السيول تضرب صعيد مصر وتخلف قتلى ومصابين

قطعت طرقًا سريعة.. وأغرقت منازل وسيارات وقرى

سيول وعواصف رعدية ضربت مدن صعيد مصر أمس  ({الشرق الأوسط}) - أسفرت موجة الطقس السيئ عن غرق قرى بكاملها  ({الشرق الأوسط})
سيول وعواصف رعدية ضربت مدن صعيد مصر أمس ({الشرق الأوسط}) - أسفرت موجة الطقس السيئ عن غرق قرى بكاملها ({الشرق الأوسط})
TT

السيول تضرب صعيد مصر وتخلف قتلى ومصابين

سيول وعواصف رعدية ضربت مدن صعيد مصر أمس  ({الشرق الأوسط}) - أسفرت موجة الطقس السيئ عن غرق قرى بكاملها  ({الشرق الأوسط})
سيول وعواصف رعدية ضربت مدن صعيد مصر أمس ({الشرق الأوسط}) - أسفرت موجة الطقس السيئ عن غرق قرى بكاملها ({الشرق الأوسط})

ضربت موجة من الطقس السيئ صعيد مصر، وخلفت عواصف ترابية وسيولا غزيرة، أسفرت عن وقوع قتلى ومصابين، وانقلاب حافلات، وغرق منازل وقرى بأكملها، وقطع طرق رئيسية. في حين رفعت الحكومة المصرية درجة الاستعداد القصوى في هذه المحافظات، تحسبا لاستمرار موجة الطقس السيئ، ووضعت تدابير كثيرة لمواجهة آثارها.
ففي محافظة سوهاج، أغرقت مياه السيول قرى ومنازل، وأعلنت وزارة الصحة وفاة 6 أشخاص على الأقل، وإصابة 24 آخرين في حادث انجراف حافلتين عند الكيلو 110 في الطريق الصحراوي باتجاه محافظة قنا نتيجة السيول الغزيرة، وتعرضت قرية الحاجر لاجتياح كميات كبيرة من السيول قادمة من الجبل الشرقي الملاصق للقرية، بعدما انهارت السدود الموجودة ومجاري السيول أمام تدفق المياه بقوة، وفشل جميع المحاولات لاحتواء الأزمة.
وفى مدينة رأس غارب بالبحر الأحمر، دفعت القوات المسلحة وشركة مياه الشرب والصرف الصحي، بعدد من السيارات لشفط مياه السيول التي اقتحمت منازل الأهالي وأغرقت الطوابق الأولى منها، وتسببت قوة المياه في جرف عدد كبير من السيارات من أمام المنازل لأماكن أخرى بالإضافة إلى جرفها لأجهزة المنازل.
السيول في رأس غارب أسفرت عن مقتل 7 وإصابة 26 آخرين، وأطلق شباب المدينة استغاثات عاجلة للحكومة لإنقاذهم بعد أن اعتلى الأهالي أسطح منازلهم بعد أن غمرت المياه الأدوار الأرضية وتعالت أصوات الصراخ من الكبار والأطفال، ودشن رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» هاشتاغا حمل اسم «رأس غارب». وقررت نورة فاضل، وكيل وزارة التربية والتعليم بالبحر الأحمر، تعليق الدراسة بمدارس رأس غارب، حتى تشكيل لجنة لمعاينة مدارس المدينة التي تعرضت للسيول.
وفى الغردقة، أغلقت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة الطريق المؤدي للمدينة بالقرب من الكمين الشمالي، وشهدت شمال مدينة الغردقة سقوط سيول مما أدى لقطع الطريق القادم من مدينة رأس غارب إلى الغردقة، كما شهدت هطول أمطار غزيرة مصحوبة بكرات ثلج كثيفة تسببت في غرق شوارع المدينة.
وفى مدينة سفاجا تسببت السيول في قطع طريق سفاجا قنا بالكيلو 85 والكيلو 77 مما أدى لتوقف الطريق تماما، وتسببت مياه السيول بطريق قنا - سفاجا في قطع خط المياه المغذي لمدينة سفاجا في منطقة كيلو 88 حتى 94. ما أدى لوقف ضخ المياه لمدينة سفاجا.
وأعلنت الإدارة العامة للمرور إغلاق 4 طرق داخل المحافظات المنكوبة بسبب سوء الأحوال الجوية وسقوط الأمطار والعواصف الترابية بتلك الطرق، وأكدت مصادر أمنية أنه تقرر إغلاق طريق الزعفرانة - رأس غارب في الغردقة، والطريق الصحراوي الشرقي من مدينة المنيا وحتى منطقة ملوي، وإغلاق طريق سوهاج - قنا - سفاجا بسبب تراكمات مياه السيول، وكذلك طريق «وادي وتير» - نوبيع - لحين انتهاء إزالة آثار مياه الأمطار والسيول.
وتعرضت محافظة أسيوط لسقوط أمطار غزيرة مصحوبة بأصوات رعدية وبرق وموجة برد ورياح شديدة، مما أثر على الحركة التجارية والأسواق وغرق شوارع مدينة العريش، وقال شهود عيان إن «المياه تجمعت في المناطق المنخفضة بالشوارع، وقطعت حركة السير». وفي المنيا، أجرت سيارات الإطفاء والإنقاذ البري التابعة للحماية المدنية بالمنيا عمليات سحب وشفط مياه السيول بمركز أبو قرقاص، وذلك بعد ظهور تشققات بالطرق الرئيسية منعا لوقوع الحوادث المرورية.
وتوقع خبراء هيئة الأرصاد الجوية أن يستمر تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة يصاحبها سقوط الأمطار، وقالت الهيئة إن جنوب البلاد تعرض لموجة طقس غير مستقرة، وإن موجة الأمطار كانت غزيرة ورعدية أمس (الجمعة) ومساء أول من أمس (الخميس) على سلاسل جبال البحر الأحمر وسيناء ومحافظات الصعيد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».