تليسكوب ضخم جديد لتتبع الحطام الفضائي ومراقبة الكويكبات

يسمح برؤية 10 آلاف جسم في وقت واحد

تليسكوب ضخم جديد لتتبع الحطام الفضائي ومراقبة الكويكبات
TT

تليسكوب ضخم جديد لتتبع الحطام الفضائي ومراقبة الكويكبات

تليسكوب ضخم جديد لتتبع الحطام الفضائي ومراقبة الكويكبات

هناك الكثير من الصخور المحلقة في الفضاء. والكثير من الحطام أيضا. والأقمار الصناعية القديمة، والمعززات الصاروخية المستهلكة، وحتى الملاعق الصغيرة التي فقدت أثناء إحدى مهام السفن الفضائية في عام 2006. وكل هذه الأجسام تحوم وتحلق في المدار، وتخلق نوعا من الازدحام المروري الفضائي.
وعلى مدى سنوات، ساور وزارة الدفاع الأميركية القلق بشأن الاصطدامات التي قد تتسبب فيها ما يقرب من نصف مليون قطعة من الحطام الفضائي، التي قد تعصف بأقمار صناعية قيمة ومهمة للغاية، وبالتالي، خلق المزيد من الحطام الفضائي المخيف. وفي يوم الثلاثاء، اتخذت وزارة الدفاع الأميركية خطوة أخرى على قدر كبير من الأهمية في اتجاه رصد ومراقبة كافة أنواع الحطام الفضائي التي تحوم في أفق الفضاء، وذلك عن طريق صناعة تليسكوب فضائي هائل الحجم وقادر على رؤية الأجسام الصغيرة من مسافات بعيدة للغاية.
وأشرف على تطوير تليسكوب المراقبة الفضائية الجديد وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتطورة (داربا)، وهو المشروع الذي انتقل رسميا إلى القوات الجوية الأميركية خلال احتفال أقيم خصيصا يوم الثلاثاء الماضي في قاعدة وايت ساندز الصاروخية في ولاية نيومكسيكو.
وتم تصميم التليسكوب الجديد لأجل رصد الأجسام الصغيرة من حجم كرة البيسبول الصغيرة، في المدار الأرضي الجغرافي المتزامن، وهو من أهم المدارات الفضائية قاطبة. وعلى مسافة تقدر بنحو 22 ألف ميل في الفضاء، فإن ذلك المدار يماثل مدار الأرض تماما، ولذلك فإن الأقمار الصناعية المستقرة هناك تظل في نقطة مدارية ثابتة فوق الأرض. مما يسمح للقمر الصناعي الخاص بالبث التلفزيوني أو الاتصالات أن يوفر التغطية لمنطقة معينة من سطح الأرض؛ مثالا: منطقة أميركا الشمالية أو آسيا، وبصورة لا يشوبها الانقطاع.
ولكن ذلك المدار ليس بعيدا فحسب، بل إنه واسع للغاية كذلك. تقول الدكتورة ليندسي ميلارد مديرة البرنامج لدى وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتطورة (داربا) في مقالة نشرت لها على موقع الوكالة: «تبلغ مساحة المدار الأرضي الجغرافي المتزامن عشرات الآلاف من المحيطات الأرضية. ولكن قدرة التليسكوب على رؤية شيء بعيد للغاية على مساحة واسعة للغاية ليست هي الأفضل حتى الآن».
وتقول الوكالة الدفاعية الأميركية (داربا) إن التكنولوجيا المتقدمة في التليسكوب الضخم الذي يبلغ وزنه 90 طنا سوف تسمح للمسؤولين بالانتقال من «رؤية بعض الأجسام الكبيرة في وقت واحد من خلال ما يعادل أنبوب الامتصاص إلى واجهة كبرى تضم 10 آلاف جسم في وقت واحد». ولقد استخدم التليسكوب من قبل وكالة «ناسا» الفضائية لمراقبة الكويكبات وغير ذلك من الأجسام القريبة من الأرض التي قد تصطدم بالكوكب، كما يقول المسؤولون.
وعلى مدى العامين المقبلين، سوف يتم نقل التليسكوب وإعادة بنائه في أستراليا، وهي وجهة نظر من شأنها أن تسمح للتليسكوب بالرصد والمراقبة تحت المساحة المستخدمة من الفضاء.
ويقول براين ويدين، المستشار الفني في مؤسسة سيكيور وورلد، عبر رسالة بالبريد الإلكتروني: «يعتبر التليسكوب من التحسينات الكبيرة في مجال التليسكوبات البصرية الأرضية التي تستخدمها وزارة الدفاع الأميركية، نظرا لقدرتها على البحث في مساحات كبيرة من الفضاء وتتبع الأجسام الصغيرة للغاية داخل وحول المدار الأرضي الجغرافي المتزامن. وهي من القدرات الحيوية والمهمة بالنسبة للجيش الأميركي، حيث إنه يمتلك الكثير من الأقمار الصناعية المهمة في المدار الأرضي الجغرافي المتزامن، ويتزايد قلق المؤسسة العسكرية الأميركية حول التهديدات المحتملة لتلك الأقمار الصناعية».
وسوف ينضم التليسكوب لتكنولوجيا أخرى جديدة تتعلق بمتابعة الحطام الفضائي والمعروفة باسم «السياج الفضائي»، التي يجري العمل عليها الآن بواسطة شركة لوكهيد مارتن الأميركية. وسوف يستقر نظام الرادار في كواجالين أتول في جزر مارشال، وسوف يستخدم الرادار في مساعدة القوات الجوية على تتبع كمية مضاعفة من الحطام بمقدار 10 أضعاف الكمية الخاضعة للمراقبة في الوقت الحالي.
وفي وجود العديد من الأصول القيمة في الفضاء - مثل الأقمار الصناعية المستخدمة للاستخبارات، والاتصالات، وتوجيه الأسلحة - أصبحت وزارة الدفاع الأميركية أكثر قلقا حيال ما تسميه «الإدراك الوضعي الفضائي». وبدلا من أن يكون الفضاء من البيئات الصديقة، تفضل وزارة الدفاع الأميركية أن تقول إن الفضاء قد أصبح «مكانا متنازعا عليه، ومزدحما، ومفعما بالمنافسة». ويتحرك الحطام في الفضاء بسرعة فائقة تعادل 17.500 ميل في الساعة، ولذلك فإن بقعة الطلاء التي تتحرك بهكذا سرعة يمكن أن تسبب الكثير من الضرر.
وفي عام 2007، أطلقت الصين صاروخا لتدمير قمر صناعي قديم لديها وأدى انفجاره إلى تناثر الآلاف من قطع الحطام في الفضاء. وكانت القوات الجوية الأميركية تعمل حتى تكون أقمارها الصناعية أكثر مرونة وقدرة على التحمل. ولديهم خطط لإرسال أسراب من الأقمار الصناعية الصغيرة إلى المدار تلك التي يصعب استهدافها.
يقول الجنرال جون هاتين من القوات الجوية الأميركية في مقابلة شخصية أجريت معه في وقت سابق من هذا العام عندما كان يشغل منصب قائد القيادة الفضائية للقوات الجوية الأميركية: «تعتمد كل عملية عسكرية تُنفذ في العالم اليوم بشكل كبير على الفضاء بطريقة أو بأخرى، سواء كان المسؤولون داخل الولايات المتحدة يدركون تماما أهمية الاعتماد على الفضاء أم لا، فإن بقية العالم كان يراقبنا عن كثب ولا يزال».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».