دراسة: اكتساب عادات الأكل السيئة قد يبدأ في رياض الأطفال

يفقدون القدرة على ضبط شعورهم بالجوع والكف عن الأكل

اكتساب عادات الأكل في رياض الأطفال
اكتساب عادات الأكل في رياض الأطفال
TT

دراسة: اكتساب عادات الأكل السيئة قد يبدأ في رياض الأطفال

اكتساب عادات الأكل في رياض الأطفال
اكتساب عادات الأكل في رياض الأطفال

تشير دراسة حديثة إلى أن بعض دور رياض الأطفال تلتزم كثيرا بتعليمات «أفرغوا ما في الأطباق» لكن الحرص الشديد على التحكم فيما يأكله الصغار قد يأتي بنتائج عكسية ويجعلهم أكثر عرضة لزيادة الوزن.
وكانت أبحاث سابقة كثيرة تشير إلى أنه عندما يتعرض الأطفال لتجربة التحكم في ممارسات التغذية فإنهم قد يفقدون القدرة على ضبط شعورهم بالجوع والكف عن الأكل عندما يشعرون بالشبع. وبمرور الوقت قد ينجذب الأطفال الذين يجبرون على إفراغ ما في أطباقهم عند كل وجبة إلى السكريات والوجبات الخفيفة ويواجهون خطر زيادة الوزن أو البدانة.
وقال باحثون في دورية أكاديمية التغذية والغذائيات يوم 17 سبتمبر (أيلول) إن دراسة حديثة أشارت إلى أن بعض العاملين في دور رياض الأطفال يظنون أن أسلوب إفراغ ما في الطبق سيشجع الصغار على تطوير شهية صحية.
وقالت ديبتي ديف كبيرة الباحثين في الدراسة وهي أخصائية في السلوك الصحي للأطفال بجامعة نبراسكا في لينكولن «وتتوصل هذه الدراسة أيضًا إلى أن مقدمي خدمات رياض الأطفال يلجأون إلى ممارسات التحكم في التغذية خوفًا من رد الفعل السلبي لأولياء الأمور إذا وجدوا أن طفلهم لم يأكل».
وأضافت عبر البريد الإلكتروني: «يجب أن يتجنب مقدمو خدمات رياض الأطفال التحكم في ممارسات التغذية مثل إعطاء الطفل الطعام كجائزة أو على سبيل التشجيع وتحاشي الثناء عليه عندما يفرغ ما في طبقه».
ولفهم طريقة تفكير القائمين على دور رياض الأطفال في تغذية الأطفال أجرت ديف وزملاؤها مقابلات مع 18 امرأة تعملن في دور لرياض الأطفال بين سن عامين إلى خمسة أعوام.
وقال بعضهم إنهم يستخدمون أساليب التحكم في التغذية لأنها فعالة خاصة مع الأطفال الذين يصعب إرضاؤهم ومن يتسمون بالعناد.
وأضافوا أن الطعام أو الحلوى تمثل جوائز جيدة يمكن منحها للطفل على مدار اليوم عندما يؤدي بعض المهام كاستخدام المرحاض مثلا. وقال البعض إن تدريب الطفل على استخدام المرحاض سيكون أصعب بكثير دون جوائز الحلوى.
وفي بعض الحالات يمكن للقائمين على رياض الأطفال محاولة تشجيع الصغار على اختبار المزيد من أصناف الأكل بلمسها أو شمها أو اللعب بها وجميعها أساليب يمكن أن تحول تجربة تناول الطعام إلى استكشاف يتمتع به الطفل.
إلى ذلك، أظهرت دراسة جديدة أن الأطفال الذين يطلبون ما يعرف باسم وجبات الكومبو في مطاعم الوجبات السريعة يحصلون على مشروب سكري أكثر من غيرهم مما يعني زيادة السعرات الحرارية الكلية في الوجبة. وخلص باحثون إلى أن هذه المشروبات كالمشروبات الغازية والشاي المحلى والحليب التي تضاف إليه نكهات تضيف نحو 179 سعرا حراريا للوجبة.
وقال برايان ايلبل كبير الباحثين في الدراسة وهو من كلية الطب بجامعة نيويورك: «تزداد الصلة بين المشروبات المحلاة بالسكر ومشكلات صحية مثل مرض السكري».
وحلل فريق البحث ما يقرب من 500 فاتورة شراء واستطلاعات رأي في مطاعم وجبات سريعة بمدينة نيويورك ونيوآرك وجيرزي سيتي في نيوجيرزي خلال عامي 2013 و2014. واكتشف الباحثون أن 60 في المائة من المشروبات التي اشتراها الأطفال كانت محلاة بالسكر وأن وجبات الكومبو تشمل على الأرجح مشروبا سكريا.
وإلى جانب طلب وجبة كومبو كان الأطفال الذكور ومن تزيد أعمارهم على 12 عاما أكثر ميلا لشراء مشروب محلى بالسكر واستهلاك نسبة أعلى من السعرات الحرارية والسكر. وكان المسؤولون عن رعاية الأطفال وأولياء الأمور الذين يحملون شهادة ثانوية أو أقل واشتروا الوجبة في وقت العشاء وتناولوها في المطعم أكثر ميلا لشراء مشروبات سكرية لأطفالهم.
وكتب معدو الدراسة في الدورية الأميركية للصحة العامة أن المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها تصنف نحو 17 في المائة من الأطفال تحت سن 19 عاما في الولايات المتحدة على أنهم بدناء.
وتوصي الإرشادات الغذائية للأميركيين بعدم تجاوز نسبة السكر من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الأطفال 10 في المائة أي ما يتراوح بين 120 و180 سعرا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».