شاعر تحت حصار القتلة

عبد الكريم عمرين يكتب من

شاعر تحت حصار القتلة
TT

شاعر تحت حصار القتلة

شاعر تحت حصار القتلة

حمص أيقونة الثورة السورية، لم يتبقَّ منها في أيدي الثوار سوى حي الوعر، الذي كان، وما زال، وعرًا على القوات الطائفية والهمجية التي لم تدع حجرا أو بشرا واقفا بقصفها الجنوني لمدينة ابن الوليد، وديك الجن، والقاشوش.
لم يتبق في حي الوعر سوى بضعة آلاف وشاعر تحت حصار القتلة. عبد الكريم عمرين، شاعر حمص، شاعر الوعر، شاعر الحب في زمن الموت.
في ديوانه الذي صدر أخيرا «حمص: للحب وقت.. وللموت وقت»، يقصّ يوميات الحصار، في زمن الموت الأعمى. يوميات القصف، يوميات القتل الممنهج، والتهجير، والتجويع. إنها يوميات شاعر في الستين من العمر، مع ابنه فادي في جهنم حمص:
أعيش وحيدا وسط الحرب القذرة
بائس أنا
رجل غادر الستين بخطوتين
لم يتبق مني سوى
جسد نخر وروح خرقاء
إنها حكاية ألم مزمن، ألم نصف قرن من القمع، وسنوات خمس من القتل والتدمير وسحق ما تبقى من روح التمرد على الظلم، والمطالبة بالحرية، والعدالة الإنسانية.
إنها كلمات مثقلة بمزيج الألم والحزن اليومي المتجدد مع فقدان الأقرباء، والأصدقاء الذين قضوا، أو هجروا، أو اعتقلوا في أقبية التعذيب. حتى إن الكلمات لم تعد تعبر عن حجم المأساة:
القذائف والشظايا جعلت بيتنا
كبيت العنكبوت
الريح نصال من صقيع
والجوع ينهش فينا..
نخر فينا فعل الأوغاد والأوباش
الرعاع والدهماء
ماتت الحروف
وانتحرت الكلمات
الأيام تتوالى متشابهة في معاناة من هم تحت وطأة البراميل المتفجرة لنظام يريد قتل شعب ينشد الحرية، وقذائف المقاتلات الروسية المساندة له ضد شعبه. تتجدد الفجيعة مع كل برميل تسقطه يد لئيمة، وكل قذيفة فسفورية من شارب فودكا على تجمع أمام طالبي كسرة خبر في ظل الحصار:
الوالد المفجوع
يبحث عن أشلاء ابنه
أمام بائع الخبز
الأم الثكلى وجدت
يده فقط قابضة على بقية رغيف
والوالد وجد قدمه
بفردة حذاء أحمر
في يوم ميلاد السيد المسيح، كان يوم ريح، وصقيع، ومطر، العالم يحتفل بشموع، وشجرة ميلاد، وديك رومي سمين، وهدايا، إلا في حي الوعر، فهدايا النظام للأطفال المحاصرين برميل متفجر، ورصاصة قناصة، وقذيفة شيلكا.. في يوم ميلاد المخلص:
كم سيغضب منكم المسيح
في هذا الميلاد
حيث الوقت ضياع البلاد
وبيع الأرواح بالمزاد
حيث عاد البرابرة والقياصرة
لشرب الدماء في المدن المحاصرة
حمص مدينة العاصي، والعصاة، مدينة البسمات على الشفاه، والأبواب المشرعة لكل زائر وكل ضيف. مدينة بحيرة قطينة، ماء وحياة، مدينة وسط عقد المدن السورية، كلؤلؤة الدانة. اليوم باتت بلا جدران، ولا أبواب، وبلا بنائين، ونجارين وصناع أقفال:
لم يعد في حمص صانعو أقفال ومفاتيح
المفتاح ليس قطعة مدن يا سادة
المفتاح وطن وأمان
فرحة طفل ونوم ملء الأجفان
يحكي الشاعر في أكثر من قصيدة حياته مع ابنه المذعور في كل مرة من آلة الدمار والقتل. في يوم يفقد صديقا، وآخر يفقد جزءا من طفولته:
يجلس فادي في الشرفة وحيدا
يبدأ بعد القذائف المتساقطة على الوعر
ويصرخ في وجه من يطلق الشيلكا
يناديني خائفا فأضمه
ويسألني متوجسا متطيرا مرتعشا:
بابا.. هل مات أحد؟
في ظل الكآبة اليومية، والموت الذي بات عاديا كهطول مطر، يتذكر الشاعر حبيبته، ففي خراب الدمار هناك وقت أيضًا للحب، لأنه وحده يزرع الأمل، ووحده يؤلف القلوب، هو العزاء الوحيد في مدينة العزاء:
لم يعد للمدينة حيطان
لأكتب عليها: أحبك
الحرب دمرتها
ودمرت الأرصفة
التي حلمت أني
أضم خصرك
ونمشي فوقها معا
.....
الحب هذا ما نفتقد، هؤلاء الذين رحلوا وصاروا سكان خيام ما وراء الحدود بانتظار عودة لا مفر منها، عودة إلى أحضان ما بقي من أحبة، أو إلى قبور الذين لم يحالفهم الحظ في تحاشي برميل متفجر، أو أخطأهم قناص متربص.
يا أنتم
إذا متنا وعدتم
انثروا الورود فوق قبورنا
الورد يليق بنا
والحياة تليق بكم
جاء الديوان بمائتي صفحة من القطع الكبير.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.