«منزل الملكة» اللندني.. شيد لإرضائها قبل 4 قرون وتحول إلى متحف فني

أعمال ترميم بتكلفة 3 ملايين جنيه إسترليني تفتح أبواب أول قصر إنجليزي بمعمار إيطالي اليوم

«منزل الملكة» صممه المهندس إنديغو جونز ليكون المبنى الأول في إنجلترا ذو طابع  معماري مستلهم من قصور إيطاليا (تصوير: جيمس حنا) - سلالم المنزل الحلزونية  الهمها معمار الفاتيكان - القصر الملكي تحول إلى متحف تعرض جدرانه أهم الأعمال الفنية - القاعة الكبرى يتزين سقفها بـ{الفراشات المذهبة» لريتشارد رايت - تحف فنية من المجموعة الملكية
«منزل الملكة» صممه المهندس إنديغو جونز ليكون المبنى الأول في إنجلترا ذو طابع معماري مستلهم من قصور إيطاليا (تصوير: جيمس حنا) - سلالم المنزل الحلزونية الهمها معمار الفاتيكان - القصر الملكي تحول إلى متحف تعرض جدرانه أهم الأعمال الفنية - القاعة الكبرى يتزين سقفها بـ{الفراشات المذهبة» لريتشارد رايت - تحف فنية من المجموعة الملكية
TT

«منزل الملكة» اللندني.. شيد لإرضائها قبل 4 قرون وتحول إلى متحف فني

«منزل الملكة» صممه المهندس إنديغو جونز ليكون المبنى الأول في إنجلترا ذو طابع  معماري مستلهم من قصور إيطاليا (تصوير: جيمس حنا) - سلالم المنزل الحلزونية  الهمها معمار الفاتيكان - القصر الملكي تحول إلى متحف تعرض جدرانه أهم الأعمال الفنية - القاعة الكبرى يتزين سقفها بـ{الفراشات المذهبة» لريتشارد رايت - تحف فنية من المجموعة الملكية
«منزل الملكة» صممه المهندس إنديغو جونز ليكون المبنى الأول في إنجلترا ذو طابع معماري مستلهم من قصور إيطاليا (تصوير: جيمس حنا) - سلالم المنزل الحلزونية الهمها معمار الفاتيكان - القصر الملكي تحول إلى متحف تعرض جدرانه أهم الأعمال الفنية - القاعة الكبرى يتزين سقفها بـ{الفراشات المذهبة» لريتشارد رايت - تحف فنية من المجموعة الملكية

يكتشف زوار لندن اليوم مقتنيات قصر شيد لإرضاء ملكة قبل 4 قرون عندما أغضب الملك جيمس الأول زوجته الملكة آن وأهداها الأرض التي بني عليها «منزل الملكة» كعربون «اعتذار».
وفي الذكرى المئوية الرابعة على تشييده، وبعد أعمال ترميم بتكلفة 3 ملايين جنيه إسترليني، يفتح منزل الملكة في غرينتش جنوب شرقي لندن أبوابه مجانا اليوم. منزل الملكة أول قصر في إنجلترا يحاكي شاعرية المعمار الإيطالي بتصميمه. وتحول هذا المبنى الذي تعتبره «اليونيسكو» إرثا عالميا إلى متحف فني يعرض أهم اللوحات على جدرانه وآخر عمل للفنان البريطاني الشهير الحائز على جائزة تيرنر ريتشارد رايت «الفراشات المذهبة» على سقف قاعته الكبرى، كما أصبح يضم لوحة للملكة إليزابيث الأولى بتكلفة تزيد عن 10 ملايين جنيه إسترليني.
المنزل حافظ على رونقه الملكي المخملي، إلا أن أعمال الترميم حرصت على بعثرة اريكات وأثاث لتوفير الراحة لزواره. وعند التجول في غرفه المميزة واستكشاف اللوحات التي تزين جدرانه، يشعر كل من زاره أنه في منزله الملكي، وليس متطفلا على قصر الملكة آن.
استطاعت «الشرق الأوسط» التجوال في أرجائه قبل أسبوع على افتتاحه الرسمي. ولاحظت أن أعمال الترميم حرصت على توفير رحلة في التاريخ البريطاني إذ مثلت كل غرفة حقبة زمنية معينة، وجسدت كل صورة ومعروضة فنية بابا من رواية ملكية من القرن السابع عشر، وإلى اليوم.
* خلافات زوجية تشيد قصرا ملكيا
شيد منزل الملكة بناء على تكليف من الملكة آن زوجة الملك جيمس الأول بعد أن أهداها عزبة غرينتش كعربون اعتذار لإهانتها بعدما قتلت كلب الصيد المفضل لديه أثناء اصطيادها للغزلان. ولكن لم يتسنَ للملكة آن أن ترى ثمار هذا الاعتذار إذ وافتها المنية عام 1619 قبل أن يكتمل تشييد الطابق الأول من القصر.
وتحت توجيهات هانرييتا ماريا، زوجة الملكة تشارلز الأول، اكتمل القصر عام 1638. ولكن حظ هانرييتا لم يكن أوفر من آن، حيث اضطرت الفرار من إنجلترا بعدما أطاحت الحرب الأهلية برأس زوجها عام 1646. وجرى بيع جميع ممتلكاته بعدها.
وعندما تسلم الملك تشارل الثاني هذا المبنى، قرر إعادة ترميمه وتوسعته ليشمل جناحا خاصا للملكة. وفي عهد الملكة ماري الثانية، أعيد للمنزل إطلالته المميزة على نهر التايمز بتعديل مدخلة والمباني التي تحيط به. واستخدمت العائلة المالكة القصر الصغير لمآدب العشاء والمناسبات الملكة الفاخرة، وكانت إدارته توكل للملكة دائما لذلك سكنه طابع أنثوي.
وفي عام 1805، تبرع الملك جورج الثالث بالمنزل لأيتام البحارة وظل مأوى لهم حتى عام 1933 عندما انتقل حرم المأوى إلى سافولك. وفي عام 1934 نال المتحف الوطني البحري ملكية القصر وتحول إلى متحف. كما أدرجته «اليونيسكو» عام 1997 في قائمة التراث العالمي.
* معمار يجسد شاعرية البندقية وسحر الفاتيكان
وعندما كلفت الملكة آن المعماري الشاب اللامع، إنديغو جونز، ببناء منزلها ذي الطابع الكلاسيكي الخالص منذ 400 عام، اعتبر التصميم آنذاك عصريا خلافا للمباني المجاورة المشيدة بالطوب الأحمر والتي تقع بمحاذاة نهر التايمز. ويمكن حتى تشبيه اصطدام الطابع المعماري للقصر والمباني الطوبية آنذاك، بالصدام المعماري الذي تشكله ناطحات سحاب كاناري وارف التي تظهر بالأفق من شرفة القصر الرئيسة، إلا أنه في هذا السياق، المنزل الملكي هو الكلاسيكي، والبنوك والوكالات تحتل الحداثة بواجهاتها الزجاجية وطوابقها العالية.
صمم منزل الملكة المهندس المعماري البريطاني انديغو جونس الذي استلهم تفاصليه من ترحاله في إيطاليا. وبالفعل القصر مسكون برونق إيطالي. إذ تجسد سلالمه اللولبية سلالم متحف الفاتيكان الحلزونية وتعكس حجراته المتسوقة ساحات روما وميلانو المتناسقة. كما تحتل سقف حجرة الملكة لوحة فنية أشبه بإبداع مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينيا في الفاتيكان. ورسمت هذه اللوحة الفنية بدقة شديدة تدل على أن القصر أشرفت عليه يد نسوية تطمح إلى توفير الكمال في منزلها.
وهذا المنزل الملكي المستلهم من قصور و«فلل» أندريا بالاديو الإيطالية المشيدة في فينيسيا خاصة، والذي بدوره استلهم أعماله من المعماري الروماني القديم فيتروفيوس يعتبر «أهم مبنى في تاريخ العمارة البريطانية»، وذلك حسبما اعتبرته أمنية القصر كريستين رايدينغ التي تكلمت بشغف واندماج عن القصر خلال الجولة التي اصطحبتنا بها بين غرفه المختلفة.
كما أشارت رايدينغ إلى الأهمية السياسية للطراز، حيث قالت: «لقد كانت آن تحاول صناعة بلاط راقي مثقف ذي تفكير أوروبي هنا، ليكون منافسًا لبلاط جيمس الأول. السؤال هو أين رأت آن تلك المباني من قبل علما بأنها لم تصل إلى ايطاليا..، لكن من المؤكد أنها قد رأت رسوما وكتبا أحضرها جونز معه من هناك».
ولسنوات كثيرة، كانت تركز العروض في هذا المبنى على العلاقة بالمتحف البحري. وفي طور التحضير لإعادة افتتاح منزل الملكة اليوم، اختارت الهيئة المشرفة (هيئة تراث إنجلترا) عليه تقديم شيء لا علاقة له بالبحر بل التمسك بإعادة تقديم جزء من الألق والوهج الملكي الذي سكن هذا المنزل يوما.
وسيتم إعادة افتتاح المنزل، الذي بات الآن ضمن متاحف غرينتش الملكية، بمحتويات جديدة من الأعمال الفنية التي تسحر الألباب ومن بينها لوحات كثيرة كانت معلقة به في السابق لكن تم استعادتها على سبيل الاستعارة، ومنها لوحة ضخمة من إبداع أورازيو جنتليسكي، من المجموعة الملكية، والتي كلفت هنريتا ماريا، وتشارلز الأول الفنان برسمها من أجل تزيين المنزل بها خلال القرن السابع عشر.
كذلك تتضمن اللوحات الجديدة مئات اللوحات من مجموعة غرينتش، ومنها أعمال لكاناليتو، وهوغارث، ورومني، وستابز. ولكن تعتبر أهم إضافة لجدران القصر لوحة للملكة إليزابيث الأولى تعود إلى عام 1588 والتي امتلكها يوما ما السير فرانسيس دريك. واستطاع المتحف أن يستردها خلال الصيف المنصرم من خلال طلب شعبي وتبرعات من أكثر من 8 آلاف عاشق للفنون تعدت الـ10 ملايين جنيه إسترليني. وعادت اللوحة إلى بيتها الأصلي بعد 425 عاما من البعد.
* الفراشات المذهبة تنير القاعة الكبرى
قاعة المنزل الملكي الكبرى هي أكبر إنجاز للمصمم جونز التي اكتملت عام 1635. فهي عبارة عن مكعب مصمم بدقة فائقة وإتقان يحيطه سلمان لولبيان. أرضية القاعة رخامية تمزج بكمالية تناقض الأبيض والأسود وتصميم الجدران يعكس أشكال الأرضية الهندسية. ومقاسات القاعة هي 12 مترا عرضا و12 مترا طولا ما يمثل القياسات المثالية والتناغم خلال عهد النهضة في أوروبا.
ومع أن القاعة الكبرى هي مصدر فخر المكان والكم الأكبر من ارثه الكلاسيكي، إلا أن لوحة فنية على سقفها زادت من رونقها حداثة. إذ يقع في قلب القاعة الكبرى ذات الارتفاع المزدوج عمل حديث يعد هو الأكبر حتى اليوم للفنان البريطاني الشهير لريتشارد رايت، والذي يبدو على شكل سحابة من الفراشات الذهبية تخيم على السقف والجدران العلوية بالكامل.
استغرق رايت، وفريق من مساعديه تسعة أسابيع لوضع اللفائف والألواح المنحنية المزخرفة المصنوعة من الذهب عيار 23 قيراطا، على الجدران مستلهمًا ذلك من تصميمات إنديغو جونز، لأقنعة البلاط، والأعمال المعدنية الجميلة المزينة للسلالم الدائرية بالمنزل. وتنير الفراشات المذهبة القاعة الكبرى وتزيدها ملكية عند انعكاس الشمس عليها في الفجر والغروب.
إذا تجولت الملكة آن في منزلها اليوم، وبعد 400 عام على تشييده، لن يكون غريبا عليها الكثير من ملامحه التي خططت لها –مترا مترا - مع المصمم المعماري انديغو جونز. إلا أنها ستتعجب من معمار غرينتش وكناري وورف حوله. كما صادر الكثير من الممتلكات الملكية التي كان يحويها، ولم يترك سوى الإطار الخارجي الجميل لأجمل منزل عصري في إنجلترا. هذا المنزل الذي أضحى اليوم معرضا لأعرق اللوحات وأجمل القطع الفنية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».