سلطات طرابلس غير الشرعية تطيح بالمجلس الأعلى للدولة المدعوم دولياً

كوبلر: هذه الأفعال تهدف إلى عرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي

جنود موالون للقوات الموالية للحكومة خلال مواجهات مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
جنود موالون للقوات الموالية للحكومة خلال مواجهات مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
TT

سلطات طرابلس غير الشرعية تطيح بالمجلس الأعلى للدولة المدعوم دولياً

جنود موالون للقوات الموالية للحكومة خلال مواجهات مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)
جنود موالون للقوات الموالية للحكومة خلال مواجهات مع أتباع «داعش» في مدينة سرت (رويترز)

في حين يمكن اعتباره بمثابة انقلاب عسكري وسياسي لافت للانتباه، نجحت السلطات غير الشرعية في العاصمة الليبية طرابلس في استعادة مقرها الرسمي، الذي كان يشغله ما يسمى «المجلس الأعلى للدولة»، الذي أعلن رئيسه عبد الرحمن السويحلي الشهر الماضي، أنه مضطر إلى تسلم السلطة، وذلك بسبب تقاعس مجلس النواب عن تمرير حكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة التي يرأسها فائز السراج.
ودخلت عناصر مسلحة مقر قصور الضيافة بالتنسيق مع الحرس الرئاسي، وتمت العملية بتنسيق مع الأمن الرئاسي وبعض الكتائب، لكن الفضل في ذلك كان للأمن الرئاسي، حسبما قال مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط». وكان الحرس الرئاسي المُكلف بتأمين هذه القصور قد أغلق مقر مجلس الدولة في العاصمة طرابلس الأحد الماضي، ومنع أعضاء المجلس من الدخول، احتجاجا على عدم صرف رواتبهم لعدة أشهر. وعلمت «الشرق الأوسط» بأن هذه الخطوة سبقها اجتماع سري تم في تركيا بين عبد الله الثني رئيس الحكومة المؤقتة في شرق البلاد، وخليفة الغويل رئيس حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام «البرلمان» السابق والمنتهية ولايته.
وقالت مصادر رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن سيطرة الحرس الرئاسي التابع لمجلس الدولة على مقره لصالح برلمان طرابلس، تمت بسبب عجز السويحلي عن تأمين مرتبات عناصر الحرس منذ نحو سبعة أشهر. وأضافت المصادر موضحة أن كثيرا من الكتائب المسلحة في العاصمة طرابلس عرضت خدماتها على الطرفين في استعادة القصور على سلطات طرابلس غير الشرعية، بعدما خفت ضوء مشروع حكومة الوفاق وتفرق الجمع حولها.
وقال مسؤول بارز في برلمان طرابلس - مشترطا عدم تعريفه - إن «الجميع عاد للمؤتمر، لكن نحن فضلنا ألا نستعين بكتيبة أو بقوة لاقتحام المؤتمر، وفضلنا أن تعطى هذه المهمة للأمن الرئاسي أنفسهم، ولم نرد أن نقتحمهم بقوة أخرى»، موضحا أن البرلمان غير المعترف به دوليا استعاد السيطرة على مقره الأصلي المعروف باسم القصور الرئاسية في العاصمة طرابلس، بعدما كان يجتمع في مكان آخر. وأضاف المسؤول موضحا أن استعادة القصور الرئاسية الآن لها مضامين ودلالات. لافتا النظر إلى تدخل البرلمان بقوة عسكرية كبيرة استرجع فيها مقراته في قلب طرابلس، وأن (المؤتمر الوطني) «هو القوة الكبرى في طرابلس، لكن قد نتوقع اليوم أو غدا فرار من يمثلون مؤسسات الوفاق، إذا سقطت حكومة الوفاق»، في إشارة إلى الحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، التي يترأسها فائز السراج، والموجودة أيضا في مقر القاعدة البحرية الرئيسية بالعاصمة الليبية.
وأضاف المسؤول ذاته، أن المؤتمر وحكومة الإنقاذ التابعة له وجها دعوة إلى البرلمان وحكومة الثني (في شرق البلاد) لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وللدخول في حوار ليبي ليبي، لجمع الصف والخروج بمشروع وطني.
وأن سلطات طرابلس تنتظر بيانا من عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ورئيس حكومته الثني الموجودين في شرق البلاد، لإعلان دعمهما لخطوة السيطرة على مقر مجلس الدولة، وبدء مشاورات حقيقية لتشكيل حكومة مشتركة تحل محل حكومة السراج.
وكانت سلطات طرابلس السابقة التي حلت محلها في أبريل (نيسان) الماضي مؤسسات جديدة تدعمها الأسرة الدولية، قد أعلنت بشكل مفاجئ مساء أول من أمس استعادة سلطتها بعد سيطرتها على مقار مجلس الدولة من دون معارك.
من جهته، قال خليفة الغويل، رئيس «حكومة الإنقاذ الوطني»، السابقة الذي يرفض الرحيل، في بيان، إن حكومته هي «الحكومة الشرعية». ودعا جميع الوزراء ورؤساء الهيئات والتابعين لحكومة الإنقاذ إلى «ممارسة مهامهم وتقديم تقاريرهم وتسيير مؤسساتهم خاصة فيما يتعلق ويمس الحياة اليومية للمواطن»، طالبا من «جميع الكتائب المسلحة التأهب لردع أعداء الوطن واعتبار الأوضاع الحالية إعلان حالة الطوارئ».
لكن عمر حميدان، الناطق باسم برلمان طرابلس، نفى أن يكون ما حدث بمثابة انقلاب عسكري، وقال إنه «ليس انقلابا عسكريا، بل استعادة للسلطة.. نحن لا نتوقع معارك، وكل القوى السياسية والعسكرية تؤيد عودة المؤتمر، وتقلده زمام الأمور بعدما تبين للجميع فشل حكومة الوفاق المفروضة من المجتمع الدولي»، موضحا أن «عودة المؤتمر لتقلد الزمام كانت مطلبا شعبيا، بعدما تبين للجميع فشل الحكومة المفروضة دوليا، التي تهدف إلى توطين الإخوان في ليبيا، وكل القوى السياسية والعسكرية مع عودة المؤتمر». في المقابل، هددت حكومة السراج باعتقال وتوقيف «كل السياسيين الذين يحاولون إقامة مؤسسات موازية وزعزعة استقرار العاصمة».
وقالت، في بيان لها، إن مجلسها الرئاسي أصدر تعليماته لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بالتواصل مع مكتب النائب العام لمباشرة إجراءات اعتقال «من خطط ونفذ حادثة اقتحام مقر مجلس الدولة من السياسيين».
من جهته، أكد مجلس الدولة، برئاسة السويحلي، استمراره في عمله وتعاونه مع المؤسسات الشرعية للتعامل مع عملية الاقتحام، التي وصفها بـ«العمل الإجرامي». وأوضح أنه كلف إدارة الأمن والحماية التابعة له بتحديد العناصر التي ساهمت في تسهيل تسلل هذه المجموعات، وطالب الإدارة بالتعاون الكامل مع كل الأجهزة الأمنية في هذا الخصوص.
في غضون ذلك، أعرب مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، عن دعمه القوي للمجلس الرئاسي لحكومة السراج بصفته السلطة الشرعية الوحيدة بموجب الاتفاق السياسي الليبي، الذي تم توقعيه العام الماضي بدعم غربي وأميركي في منتجع الصخيرات بالمغرب، معتبرا أن «مثل هذه الأفعال التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات موازية، وعرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي سوف تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات وانعدام الأمن، ويجب أن تنتهي من أجل الشعب الليبي». وأكد كوبلر مجددا أن اتفاق الصخيرات لا يزال الإطار الوحيد لحل سلمي في ليبيا، وحث جميع الأطراف السياسية الفاعلة على الاتحاد تأييدا له.
إلى ذلك، قالت القوات الموالية لحكومة السراج إنها تقدمت في منطقة أخرى ضمن معركتها لتحرير مدينة سرت من قبضة تنظيم داعش، بعد اشتباكات أسفرت عن سقوط 14 قتيلا منها. وقال مسؤولون عسكريون إن قتالا عنيفا دار في شوارع منطقة الجيزة البحرية، استخدمت فيه دبابات وعربات مدرعة مزودة بمدافع آلية ثقيلة، بالإضافة إلى غارات جوية لاستعادة منازل استولى عليها مقاتلو «داعش».
وقال أحمد هدية، أحد المتحدثين باسم القوات الموالية للحكومة، إن قوات البنيان المرصوص توغلت أول من أمس في الجيزة البحرية، وإن طائرات القوات الليبية أصابت سيارة ملغومة. واستهدفت ثلاث ضربات جوية على الأقل مواقع تنظيم داعش أول من أمس، فيما قال أحد قادة القوات التي تقاتل التنظيم إن مقاتلات أميركية قصفت على الأقل منزلين تحصن فيهما قناصة.



«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية بمقر البنك المركزي في عدن (رويترز)
حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية بمقر البنك المركزي في عدن (رويترز)
TT

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية بمقر البنك المركزي في عدن (رويترز)
حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية بمقر البنك المركزي في عدن (رويترز)

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ، موضحاً أن نقل الأموال إلى الخارج يخضع لعملية صارمة.

وقال البنك في بيان لمصدر مسؤول، الأربعاء، إن هذه المزاعم تجهل النظم المالية والمصرفية وحركة نقل الأموال بين البلدان، وما تخضع له من إجراءات بموجب قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب من الدول المُرحّلة لتلك الأموال، والدول المستقبلة لها، وهي دول صارمة في تطبيق هذه المعايير.

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

وأكد البيان أن الدول التي ترحل لها البنوك اليمنية بغرض تغذية حسابات هذه البنوك في البنوك المراسلة تمتاز بصرامتها وعدم تهاونها مع أي أنشطة غير قانونية.

وندد البنك بما وصفه بـ«استغفال الرأي العام عبر عرض مضلل للوقائع، ومحاولة توصيف عملية الترحيل القانوني عبر المنافذ الرسمية للدولة بأنها تهريب، وما ينطوي عليه هذا الافتراء الزائف من إدانة لجميع أجهزة الدولة التي تدير وتتحكم بتلك المنافذ، وأهمها مطار عدن الدولي»، وقال إن «هذا الاستغفال لا يمكن فهمه في الظروف الحالية للبلد إلا ضمن عملية تخريب تستوجب المساءلة والمحاسبة».

ولضرورة حماية الرأي العام من عمليات التشويش والإرباك التي يقودها مروجو الشائعات، أوضح المصدر المسؤول في بيانه أن ترحيل المبالغ من النقد الأجنبي في أي بلد لا يأتي إلا وفقاً لنظام صارم يتضمن اتخاذ كل إجراءات التحقق من مصادرها وأهدافها ووجهتها وفقاً للقوانين النافذة.

إجراءات متبعة

أكد «المركزي اليمني» أن إجراء نقل الأموال متبع في كل البلدان، وأنه يتم الحصول على ترخيص رسمي لنقل المبالغ المُرحّلة التي تخص البنوك المرخصة والعاملة في اليمن، التي لها حسابات مفتوحة في البنوك المراسلة في بلدان استقبال هذه المبالغ التي تستخدم لتغطية حاجات عملائها لتمويل استيراد المواد الغذائية والدوائية والخدمات الأخرى التي يحتاج إليها البلد.

عملة معدنية غير قانونية سكها الحوثيون في صنعاء (إكس)

وأكد المصدر أنه لا يصدر ترخيص البنك المركزي بترحيل أي شحنة من الأموال حتى تخضع لجميع إجراءات التحقق، وتطبيق كل معايير الالتزام عبر وحدة جمع المعلومات وقطاع الرقابة على البنوك.

وطبقاً لبيان «المركزي اليمني» فإنه يصدر منذ تأسيسه تراخيص للبنوك بترحيل فوائضها من العملات وفقاً للإجراءات المتبعة، حيث فاقت المبالغ المرحلة قبل الحرب ما يعادل 11 مليار ريال سعودي من مختلف العملات.