العراق يحل بديلاً عن إيران في «خلافات أوبك»

دول في المنظمة تسابقت لإعلان إنتاجها بوتيرة ارتفاع ملحوظة

اقترحت فنزويلا أمس خفض إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بين 400 و500 ألف برميل (رويترز)
اقترحت فنزويلا أمس خفض إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بين 400 و500 ألف برميل (رويترز)
TT

العراق يحل بديلاً عن إيران في «خلافات أوبك»

اقترحت فنزويلا أمس خفض إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بين 400 و500 ألف برميل (رويترز)
اقترحت فنزويلا أمس خفض إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بين 400 و500 ألف برميل (رويترز)

مع سعي دول أوبك للوصول إلى اتفاق نهائي، تعلن بنوده في «اجتماع فيينا» آخر الشهر المقبل، أعلن العراق رسميًا أنه أول المعترضين على تخفيض إنتاجه من النفط، رغم آماله في أن تتوصل المنظمة لاتفاق يساهم في رفع الأسعار.
ومنذ اتفاق «الجزائر» في 28 سبتمبر (أيلول) تسابقت بعض الدول في إعلان إنتاجها الذي ظهر مرتفعًا بوتيرة أعلى مقارنة بالشهور السابقة، مثل ليبيا وإيران والعراق ونيجيريا.
وتوصلت الدول المصدرة للنفط في الجزائر إلى اتفاق على تخفيض الإنتاج إلى مستوى يتراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يوميًا. ومن المقرر أن يوضع الاتفاق موضع التنفيذ خلال الاجتماع الرسمي للمنظمة في 30 من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعد الاتفاق الأول للمنظمة على خفض الإنتاج منذ عام 2008 عقب انهيار السوق بسبب تخمة المعروض.
و700 ألف برميل يوميًا التي اتفقت أوبك على تخفيضها في الجزائر، لن تؤثر في حجم المعروض بالسوق بعد زيادة الإنتاج من بعض الدول، مثل ليبيا التي أعلنت أن إنتاجها بلغ 600 ألف برميل يوميًا، مقارنة بأقل من 400 ألف برميل يوميًا قبل «اتفاق الجزائر»، ونيجيريا التي قالت إن إنتاجها النفطي بلغ أكثر من مليوني برميل يوميًا رغم تراجعه لأقل من 1.8 مليون برميل يوميًا نتيجة الاضطرابات السياسية في البلاد، فضلاً عن إيران والعراق.
وقال متحدث باسم وزارة النفط العراقية إن بلاده أبلغت الأمين العام لأوبك أمس الثلاثاء بأملها في أن تتوصل المنظمة إلى اتفاق لرفع أسعار النفط مع الحفاظ على مستوى إنتاج العراق النفطي.
واجتمع وزير النفط العراقي جبار اللعيبي والأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) محمد باركيندو في بغداد، للتوصل إلى اتفاق لخفض الإمدادات.
ونقلت «رويترز» عن عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية قوله «عبر الوزير عن دعمه لمساعي الأمين العام الرامية إلى دعم أسعار النفط وتفاؤله بوصول اجتماع أوبك إلى قرار يخدم المنتجين».
وقال إن اللعيبي أطلع باركيندو «على حقيقة الإنتاج العراقي» الذي يزيد عن تقديرات ما تسمى بالمصادر الثانوية التي تستند إليها المنظمة.
كان العراق شكك في البداية في واحدة من الطريقتين التي تتبعهما منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لتقدير إنتاج أعضائها من النفط، مشيرًا إلى أن هذه المسألة قد تمثل مشكلة للبلاد في مشاركتها في كبح الإنتاج الذي اتفقت المنظمة على بدء تنفيذه هذا العام.
وتستخدم أوبك طريقتين في تقدير الإنتاج، وهما البيانات التي تقدمها الدول الأعضاء نفسها، وتقديرات المصادر الثانوية التي عادة ما تكون أقل من الإنتاج الحقيقي ولكنها تعتبر مقياسًا أفضل له.
وأضاف المتحدث باسم وزارة النفط العراقية أن «هذه الأرقام من حق العراق»، في إشارة إلى أن البلد الذي مزقته الحرب يسعى للحفاظ على مستويات إنتاجه النفطي.
وإذا اضطر العراق للمشاركة في تقليص إنتاج أوبك فإن الاتفاق سيكون أنسب لبغداد أن أصرت على أن تكون بيانات الإنتاج الأعلى هي المعيار الأساسي للخفض.
وكان اللعيبي قد قال سابقًا إن العراق سيسعى للحصول على إعفاء مماثل لإيران ونيجيريا وليبيا الذين تضرر إنتاجهم جراء الحرب والعقوبات، مؤكدا أن بغداد تحتاج إلى دخلها من النفط في حربها ضد تنظيم داعش.
واقترحت فنزويلا أمس الثلاثاء، خفض إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك بين 400 و500 ألف برميل من النفط الخام يوميًا.
وقال وزير النفط الفنزويلي ايولوخيو ديل بينو إنه ناقش الفكرة مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أمس وأن أي اتفاق محتمل لتثبيت الإنتاج أو خفضه بين أوبك والدول غير الأعضاء ينبغي التوصل إليه بحلول «اجتماع فيينا» المقبل.
على صعيد متصل، قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أمس الثلاثاء في سنغافورة إن الطلب العالمي على النفط سيزيد بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا في 2017 ليظل معدل نموه مستقرا عند مستويات 2016 رغم زيادة الاستهلاك الصيني.
وقال بيرول على هامش أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة إن نمو الطلب على النفط قد ينخفض أكثر إذا ظلت الأسعار ترتفع.
وارتفع سعر العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت إلى نحو المثلين من المستويات التي سجلها في يناير (كانون الثاني) - والتي تعد الأدنى في عدة سنوات - ليتجاوز 50 دولارًا للبرميل.
وقال بيرول إن التباطؤ في نمو الطلب يعني على الأرجح أن أسواق النفط لن تعود للتوازن بين العرض والطلب قبل النصف الثاني من 2017.
وألقي بيرول أيضًا بظلال من الشك على مدى فاعلية خفض مزمع للإنتاج من قبل منظمة أوبك لدعم الأسعار إذ أن هذا الخفض قد يؤدي إلى إطلاق إنتاج جديد في مكان آخر مما يقوض عودة التوازن في أسواق النفط.
وأضاف: «إذا ارتفعت الأسعار نتيجة لهذا التدخل بقيادة أوبك فإننا قد نرى استجابة أيضا من ذوي الإنتاج الأعلى تكلفة»، مضيفا أنه عند سعر 60 دولارا للبرميل قد يجري استئناف مشروعات إنتاج النفط الصخري الأميركي ومشروعات النفط البحرية في أميركا اللاتينية.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.