استنفار في حلب واستعداد طرفي الصراع لعملية عسكرية كبرى

موسكو تربط استمرار الهدنة بخطوات لفصائل المعارضة السورية

ثائر يوجه نيران سلاحه نحو قوات سوريا الديمقراطية في مدينة ماري شمال حلب (رويترز)
ثائر يوجه نيران سلاحه نحو قوات سوريا الديمقراطية في مدينة ماري شمال حلب (رويترز)
TT

استنفار في حلب واستعداد طرفي الصراع لعملية عسكرية كبرى

ثائر يوجه نيران سلاحه نحو قوات سوريا الديمقراطية في مدينة ماري شمال حلب (رويترز)
ثائر يوجه نيران سلاحه نحو قوات سوريا الديمقراطية في مدينة ماري شمال حلب (رويترز)

شهدت مدينة حلب عاصمة الشمال السوري يوم أمس استنفارا عسكريا كبيرا من قبل طرفي الصراع عشية انتهاء الهدنة التي أعلنتها موسكو يوم الخميس ومهدت لها بتجميد عمليات القصف بالطيران منذ الثلاثاء الماضي. وفي حين ربطت روسيا استمرار هذه الهدنة بالخطوات التي ستتخذها فصائل المعارضة السورية، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بمقتل وجرح 13 ألف مواطن خلال 6 أشهر من تصعيد القصف على المدينة.
قيادي في الجيش السوري الحر بحلب أعلن عن «اقتراب ملحمة حلب الكبرى»، قائلا: «إن بدايتها ستكون معركة كسر الحصار»، ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ مسلحي المعارضة أعدوا لهذه المعركة بكل الوسائل المتوافرة كاشفا أنّهم سيستخدمون «أساليب قتالية جديدة».
بدوره، تحدث «المرصد» عن حشد قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية مزيدا من المقاتلين في الأطراف الشرقية لأحياء حلب الشرقية، بالإضافة لحشد قواتها في القسمين الشمالي والجنوبي من هذه الأحياء، مقابل قيام فصائل المعارضة بحشد قواتها في ضواحي أحياء حلب الغربية، وذلك تمهيدًا لبدء عملية عسكرية كبيرة في مدينة حلب.
هذا وأفادت شبكة «آرا نيوز» بـ«استنفار كبير وحالة تأهب قصوى» في مناطق سيطرة النظام بمدينة حلب عقب نشر القائد العام لـ«حركة نور الدين زنكي» توفيق شهاب الدين، تغريدة على موقع «تويتر» عن قرب بدء معركة فك الحصار عن المدينة، لافتة إلى انتشار مكثف لعناصر من قوات النظام والميليشيات الإيرانية التابعة لها على جبهات القتال قرب الكليات العسكرية ومنطقة الراموسة تحسبًا لهجوم تقوم به فصائل المعارضة.
وقال الناشط أعمر أبو عمر الموجود داخل مناطق سيطرة النظام في حلب إنه منذ ساعات صباح يوم السبت «لوحظ انتشار كثيف لقوات النظام والميليشيات الإيرانية والشيعية وحالة من التأهب القصوى في صفوفهم بالإضافة إلى استنفار شمل حتى عناصر شرطة المرور»، وتحدث عن تكثيف طيران الاستطلاع تحليقه على جبهات غرب مدينة حلب وجنوبها لرصد أي هجوم قد تشنه فصائل المعارضة. وأشار أبو عمر إلى إخلاء الجمعيات السكنية القريبة من حي الحمدانية والأكاديمية العسكرية وجمعية الروّاد وجمعية تشرين وجمعية الاصطياف بسبب القصف الذي تتعرض له.
في هذه الأثناء، قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إن قرار تمديد الهدنة من عدمه ليس مرتبطا بروسيا، بل هو مرتبط بالخطوات التي سيتخذها الطرف الآخر. ونقلت وكالة «نوفوستي» عن ريابكوف قوله «سنرى كيف ستسير الأحداث اليوم، لقد صرحت القيادة (الروسية) العليا أن هذا الأمر ليس مرتبطا بروسيا، وإنما مرتبط بقدر كبير بما إذا كان الطرف الآخر سيمشي في هذا الاتجاه أولا».
من جهتها، اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا «المسلحين (المعارضين) في حلب بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية وخروج السكان من المدينة». وادعت زاخاروفا أن «روسيا تعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية وإخراج المدنيين والأطفال، المحتاجين إلى مساعدات طبية، من المناطق المحاصرة»، زاعمة أن «المسلحين من مختلف التنظيمات الإرهابية يعرقلون خروج المدنيين المحاصرين».
في المقابل، اتهم أحمد رمضان، عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» موسكو والنظام السوري بحصر خيارات المدنيين الراغبين بالخروج من حلب بمعبر واحد في منطقة بستان القصر كي يؤمّنوا وصولهم مباشرة إلى مناطق خاضعة لسيطرتهم، ولفت إلى أن قناصيهم استهدفوا أصلا عددا من النساء والأطفال الذين عبروا المعبر المذكور رغم طلب الجيش الحر من سكان الأحياء الشرقية عدم المخاطرة وسلوكه حفاظا على سلامتهم. ورجّح رمضان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يعود الروس بعد انتهاء الهدنة إلى قصف حلب بعنف وبأنواع مختلفة من القنابل المتطورة بعد استخدامهم أخيرا القنابل الارتجاجية ذات القوة التدميرية غير المسبوقة.
ولقد أيّد رياض قهوجي، مدير «معهد الشرق الأوسط والخليج للأبحاث العسكرية»، رؤية رمضان لما هو مقبل على حلب، معتبرا أن ما بعد الهدنة سيكون استمرارا لما كان قبلها، مشيرًا إلى أن القصف سيُستأنف كما محاولات الاقتحام. وقال قهوجي لـ«الشرق الأوسط» شارحًا «لعل العنصر الوحيد المستجد سيكون استعادة المعارضة نشاطها بعدما لملمت قواها في الأيام القليلة الماضية، خاصة أنها أثبتت في تجارب سابقة أن لديها القدرة على المبادرة من دون أن تملك المقومات التي تمكنها من الاحتفاظ بالمواقع التي تسيطر عليها». وإذ استبعد قهوجي تماما فرض سيناريو داريا ومعضمية الشام وغيرهما من المدن التي تعرض أهلها لـ«التهجير القسري» على حلب نظرا لوجود 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية، فإنه رجّح أن تبقى أحوال المدينة على ما هي عليه حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، باعتبار أن تسليم مقاتلي المعارضة أسلحة نوعية كمضادات للطائرات أو غيرها لا يمكن توقعه قبل خروج الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما من البيت الأبيض.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.