الأردن. ويبحث المؤتمر التقنيات المتطورة التي تمت دراستها وتطويرها لتفتح المجال لإجراء المزيد من عمليات التنقيب والاستغلال لخام الصخر الزيتي والإنجازات التي حققتها شركات تطوير الصخر الزيتي في الأردن.
ويشارك في المؤتمر مسؤولون حكوميون وصناع قرار ومهندسون وباحثون وجهات عالمية ذات خبرة، يمثلون كلية كولورادو للمناجم ومجلس الطاقة العالمي و«إنيفيت» و«شل» و«يوماتاك» و«ثايسنكروب بوليسيوس» و«تي تي يو» و«هارت غروب» وغيرها.



السعودية تعيد رسم اقتصاد المياه العالمي عبر «مؤتمر الابتكار»

مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
TT

السعودية تعيد رسم اقتصاد المياه العالمي عبر «مؤتمر الابتكار»

مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)

يعكس «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025» الذي تستضيفه مدينة جدة الأسبوع المقبل، قدرة السعودية على قيادة تحول عالمي يعيد تعريف اقتصاد المياه، ويرسخ نموذجاً يدمج بين الابتكار والاستثمار والسياسات الفاعلة، ليُعيد تشكيل مستقبل أحد أهم قطاعات الاقتصاد العالمي.

يأتي المؤتمر في لحظة يصفها الاقتصاديون بأنها نقطة ارتكاز في تطور «اقتصاد المياه» خلال العقد المقبل، وتتسارع فيها التحولات المرتبطة بتلك الصناعة عالمياً، وتعيد تشكيل ميزان الابتكار والاستثمار في واحد من أكثر القطاعات الاستراتيجية تأثيراً على الأمن الغذائي والطاقة والنمو الاقتصادي.

وتحوّل الحدث الدولي الذي يقام خلال الفترة بين 8 و10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى منصة اقتصادية تُطلق شراكات، وتقدّم حلولاً جاهزة للتطبيق، وتستكشف أسواقاً جديدة، حيث تُمثل السعودية مركز إنتاج للابتكار المائي.

ويجمع المؤتمر نحو 11 ألف مشارك من 137 دولة، إلى جانب عدد من كبرى شركات المياه والطاقة والتقنيات النظيفة، ما يجعله أحد أهم التجمعات الدولية التي ترسم خريطة الاقتصاد المائي الجديد، ويعكس مكانة السعودية ودورها المتنامي في صياغة مستقبل هذا القطاع عالمياً.

المياه... قطاع اقتصادي مرتبط بالأسواق العالمية

يتناول المؤتمر المياه بوصفها قطاعاً اقتصادياً يرتبط مباشرة بالأسواق الدولية، مثل الطاقة والتقنية والتمويل، ويتمحور حول أربع ركائز رئيسية تشغل المستثمرين عالمياً، تتمثل في: «الاقتصاد الدائري للمياه» الذي يُعتبر سوقاً صاعدة تجذب شركات الكيميائيات النظيفة والطاقة المتجددة، ثم «الرقمنة والذكاء الاصطناعي» حيث التوسع في إدارة الشبكات الذكية وتحليل الطلب، فـ«تكامل المياه والطاقة» عبر ابتكار متسارع في تقنيات التحلية منخفضة الانبعاثات، وأخيراً «الاستثمار والتمويل» بدخول أكبر للصناديق والبنوك التنموية مع توسع مشاريع إعادة الاستخدام.

يجمع الحدث 11 ألف مشارك من 137 دولة وشركات كبرى بمجالات المياه والطاقة والتقنيات النظيفة (واس)

وتعكس تلك التحولات واقعاً جديداً، إذ لم تعد المياه بمثابة خدمة أساسية فحسب، بل فرصة استثمارية طويلة الأجل، ويُعدّ الابتكار اليوم محوراً اقتصادياً تعتمد عليه الحكومات والشركات الكبرى لمواجهة تحديات شُحَّها وارتفاع تكاليف الإنتاج وتزايد الطلب الصناعي.

«جائزة الابتكار» تُعزِّز اقتصاد المياه

تحوَّلت «الجائزة العالمية للابتكار في المياه»، المتزامنة مع المؤتمر، إلى منصة تُقرأ من خلالها مبكراً ملامح التقنيات التي ستقود اقتصاد المياه في السنوات المقبلة؛ إذ باتت الأرقام التي تُسجِّلها الجائزة كل عام تعكس حجم التحول العالمي نحو الابتكار، بوجود 2570 ابتكاراً مقدّماً من 300 جامعة ومعهد تمثل 119 دولة، مما يكشف عن سباق دولي واسع لإنتاج حلول جديدة، ويعكس أهمية الجائزة التي أضحت مرصداً عالمياً لاتجاهات التقنية، ويحدد ملامح المستقبل في أحد أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة الإنسان والتنمية.

«مياهثون» تجمع المبتكرين والمستثمرين

وتعدّ فعالية «مياهثون» المصاحبة للمؤتمر منصة تنافسية تسهم في توليد شركات ناشئة ونماذج تطبيقية، ويتفق المختصون على أن قوة هذا المشروع تكمن في جمع المواهب والمنظمين والمستثمرين على مساحة واحدة، وهو عنصر تفتقر إليه منظومات الابتكار المائي عالمياً.

بناء حلول الاستدامة عبر الابتكار

يكشف المؤتمر عن أن الابتكار أصبح منهجاً لبناء حلول تمتد آثارها إلى مجالات واسعة باتت اليوم في قلب التحول المائي؛ فمجالات الطلب الزراعي وإعادة الاستخدام والسياحة والاقتصاد والمجتمع تمثل محاور رئيسية في نقاشات المياه، يستهدفها الابتكار لخفض الهدر، وتعزيز الكفاءة، ورفع قيمة العائد التنموي.

ويضطلع المؤتمر بدور محوري في توسيع آفاق الابتكار عبر استعراض وتبنّي التقنيات الحديثة التي تُعزِّز الكفاءة التشغيلية، وتُرسِّخ مفهوم الاستدامة البيئية، لا سيما في القطاعات المرتبطة بالطاقة والعمليات الصناعية.

وتتجلى قدرة الابتكار على دعم الأمن الغذائي، ورفع كفاءة الطاقة، وزيادة مرونة المدن، وتمكين الاقتصادات من مواجهة ندرة المياه وتزايد الطلب، ما يؤكد أن مستقبل المياه يُعاد تشكيله اليوم عبر حلول أوسع من التقنية وحدها، وأكثر التصاقاً بحاجات التنمية الشاملة.

مكاسب دولية تعزّز مكانة السعودية

ينعقد المؤتمر فيما تحقق المملكة حضوراً متقدماً في أبرز المؤشرات الدولية المرتبطة بالمياه، إذ جاء اعتراف الأمم المتحدة بالنموذج السعودي في تحقيق الهدف السادس ليؤكد نجاعة السياسات الوطنية في إدارة الموارد وتعزيز الاستدامة، فيما شكّل توقيع ميثاق المياه العالمي في الرياض نقطة تحول عمّقت الشراكات الدولية، ورسّخت دور البلاد في قيادة الحوار العالمي حول أمن المياه.

وعزَّز إطلاق «المنظمة العالمية للمياه» صدارة السعودية للدول القادرة على صياغة الأطر الجديدة لهذا القطاع الحيوي، كما باتت المملكة أحد أهم الفاعلين في تشكيل مستقبل السياسات المائية عالمياً، بما تملكه من مبادرات رائدة وحضور مؤسسي مؤثر ورؤية واضحة لأمن المياه.

مركز إنتاج للابتكار المائي العالمي

تحوّل المؤتمر إلى منصة اقتصادية تُطلق شراكات، وتقدّم حلولاً جاهزة للتطبيق، وتستكشف أسواقاً جديدة، حيث تُمثل السعودية مركز إنتاج للابتكار المائي، إذ تقود تحولاً عالمياً يعيد تعريف اقتصاد المياه، ويرسخ نموذجاً يدمج بين الابتكار والاستثمار والسياسات الفاعلة، ليُعيد تشكيل مستقبل أحد أهم قطاعات الاقتصاد العالمي.


النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.