الملك محمد السادس ينتقد خدمات الإدارة وعلاقتها بالمواطنين

العاهل المغربي قال إن تعقيد الإجراءات يحرم البلاد من فرص الاستثمار والتنمية

العاهل المغربي الملك محمد السادس
العاهل المغربي الملك محمد السادس
TT

الملك محمد السادس ينتقد خدمات الإدارة وعلاقتها بالمواطنين

العاهل المغربي الملك محمد السادس
العاهل المغربي الملك محمد السادس

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الارتقاء بعمل المرافق الإدارية والرفع من جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين، وقال: إن الإدارة في المغرب تعاني من التضخم ومن قلة الكفاءة، وغياب روح المسؤولية لدى الكثير من الموظفين. كما أنها «تعاني من ثقافة قديمة لدى أغلبية المغاربة، فهي تشكل بالنسبة للكثير منهم مخبأ، يضمن لهم راتبا شهريا، دون محاسبة على المردود الذي يقدمونه».
وأوضح الملك محمد السادس في خطاب ألقاه أمس أمام البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الأولى، أن الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي يجب أن يضع المواطن فوق أي اعتبار، ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له، والتفاني في خدمته، وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية.
وربط العاهل المغربي في خطابه بين لجوء عدد من المواطنين إليه لمساعدته بتقصير الإدارة في القيام بواجبها، وقال في هذا الصدد «يقال كلام كثير بخصوص لقاء المواطنين بملك البلاد، والتماس مساعدته في حل الكثير من المشاكل والصعوبات، وإذا كان البعض لا يفهم توجه عدد من المواطنين إلى ملكهم من أجل حل مشاكل وقضايا بسيطة، فهذا يعني أن هناك خللا في مكان ما»، وأضاف العاهل المغربي موضحا «أنا بطبيعة الحال أعتز بالتعامل المباشر مع أبناء شعبي، وبقضاء حاجاتهم البسيطة، وسأظل دائما أقوم بذلك في خدمتهم. ولكن هل سيطلب مني المواطنون التدخل لو قامت الإدارة بواجبها؟»، مؤكدا أن المواطنين يلجأون إليه «بسبب انغلاق الأبواب أمامهم، أو لتقصير الإدارة في خدمتهم، أو للتشكي من ظلم أصابهم».
وسرد الملك محمد السادس مجموعة من النقائص التي تعاني منها المرافق والإدارات العمومية، ومنها شكاوى المواطنين المتعلقة بقضايا نزع الملكية، لأن الدولة لم تقم بتعويضهم عن أملاكهم، أو لتأخير عملية التعويض لسنوات طويلة. كما أن المواطن، يضيف العاهل المغربي، يشتكي بكثرة من طول وتعقيد المساطر القضائية، ومن عدم تنفيذ الأحكام، ومن الشطط في استعمال السلطة والنفوذ، على مستوى مختلف الإدارات، وكذا من تعقيد المساطر، وطول آجال منح بعض الوثائق الإدارية.
وقال الملك محمد السادس إنه بين القضايا الإدارية الأكثر انتشارا تلك التي تتعلق بتطبيق مدونة الأسرة، وما ينتج عن ذلك من مشاكل عائلية واجتماعية «فبعد مرور أكثر من 12 سنة على إطلاق هذا الإصلاح المجتمعي، هناك من لا يعرف لحد الآن مضمون هذا القانون، وما له من حقوق وما عليه من واجبات، وخاصة في أوساط المغاربة بالخارج».
وتطرق الملك محمد السادس إلى العراقيل التي تعيق الاستثمار، رغم إحداث المراكز الجهوية واستعمال الشباك الوحيد لتبسيط الإجراءات، وقال بهذا الخصوص «إنه بدل أن يقوم الشباك بمساعدتهم وعرض قائمة من الحلول لتشجيعهم، يلاحظ أنه يتم تعقيد الأمور عليهم وتكبيلهم بسلسلة من القيود والعراقيل»، مشددا على أن «هذا الوضع غير مقبول ولا ينبغي أن يستمر» فالمستثمر، يقول الملك محمد السادس : «عندما لا يتلقى جوابا، وإذا لم يتم حل المشكل الذي يواجهه، فإنه يرجع أمواله إلى البنك إذا كان مقيما في المغرب. أما إذا كان من أبناء الجالية، وفضل الاستثمار في وطنه، فإنه يكون مجبرا على العودة بأمواله إلى الخارج. وبذلك يتم حرمان الوطن من فرص الاستثمار والتنمية، وحرمان المواطنين من فرص الشغل». وفي المقابل، أوضح العاهل المغربي أنه «رغم السلبيات والنقائص التي تعاني منها بعض المرافق العمومية، فإن هذا لا يعني أن الوضع أسود، وأن الإدارة لا تقوم بواجبها، بل إنها تتوفر على مؤهلات مهنية وتقنية عالية، وتعرف تحسنا ملحوظا»، داعيا الحكومة والبرلمان والأحزاب والنقابات، والجمعيات وكذا الموظفين بالتحلي بروح الوطنية والمسؤولية من أجل بلورة حلول حقيقية لمشاكل الإدارة، مشددا على أن «إصلاح الإدارة يتطلب تغيير السلوكيات والعقليات، وجودة التشريعات من أجل مرفق إداري عمومي فعال، في خدمة المواطن».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».