المصمم عبد محفوظ يختتم فعاليات أسبوع «الموضة في بيروت»

أعاد نبض الحياة إلى العاصمة في سلسلة من عروض الأزياء

عرض أزياء عبد محفوظ مسك ختام أسبوع الموضة في بيروت
عرض أزياء عبد محفوظ مسك ختام أسبوع الموضة في بيروت
TT

المصمم عبد محفوظ يختتم فعاليات أسبوع «الموضة في بيروت»

عرض أزياء عبد محفوظ مسك ختام أسبوع الموضة في بيروت
عرض أزياء عبد محفوظ مسك ختام أسبوع الموضة في بيروت

اختتم أسبوع «الموضة في بيروت» أعماله بعرض أزياء للمصمم عبد محفوظ، حضره نحو ثمانمائة شخص. وأعاد هذا الحدث نبض الحياة إلى العاصمة بعيد الجمود الذي طالها، بسبب أزمتي النفايات من ناحية وفراغ السدّة الرئاسية من ناحية ثانية. هذا الحدث الذي بات تقليدا سنويا متبعا في بيروت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، ينتظره محبّو الموضة ليطّلعوا من خلاله على أحدث خطوطها في عالم الأزياء والـ«هوت كوتور».
أكثر من ثمانية مصممين لبنانيين معروفين شاركوا في هذا الحدث، الذي أقيم في مجمّع «الفوروم دي بيروت» واستمرّ على مدى خمسة أيام متتالية.
وكانت سهرة الختام قد تضمّنت ثلاثة عروض أزياء، استهلّها هادي كاترا ليتبعه كل من المصممين حنا توما وعبد محفوظ. وتميّزت أزياء الأول بفساتين أنيقة جمع فيها مصممها البساطة والألوان الشتوية التي تراوحت ما بين البنفسجي القاتم والزيتي الذهبي. فيما نجح المصممان الأخيران بمخاطبة المرأة العصرية والرومانسية معا، بحيث غلبت على أزياء حنا توما الألوان الفاهية (الزهري والأبيض والأصفر والأزرق)، وبدت العارضات اللاتي زيّنت رؤوسهن تيجان عصرية مستوحاة من شجر الغار، حوريات حالمات وهنّ يرتدين فساتين طرّزت غالبيتها بالورود.
وفي مجموعة عبد محفوظ الذي استقطب أكبر نسبة حضور، بحيث اضطر البعض إلى المكوث وقوفا حول منصّة العرض لمشاهدتها، احتشد أهل الإعلام والفنّ على مدرّج مسرح (فوروم دي بيروت) يتابعون مرور عارضات الأزياء اللاتي تمايلن بتصاميم تحاكي الأناقة الأنثوية العصرية. وقد استوحى المصمم اللبناني أزياءه من حقب ماضية أحيانا تجلّت في التنانير الفضفاضة والـ«فرينجيس» البرّاق الذي ذكّرنا بحقبة التشارلستون وقد تلألأ على فساتين ضيّقة، فيما لجأ إلى المزج ما بين الدانتيل والأقمشة الشفافة في فساتين غلب عليها الطابع العصري. واستخدم محفوظ الأقمشة الهدلة مرات والشفافة ذات الطبعات النافرة مرات أخرى تجلّت فيها جرعات أنثوية بامتياز. وقد استحوذ الأسود والأحمر على عدد من تصاميمه وكذلك الذهبي والبيج (نيود).
وكان أسبوع «الموضة في بيروت» قد افتتح أعماله في الـ17 من الشهر الحالي مع إنجي شلهوب، وشهد في اليوم التالي الافتتاح الرسمي له مع عرض أزياء للمصمم فؤاد سركيس. وتميّزت مجموعة هذا الأخير بأقمشتها التي نفّذت في تركيا، حيث يملك سركيس مصنعا لها هناك، وقد تنوّعت ما بين الساتان والجاكار والتول. وقد لفت الحضور بتصاميمه الخارجة عن المألوف والتي تلوّنت بالأرجواني والأصفر والأبيض وتدرجات الأخضر. واحتشدت في عرض فؤاد سركيس وجوه فنية معروفة أمثال فيفي عبده وميس حمدان وباسكال مشعلاني. وبعده قدّمت المصممة السورية منال عجاج عرض مجموعتها تحت عنوان «أبجدية الياسمين2»، المستوحى من التراث الشامي، وقد شاركت في تقديم أزيائه الممثلة السورية جيني أسبر، فيما وقّع إخراجه الفنان عبد المنعم العمايري الذي عمل إلى تقديم العرض بطريقة مسرحية. وشكّلت المصممة ريم كشمر ختام اليوم الأول للحدث.
أما المصمم الشاب علي يونس والذي سبق وارتدت تصاميمه النجمة العالمية جنيفر لوبيز، فقد شارك في أسبوع «الموضة في بيروت» في يومه الثالث. وتحت عنوان «الغابة الصوفية» حوّل يونس منصّة العرض ودائما في (فوروم دي بيروت)، إلى واحة طبيعية تلوّنت بأشجار غنّاء سلّطت عليها إضاءة خافتة، مما أضفى أجواء خاصة على مجموعته. وقد غلبت على تصاميمه الألوان الشتوية الدافئة والرائجة لهذا العام كالزيتي والبرغاندي والبنّي. وبعد عرض لماركة تيد باكر قدّمت فيه مجموعة من التصاميم التي تخاطب المرأة العصرية، عرض المصمم بودي ديب مجموعته تحت عنوان «لا بلاك سويت»، التي تميّزت بفساتين سهرة نسائية استوحى خطوطها العريضة من قصّات البدلات الرجالية، وهو المجال الذي اشتهر فيه المصمم اللبناني في بداياته في عالم الأزياء.
وتضمن اليوم الرابع لأسبوع «الموضة في بيروت» ورشات عمل وثلاثة عروض أزياء تحت عنوان «من أجل الجيل المقبل». يذكر أن هذا الحدث الذي يقام للسنة الثالثة على التوالي، هو من تنظيم شركة (L.I.P.s) لصاحبها جوني فضل الله والذي أخذ على عاتقه إقامته سنويا في بيروت ليشكّل مظاهرة حقيقية لعالم الموضة في لبنان.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».