النظام السوري يفرغ ضاحية الهامة من المعارضين.. وآخر مراحل التهجير من قدسيا تنتهي اليوم

500 شخص «سووا أوضاعهم».. و150 في «قائمة سوداء» أجبروا على المغادرة

معاضون يصلون مع عوائلهم إلى مدينة إدلب قادمين من قوسيا والهامة (أ.ف.ب)
معاضون يصلون مع عوائلهم إلى مدينة إدلب قادمين من قوسيا والهامة (أ.ف.ب)
TT

النظام السوري يفرغ ضاحية الهامة من المعارضين.. وآخر مراحل التهجير من قدسيا تنتهي اليوم

معاضون يصلون مع عوائلهم إلى مدينة إدلب قادمين من قوسيا والهامة (أ.ف.ب)
معاضون يصلون مع عوائلهم إلى مدينة إدلب قادمين من قوسيا والهامة (أ.ف.ب)

طويت صفحة بلدة الهامة، في محافظة ريف دمشق قرب العاصمة السورية، بوصول آخر دفعة من أبنائها إلى محافظة إدلب صباح أمس، لتستكمل عملية تهجير ضاحية أخرى هي قدسيا، بحسب تعبير المعارضة السورية، اليوم السبت، عبر إخراج آخر مجموعة المسلّحين وعائلاتهم الذين اختاروا الانتقال إلى إدلب طوعا أو الذين فرض عليهم الخروج بوضعهم ضمن «القائمة السوداء» التي حدّدها النظام السوري.
وبحسب ما أكّد أحد أعضاء المجلس المحلي الذي خرج أمس من بلدة قدسيا، لـ«الشرق الأوسط» «فإن القائمة السوداء تضم 150 شخصا معظمهم من المجلس المحلي ومقاتلين معارضين، خرج بعضهم أول من أمس والبعض الآخر من المتوقع أن يخرجوا اليوم السبت كحد أقصى» بعد انتهاء الترتيبات اللازمة. وأكد المصدر أنه وإثر ورود معلومات للنظام عن رفض عدد منهم المغادرة بدأ الطيران يحلّق في المنطقة تهديدا منه بقصف المنطقة، بعدما كان قد هدّد بشكل مباشر بأن عدم خروج هؤلاء سيعرض المنطقة بأكملها للقصف العشوائي.
وأوضح عضو المجلس المحلي لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك نحو 500 شخص معظمهم من المقاتلين أو المنشقين عن الجيش قبلوا بالبقاء في بلدتي قدسيا والهامة (لتسوية وضعهم) خلال ستة أشهر وذلك عبر تسليم أسلحتهم والعودة إلى صفوف قوات النظام والالتحاق بالخدمة العسكرية التي كانوا قد تخلفوا عن تأديتها».
هذا، وأكّدت «شبكة شام» المعارضة يوم أمس، وصول الدفعة الأولى من مهجري قدسيا والهامة إلى قلعة المضيق في ريف محافظة حماه فجرًا، في طريق عبورها باتجاه محافظة إدلب المكان المقرر لإقامتها حسب الاتفاق الذي تم بين لجنة المصالحة في المدينتين ونظام الأسد. وتضمنت الدفعة الأولى من المهجرين 28 حافلة تحمل ما يقارب 1287 شخصا من أصل 2600 شخص، بينهم 650 مقاتلا من الفصائل المعارضة وعائلاتهم، توجهت إلى إدلب وريفها الشمالي حيث تم تجهيز بعض المساكن على عجل لاستقبالهم، بحسب «شبكة شام».
ويوم أمس وجه المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب رسالة عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، يحذر فيها مما يقوم به النظام السوري من تهجير قسري وتغيير ديموغرافي واسع النطاق وفاضح تحت مسمى الهدن المحلية والمصالحات لا سيما في ريف دمشق.
وأكّد حجاب في رسالته «على أن الحملة الجوية التي تشنها طائرات الأسد والعدوان الروسي على المدنيين في حلب؛ شكلت غطاء لقوات النظام وحلفائه لتشتيت الانتباه عما يفعلونه في ريف دمشق وحمص وغيرها، فبعد داريا يتم الآن تهجير سكان قدسيا والهامة وغيرها في ريف دمشق وكذلك الوعر في حمص».
وللعلم، سبق أهالي قدسيا والهامة في خروجهم من مناطقهم إلى إدلب كل من أهالي مدينة داريا وقبلها الزبداني ومضايا، بينما فشلت محاولات إخراج المعارضين من حي الوعر إلى الشمالي وتم نقلهم لبلدة الدار الكبيرة بريف حمص الشمالي. وللعلم، فإن محافظة إدلب تواجه ضغطا كبيرا يلقي على عاتقها مسؤولية استقبال الآلاف من السوريين من مناطق عدة، في ظل ازدياد الاحتياجات الأساسية لتأمين الإقامة المناسبة للعائلات.
«المرصد السوري لحقوق الإنسان» أعلن أمس أن تنفيذ الاتفاق يتم في غياب أي طرف ثالث ضامن أو مراقب، مشيرا إلى أن سيارات من الهلال الأحمر السوري رافقت الحافلات لإجلاء الجرحى أو المصابين أو الحالات المرضية، في وقت من المفترض أن تدخل قوات النظام في الأيام المقبلة إلى المنطقتين وتتسلم كافة النقاط التي كان يتمركز فيها مقاتلو الفصائل.
وكان «الائتلاف الوطني» السوري قد اعتبر أن ما يحصل في قدسيا والهامة «خطوة ضمن مشروع التهجير القسري المستمر» في مختلف أنحاء سوريا، و«الرامي إلى تغيير هويتها، بدعم وتنسيق كامل مع النظام الإيراني المحتل ورعاية من الاحتلال الروسي»، ورفض محاولات النظام فرض هدنة من طرف واحد على أهالي المنطقتين. وفي بيان له شدد الائتلاف على «عدم مشروعية أي اتفاق يغير الطبيعة السكانية، أو يمهد لتقسيم البلاد، أو يمس بحقوق المواطنين وعيشهم وكرامتهم». وأضاف: «لقد عودنا نظام الأسد وداعموه، على خيانة العهود والالتزامات وخرق المواثيق، والاستمرار بالقمع والإجرام ضد الثوار والمدنيين على حد سواء»، مشيرا في الوقت عينه إلى الخرق الأخير لاتفاق إخلاء مدينة داريا، بعد حصار طويل وتدمير متعمد، حيث يستمر النظام بالامتناع عن الإفراج عن النساء والأطفال المعتقلين لديه.
يذكر أن النظام السوري كان قد قبل أيام عدّة بدأ حملة هجوم برية مدعومة بآليات عسكرية وبتغطية جوية على مدينة قدسيا وبلدة الهامة بهدف إخضاع المعارضة وإجبارهم على الاستسلام.
وكان النظام يفرض حصارا على الهامة وقدسيا منذ أكثر من سنة وثلاثة أشهر، بحيث منعت الحواجز دخول وخروج المدنيين من وإلى المنطقة، كما منعت دخول المواد الغذائية والتموينية والطبية، بالإضافة لحليب الأطفال.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.