مسرحية «كوشمار» تنتقد الواقع الاجتماعي التونسي

من خلال نقد سياسي واجتماعي لاستغلال النفوذ

مسرحية «كوشمار» تنتقد الواقع الاجتماعي التونسي
TT

مسرحية «كوشمار» تنتقد الواقع الاجتماعي التونسي

مسرحية «كوشمار» تنتقد الواقع الاجتماعي التونسي

قدمت فرقة بلدية تونس العاصمة للتمثيل العرض الأول لإنتاجها المسرحي الجديد «كابوس» أو عبارة «كوشمار» باللغة الفرنسية وهي التسمية الرسمية وذلك بمسرح الحمراء في العاصمة التونسية. وتنشط هذه الفرقة المسرحية التي تحصل على تمويل عمومي تحت إدارة الفنانة التونسية منى نور الدين وتقدم معظم أعمالها الفنية على ركح المسرح البلدي بالعاصمة التونسية.
ومسرحية «كابوس»التي عرضت لأول مرة ليلة الخميس الماضي، من الأعمال الكوميدية التي اقتبس المسرحي التونسي زهير الرايس نصها وتولى إخراجها عن نص «قضية نهج لأورسين» للكاتب المسرحي «أوجان لابيش»، وأدى أدوراها الرئيسية كل من جلال الدين السعدي وعمر زويتن وكوثر الباردي وريم الزريبي وزهير الرايس مخرج العمل.
وتطرح «كابوس» الكثير من المواضيع الاجتماعية بنفس بوليسي فتتطرق للطبقة البرجوازية بطريقة سلسة وغير مباشرة من خلال شخصية «عزيز» (زهير الرايس) رب البيت المتزوج من «نورة» (ريم الزريبي)، وهو طبيب مختص في أمراض النساء وعضو في البرلمان ويحلم بالحصول على منصب سياسي مرموق بعد الانتخابات، وله من القدرة على إيذاء كل من يعترض طريقه لتظل صورته ناصعة إلا أن اتهامه وصديقه بارتكاب جريمة قتل كان سيقضي على مستقبله السياسي، ولذلك قررا أن يقتلا كل دليل أو حجة تدينهما.
المسرحية سلطت الأضواء على الواقع التونسي والعربي في الوقت الراهن من خلال نقد سياسي واجتماعي لاستغلال النفوذ والاختفاء وراء السلطة لتجاوز القانون وذلك بعيدا كل البعد عن الأسلوب المباشر. وقدمت قصة صديقين يؤدي أدوارهما كل من زهير الرايس وجلال الدين السعدي، التقيا بعد غياب طويل منذ أيام الدراسة، فأرادا أن يحتفلا بهذا اللقاء الحدث، فاختارا أن يسهرا طويلا.
وحين استيقظا خلال اليوم الموالي في منزل أحدهما لم يعرفا بعضهما البعض، ولم يتذكرا جيدا أنهما أصدقاء منذ الصغر، وعجز كل واحد منهما عن تذكر واستحضار ما حصل في الليلة التي سبقت احتفالهما بتلك المناسبة العابرة.
ومع ذلك يدعو صاحب المنزل صديقه لتناول الفطور، لتفاجئهم الزوجة بخبر عن جريمة قتل بشعة لبائعة فحم ارتكبها رجلان يرتديان نفس ملابسهما ويحملان نفس الملامح، وهي نفس الأوصاف التي يحملها الصديقان اللذين التقيا بعد غياب، ليتأكدا أنهما مرتكبا الجريمة.
ولأن القصة مبنية على أبعاد كوميدية فقد اكتشف الصديقان أن خبر الجريمة صدر قبل سنة، ولكن السؤال ظل مطروحا، هل ارتكبا فعلا جرائم قتل، أم أن جانب الخيال هو الذي طغى عليهما وجعلهما يتوهمان ذلك في ظل المناخ العام الذي يوحي بارتكاب الجرائم والإفلات من العقاب؟



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».