«درع الفرات» تنتزع «دابق» من «داعش» في هزيمة رمزية تمهّد لـ«معركة الباب»

أنقرة: الحملة ستواصل تقدمها.. وإردوغان ينتقد أميركا لبنائها مطارًا في كوباني

مقاتل من فصائل الجيش الحر يطلق قذيفة مورتر على تنظيم داعش داخل بلدة دابق بريف حلب الشمالي أول من أمس ضمن معركة «درع الفرات» التي أخرجت التنظيم من البلدة أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من فصائل الجيش الحر يطلق قذيفة مورتر على تنظيم داعش داخل بلدة دابق بريف حلب الشمالي أول من أمس ضمن معركة «درع الفرات» التي أخرجت التنظيم من البلدة أمس (أ.ف.ب)
TT

«درع الفرات» تنتزع «دابق» من «داعش» في هزيمة رمزية تمهّد لـ«معركة الباب»

مقاتل من فصائل الجيش الحر يطلق قذيفة مورتر على تنظيم داعش داخل بلدة دابق بريف حلب الشمالي أول من أمس ضمن معركة «درع الفرات» التي أخرجت التنظيم من البلدة أمس (أ.ف.ب)
مقاتل من فصائل الجيش الحر يطلق قذيفة مورتر على تنظيم داعش داخل بلدة دابق بريف حلب الشمالي أول من أمس ضمن معركة «درع الفرات» التي أخرجت التنظيم من البلدة أمس (أ.ف.ب)

قال وزير الدفاع التركي فكري إيشك إن القوات الخاصة التركية المشاركة في عملية درع الفرات لدعم قوات الجيش السوري الحر في شمال سوريا ستواصل تقدمها في شمال سوريا حتى يتم ضمان تأمين تركيا تماما من تنظيم «داعش» الإرهابي.
وقال إيشك في تصريحات، أمس، جاءت بعد إعلان السيطرة على بلدتي دابق وصوران في شمال سوريا، إن حملة درع الفرات استطاعت إلى حد كبير التقليل من الخطر المباشر الذي يشكله تنظيم داعش الإرهابي على الأراضي التركية.
ولفت إلى نجاح القوات المشاركة في هذه العملية في تحرير مساحة ألف ومائة كيلومترات في الشمال السوري وأنّ القوات المشاركة في هذه العملية مستمرة في تقدمها من أجل إبعاد خطر التنظيم عن تركيا بشكل نهائي. وأشار إلى أن أنقرة مستمرة في التحضير للمشاركة في عمليتي تحرير الرقة، معقل «داعش» في شمال سوريا، وكذلك العملية الوشيكة في الموصل شمال العراق.
وانتزعت قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا والتحالف الدولي لضرب «داعش»، السيطرة على بلدة دابق من تنظيم داعش أمس، بعد أقل من 24 ساعة على انطلاق العمليات فيها في إطار درع الفرات. وقالت مصادر عسكرية تركية إنه يبدو أن «داعش» ترك المنطقة في أغلبها، لكنه حذر من أن الجيش السوري الحر ما زال يتعين عليه إزالة ألغام أرضية من دابق.
ويواجه تنظيم داعش هجوما متوقعا في وقت قريب على أهم معاقله وهو مدينة الموصل العراقية في حين يهدد تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي تدعمه الولايات المتحدة ويهيمن عليه مقاتلون أكراد، بالتقدم باتجاه الرقة في سوريا، إلا أن هذه المسألة تثير خلافات بين أنقرة وواشنطن التي لا تريد مشاركة القوات الكردية من وحدات حماية الشعب والاتحاد الديمقراطي التي تشكل جزءا كبيرا من قوام قوات سوريا الديمقراطية في عملية الرقة.
واعتبرت المصادر التركية أن الحلقة الأصعب في عملية درع الفرات التي بدأت في 24 أغسطس (آب) الماضي، تم إنجازها وأن العملية ستستمر إلى أن يتم تحقيق جميع أهدافها المرسومة مسبقًا.
وتأتي أهمية تحرير قرية دابق وبلدة صوران، من كونهما تعتبران الممر الأسهل والأقرب إلى مدينة الباب التي تعد المعقل الرئيسي لـ«داعش» في ريف محافظة حلب.
وتعتبر أنقرة أن السيطرة على الباب سيقطع الطريق على عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه كمنظمة إرهابية، وكذلك عناصر «داعش» من الارتداد من الموصل والتجمع في الرقة.
وتستهدف أنقرة من العمليات الجارية في شمال سوريا حاليا تطهير مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع لإقامة منطقة آمنة لإيواء اللاجئين السوريين بطول 98 كيلومترا من جرابلس إلى الراعي وبعمق 45 كيلومترا داخل الأراضي السورية، وهو ما سيضمن إبعاد «داعش» وكذلك منع إقامة شريط كردي على حدودها.
ورغم أن البلدة لا تتمتع بأهمية ميدانية استراتيجية لدى التنظيم مقارنة مع المدن الكبرى التي يسيطر عليها كالرقة في سوريا والموصل في العراق المجاور، فإن أهميتها تكمن في «رمزيتها الدينية» التي لطالما اعتمد عليها «داعش» في الدعاية له، بحسب ما يقول الباحث في الشأن السوري، أحمد أبا زيد. ويوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «خسارة التنظيم لهذه البلدة لها تأثير معنوي مباشر وانهيار للاستناد إلى المقولة الدينية التي يعتمد عليها (داعش) انطلاقا من دابق، وهو ما يؤثر على مصداقيته وهو عامل جذب بالنسبة إلى المقاتلين ولا سيما الأجانب منهم». أما ميدانيا، فإن السيطرة على دابق يمهّد وفق أبا زيد لاستكمال خط الوصل ما بين جرابلس وأعزاز ومارع وبالتالي التمهيد للمرحلة التالية من معركة «درع الفرات» في منطقة الباب التي تعتبر أكبر بلدات مدخل ريف حلب الشرقي.
وقال أحمد عثمان قائد «جماعة السلطان مراد» من فصائل الجيش السوري الحر التي شاركت في الاشتباكات مساء السبت وصباح الأحد، إن مقاتلين مدعومين بدبابات وطائرات تركية استولوا كذلك على بلدة صوران المجاورة. وأضاف لـ«وكالة رويترز» أن «أسطورة (داعش) عن معركتها العظيمة في دابق انتهت». وكان التنظيم وتزامنا مع الحشد العسكري للفصائل في محيط دابق، أورد في نشرته «النبأ» التي أصدرها الخميس، أن «هذا الكر والفر في دابق وما حولها (معركة دابق الصغرى) سينتهي بملحمة دابق الكبرى».
ويستند التنظيم إلى نبوءة دينية قديمة يرد فيها أن حشدا من الكفار يواجه جيش المسلمين عند بلدة دابق في ملحمة يقتل فيها الكثير من المسلمين، لكنهم ينتصرون في النهاية قبل أن تحل القيامة.
في السياق، انتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شروع الولايات المتحدة في بناء مطار في مدينة عين العرب (كوباني)، شرق حلب شمالي سوريا. وقال إردوغان في كلمة مساء السبت في لقاء في ريزة شمال شرقي تركيا،: «الأميركيون يبنون مدرجات جنوب عين العرب، وكان يتعين عليهم أن يتشاوروا معنا لا مع تنظيم إرهابي مثل حزب الاتحاد الديمقراطي قبل الإقدام على تلك الخطوة».
ومنذ يناير (كانون الثاني) 2015 تخضع عين العرب المحاذية لولاية شانلي أورفا جنوب تركيا، لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بعد انسحاب تنظيم داعش الإرهابي منها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.