وسط غياب كامل لملامحه.. النظام الرئاسي يشعل النقاش في تركيا

موجات صعود وهبوط وجدل على مدى 13 عامًا

رئيس الوزراء بن علي يلدريم (وسط) قال إن حكومته أنهت إعداد مشروع الدستور الجديد الذي يرسخ للنظام الرئاسي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء بن علي يلدريم (وسط) قال إن حكومته أنهت إعداد مشروع الدستور الجديد الذي يرسخ للنظام الرئاسي (أ.ف.ب)
TT

وسط غياب كامل لملامحه.. النظام الرئاسي يشعل النقاش في تركيا

رئيس الوزراء بن علي يلدريم (وسط) قال إن حكومته أنهت إعداد مشروع الدستور الجديد الذي يرسخ للنظام الرئاسي (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء بن علي يلدريم (وسط) قال إن حكومته أنهت إعداد مشروع الدستور الجديد الذي يرسخ للنظام الرئاسي (أ.ف.ب)

تتسع يومًا بعد يوم دائرة النقاش حول النظام الرئاسي الذي يخطط حزب العدالة والتنمية الحاكم لطرحه على البرلمان تحقيقا لرغبة الرئيس رجب طيب إردوغان من أجل توسيع صلاحياته مقابل تقليص صلاحيات الحكومة على اعتبار أنه من وجهة نظره هو النظام الأنسب لتركيا.
اكتمل مشروع النظام الرئاسي الذي سيأتي ضمن دستور جديد للبلاد حسبما أعلن رئيس الوزراء بن علي يلدريم، الأحد، قائلا إن حكومته أنهت إعداد مشروع الدستور الجديد الذي يرسخ للنظام الرئاسي، وسوف تطرحه على البرلمان قريبًا.
وأضاف يلدريم، الذي كان يتحدث في ختام أعمال مؤتمر حزب العدالة والتنمية الحاكم في أفيون كارهيصار، وسط تركيا: «استكملنا أعمالنا بشأن الدستور الجديد والنظام الرئاسي، وسنطرح مقترحنا على البرلمان التركي بأقرب وقت.. الشعب هو الذي سيحل مشكلة النظام في تركيا. لا يهمنا ما يقوله الآخرون عندما تتعلق المسألة بالوطن».
وكان يلدريم يقصد بـ«الآخرين» حزبي الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، والشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، اللذين أبديا معارضة للنظام الرئاسي، سواء عند طرحه في الفترة من 2013 إلى 2015 أو عند تجدد الحديث عنه في الأسابيع الأخيرة.
لكن اللافت في الأمر أن معالم النظام الرئاسي الذي سيتضمنه الدستور الجديد، لم يكشف عنها بعد، ولم تتضح معالمه، وإلى أي مدرسة سياسية سينتمي، هل سيكون على غرار النموذج الأميركي أم الفرنسي أم سيعتمد نظامًا شبيهًا بالأنظمة الرئاسية في منطقة الشرق الأوسط، وهذه الأسئلة تشغل بال شرائح كثيرة في المجتمع التركي مع مخاوف لدى بعض النخب السياسية والثقافية من أن يؤدي تطبيق هذا النظام إلى ترسيخ ديكتاتورية من نوع ما في تركيا وتحويلها عن مسارها الديمقراطي الاجتماعي.
الحزب الوحيد الذي كان جاهزا ومرحبا بالنظام الرئاسي، محولا دفة موقفه 180 درجة، هو حزب الحركة القومية بزعامة دولت بهشلي، الذي تركت له هذه المرة مهمة فتح باب النقاش والحديث عن النظام الرئاسي، بعد أن كان الرئيس رجب طيب إردوغان تعهد عقب محاولة الانقلاب الفاشلة بأن تستمر البلاد على النظام البرلماني بعد أن لاحظ أن نقاشات النظام الرئاسي عقدت الوضع السياسي، وتسببت في حالة استقطاب سياسي واحتقان مجتمعي قبل المحاولة الفاشلة إلى الحد الذي انقسمت فيه قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم نفسه ما بين مؤيد ومعارض للنظام الرئاسي.
بهشلي أطلق تصريحات جديدة هذا الأسبوع حول النظام الرئاسي في كلمته أمام المجموعة البرلمانية لحزبه بالبرلمان التركي في أنقرة قائلا إن حزبه سيطّلع على مقترح العدالة والتنمية فيما يخص النظام الرئاسي ليتخذ على أساسه القرار النهائي بشأنه.
ولفت بهشلي إلى أن المقترح في حال تمت الموافقة عليه في البرلمان التركي «لن يكون هناك أي داع للقلق من أجل الذهاب إلى استفتاء شعبي».
كان مسؤولون من حزب العدالة والتنمية بينهم بكير بوزداغ وزير العدل قد أعلنوا أن تركيا ستتوجه إلى استفتاء على الدستور والنظام الرئاسي مطلع العام المقبل وبشكل أكثر تحديدا قال مسؤولون من الحزب إن الاستفتاء سيجري في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) 2017.
كمال كيليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري وجه انتقادات إلى بهشلي وموقفه من النظام الرئاسي قائلاً أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه أمس: «أخاطب السيد بهشلي وأقول له: تعالَ لنجعل من ذلك الشخص (إردوغان) ملكًا وليفعل ما يحلو له. لنؤسس له قناة تقوم بالبث على مدار الساعة». وفي الوقت نفسه، قال نائب رئيس حزب الحركة القومية سميح يالجين إن حزبه لا يعارض النظام الرئاسي بشكل جذري بل يعارض تطبيقه دون موافقة الشعب، وإن حزبه على استعداد تام للموافقة على أسس النظام الرئاسي إذا قال الشعب: «نعم»، في استفتاء عام.
بهشلي، الذي يعتقد بعض المراقبين أنه لجأ إليه بعد أن تزايدت الضغوط داخل حزبه للإطاحة به من رئاسة الحزب بسبب سياساته التي كانت محل انتقادات في تركيا كلها، وأنه يسعى إلى تبني نهج توافقي بعد أن كان عقبة أمام كثير من الحلول عقب انتخابات يونيو (حزيران) 2015 وعرقل تشكيل حكومة ائتلافية، أثار الدهشة بمواقفه، بعد أن صرح من قبل بأن الدستور التركي معلق، وغير مطبق، وأن نظام الحكم في تركيا تغيّر، وأن الحزب الحاكم لا يعير الأحزاب الأخرى أية أهمية للتشاور فيما يتعلق بأسس النظام الجديد.
واعتبر محللون أن تصريحات بهشلي تنم عن قبول حزب الحركة القومية بالنظام الرئاسي، لكن نائبه يالجين أكد أن الحزب لم يقرر دعم النظام الرئاسي بعد، بل قدّم اقتراحًا يعجل بعملية إقرار النظام الرئاسي، ويغير بعض مواد الدستور التي انتهكها الحزب الحاكم، لافتا إلى أن مسألة النظام الرئاسي تدهورت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وما نحاول القيام به هو وضع النقاط فوق الحروف وإنهاء الخلاف الدائر حول النظام للتفرغ للقضايا الخارجية المُلِحّة. وحتى الآن لم تتحدد ملامح النظام الرئاسي الذي سيطبق في تركيا، والذي بدأ الحديث عنه في عام 2013 بعد أن شهدت تركيا تحقيقات موسعة في قضايا فساد ورشوة، أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت أنها كانت محاولة من حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن أو ما سماه «الكيان الموازي» لانقلاب على حكومته.
وعقب انتخابه رئيسا للجمهورية في أغسطس (آب) 2014 عاد إردوغان إلى طرح موضوع النظام الرئاسي كهدف، مطالبا الأتراك بإعطاء الحزب الحاكم أكثر من 400 مقعد بالبرلمان ليتمكن من إقرار النظام الرئاسي في انتخابات 7 يونيو 2015، إلا أن حالة الانقسام والجدل حول هذا النظام كبدت الحزب للمرة منذ 13 عاما في الحكم خسارة انفراده بتشكيل الحكومة، فكان الخيار هو تشكيل حكومة ائتلافية، لكن أحزاب المعارضة لم تدعم هذا الخيار وطالب حزب الحركة القومية بزعامة دولت بهشلي بإجراء انتخابات مبكرة، أجريت بالفعل في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وفاز بها حزب العدالة والتنمية وعاد لتشكيل الحكومة منفردا، لكن بقيت مسألة تغيير نظام الحكم نقطة خلاف على الساحة السياسية انتقلت إلى داخل حزب العدالة والتنمية نفسه، حيث لم يبد رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو تأييده له.
ومع استقالة داود أوغلو في مايو الماضي ومجيء رئيس الوزراء الحالي بن علي يلدريم أعلن أن النظام الرئاسي هو من أولويات حكومته وأنه لا خلاف بينه وبين إردوغان على ذلك، وأن حزب العدالة والتنمية سيحقق رغبة قائده إردوغان.
وبعد أقل من شهرين من تولي يلدريم رئاسة الحزب والحكومة وقعت محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو (تموز) وأعلن إردوغان وقتها أن البلاد ستكمل مع النظام البرلماني ولن تتحول إلى النظام الرئاسي، ورأى مراقبون أن إردوغان أراد بذلك تهدئة التوتر مع أحزاب المعارضة.
وعاد الحديث عن النظام الرئاسي ليتصدر الأجندة السياسية في تركيا بعد هدوء استمر لأشهر قليلة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في منتصف يوليو الماضي.
لكن مصطفى شينتوب رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان التركي أحد أبرز قيادات حزب العدالة والتنمية قال إن طرح إردوغان لفكرة النظام الرئاسي لم يكن وليد الفترة الأخير وأن فكرة طُرحت منذ عام 2003 مع مجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم.
وقال شينتوب في اجتماع أول من أمس الثلاثاء: «إن الرئيس إردوغان عندما سئِل في 20 أبريل 2003 (أي النظامين برأيك هو الأمثل بالنسبة إلى تركيا، النظام البرلماني أم النظام الرئاسي؟) أجاب إردوغان (النظام الأمثل برأي هو النظام الرئاسي)».
ولفت شينتوب إلى أنه ذكّر بتصريح الرئيس إردوغان ليكون ردا على من ادعوا أن إردوغان طرح فكرة النظام الرئاسي بعيد انتخابه رئيسا للجمهورية التركية، مضيفا أن «العدالة والتنمية منذ عام 2003 ارتأى أن النظام الرئاسي هو الأمثل، المهم بالنسبة إلينا هو أن يجتاز المقترح البرلمان، ليتم عرضه على الشعب في استفتاء».
ويحتاج أي مقترح بشأن التعديلات الدستورية إلى الفوز بأغلبية الثلثين من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 عضوا، أي 376 عضوا، حتى يمر من البرلمان مباشرة دون لاستفتاء عليه، كما يحتاج إلى 330 صوتًا حتى يمر إلى الاستفتاء الشعبي، وهو ما يجعل حزب العدالة والتنمية الذي يملك 317 مقعدا بالبرلمان في حاجة إلى دعم حزب من الأحزاب الأخرى.
ويمتلك حزب الحركة القومية 40 مقعدًا في البرلمان، وتعهد بدعم مقترح النظام الرئاسي ليحل المشكلة لحزب العدالة والتنمية وسط معارضة أكبر حزبين بالبرلمان؛ الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي، لفكرة التحول إلى النظام الرئاسي الذي يريان فيه نظاما ديكتاتوريا يعزز الاستبداد.
وأكد شينتوب أن النظام الرئاسي الذي يعملون عليه يتناسب مع الوضع التركي، ويختلف عما هو عليه في أميركا، ذاكرًا أن في أميركا مجلسان (النواب والشيوخ) بينما في تركيا مجلس واحد (البرلمان).
وعبّر شينتوب عن أمله في أن يحصل المقترح على 330 صوتا في البرلمان، قائلا: «نثق بأننا سنحصل على دعم الأحزاب الأخرى في هذا الصدد، ففي حال حصل المقترح على الموافقة سيتم عرضه على الشعب».
وسادت توقعات من قبل بأن العدالة والتنمية يخطط لتطبيق نظام رئاسي شبيه بالأميركي وهو ما نفاه شينتوب، كما أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مرارًا أن النظام الرئاسي في تركيا سيكون نظاما خاصا يتناسب مع ظروف البلاد.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.