موسكو تحول قاعدتها في طرطوس إلى مقر دائم للأسطول الروسي

مسؤول: روسيا لا تعزز قدراتها العسكرية في سوريا فقط.. بل في الشرق الأوسط برمته

بحارة روس يقفون على متن حاملة الطائرات الروسية «كوزنتسوف» في ميناء طرطوس السوري (أ.ف.ب)
بحارة روس يقفون على متن حاملة الطائرات الروسية «كوزنتسوف» في ميناء طرطوس السوري (أ.ف.ب)
TT

موسكو تحول قاعدتها في طرطوس إلى مقر دائم للأسطول الروسي

بحارة روس يقفون على متن حاملة الطائرات الروسية «كوزنتسوف» في ميناء طرطوس السوري (أ.ف.ب)
بحارة روس يقفون على متن حاملة الطائرات الروسية «كوزنتسوف» في ميناء طرطوس السوري (أ.ف.ب)

بعد مضي 3 عقود ونصف تقريبا على محادثات بين دمشق وموسكو انتهت بالفشل، حول إقامة قاعدة بحرية سوفياتية في طرطوس، يبدو أن روسيا مقبلة على تحقيق كامل حلمها العسكري القديم بإقامة قواعد جوية وبحرية وربما صاروخية للدفاع الجوي في سوريا.
وبينما يستعد المجلس الفيدرالي لاستكمال عملية المصادقة خلال أيام على اتفاقية نشر القوة الجوية الروسية في سوريا بصورة دائمة، بعد أن صادق عليها مجلس الدوما (مجلس النواب)، أخيرا, قال ليونيد سلوتسكي رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي إن المجلس قد يصادق على اتفاقية القاعدة البحرية للأسطول الروسي في طرطوس خلال أول جلسة عامة مقبلة للمجلس، موضحا أن القاعدة ستشمل إضافة إلى منظومات الدفاع الجوي منظومات صاروخية مضادة للغواصات، وفق ما نقلت عنه وكالة «إنترفاكس» الروسية.
ويأتي إعلان موسكو عن هذا التطور بعد يومين من استخدامها حق النقض (الفيتو) للمرة الخامسة لحماية نظام الأسد من مشروع قرار فرنسي يحمله كامل المسؤولية عن المأساة السورية، مما يشي بأن «طرطوس» جزء من الثمن السخي الذي يدفعه النظام لموسكو ما قبل «استماتتها» في الدفاع عنه.
وكان نيكولاي بانكوف، نائب وزير الدفاع الروسي، قد صرح خلال جلسة للجنة الشؤون الدولية في المجلس الفيدرالي أمس بأن موسكو تعتزم إقامة قاعدة بحرية دائمة في منشأة تستأجرها حاليا في ميناء طرطوس السوري. ونقلت (رويترز) عن بانكوف قوله: «ستكون لدينا قاعدة بحرية دائمة في طرطوس»، مؤكدًا أنه «يجري بالفعل تحضير الوثائق المطلوبة والحصول على موافقات من جهات مختلفة». من جانبه قال إيغور موروزوف، العضو في لجنة الشؤون الدولية، إن القرار سيمكن روسيا من تعزيز قواتها في البحر الأبيض المتوسط؛ إذ ستكون لديها منشأة للتزود بالوقود والعتاد، معربا عن قناعته بأن «روسيا عبر تلك الخطوة لا تعزز قدراتها العسكرية في سوريا فحسب، بل وفي الشرق الأوسط برمته وفي منطقة البحر المتوسط بكاملها».
ولم يكشف الجانب الروسي عن نص اتفاقية تحويل القاعدة في طرطوس من مجرد «ورشة صيانة» لا تصلح لمرابطة قطع حربية فيها بشكل دائم، إلى قاعدة حربية بكل معنى الكلمة تحقق للروس وجودا عسكريا بحريا دائما في المتوسط، إلا أنه من غير المستبعد أن تكون شروط الاتفاق الحالي مطابقة لشروط اتفاق «قاعدة حميميم الجوية» التي يستخدمها الروس لأجل غير محدد، أي «إلى الأبد» بعبارة أخرى ودون أي مقابل يُدفع للجانب السوري، بعد أن سحب منه اتفاق حميميم كل الصلاحيات «السيادية» على القاعدة وتحركات الروس منها وإليها. ويضع مراقبون هذه الخطوة الروسية في سياق ما يقولون إنه استغلال روسي جيد لحاجة الأسد للحصول على حماية من دولة كبرى، مرجحين أن خطة إنشاء القاعدة البحرية في طرطوس كانت وليدة التطورات ولم تكن ضمن خطط روسية مسبقة، لهذه الفترة على الأقل. ويصفون الحديث عن اتفاق طرطوس بأنه «ثمن تدفعه دمشق مقابل الفيتو الروسي ودعم موسكو السياسي والعسكري لنظام الأسد»، متسائلين في الوقت ذاته عن التداعيات التي ستخلفها هذه الخطوة العسكرية الروسية الجديدة على العلاقة بين موسكو وواشنطن وليس في الشأن السوري، فحسب، وكذلك على علاقات ضمن المشهد المعقد داخل سوريا ومن حولها لا سيما بالنسبة لطهران التي تسعى إلى فرض نفوذها هناك، وكذلك بالنسبة لعلاقات موسكو مع تل أبيب التي لن تسمح بأن تتحول القواعد الروسية إلى عائق يحول دون تمكنها من ضرب أهداف على الأراضي السوري تابعة لمن تظن أنهم «أعداء ومصدر تهديد لأمنها».
يذكر أن الاتحاد السوفياتي كان قد حاول في الثمانينات من القرن الماضي التوصل لاتفاق مع دمشق حول إقامة قاعدة بحرية في طرطوس تكون مقرا لقطع من الأسطول الروسي في المتوسط، بما في ذلك قاعدة جوية وللدفاعات الجوية في آن في عمق الأراضي السورية لحماية تلك القاعدة البحرية. وكان السوفيات حينها بأمس الحاجة لتلك القاعدة وليس فقط من أجل النفوذ في منطقة المتوسط وحماية الحدود الجنوبية للدولة السوفياتية، بل ولأن الأسطول البحري السوفياتي الضخم كان يفتقر في تلك الفترة لقواعد خارجية للتوقف فيها خلال إبحاره حول العالم والتزود بالوقود والماء والعتاد الحربي، بينما كانت الأساطيل الأميركية تمتلك قرابة 300 نقطة مماثلة. وكانت القطع البحرية السوفياتية تضطر في بعض الأحيان للتوقف في عرض البحر وإنشاء منصات عائمة للقيام بأعمال الصيانة إن تطلب الأمر. لذلك كانت قاعدة طرطوس أمرا ملحا للسوفيات من كل الجوانب.
ولم تتشجع دمشق في البداية للفكرة، إلا أن ازدياد حدة التوتر في المنطقة في نهاية الثمانينات أثر على الموقف السوري، وانطلقت محادثات شائكة بين الجانبين، حول اتفاق تسمح سوريا بموجبه بإقامة تلك القواعد مقابل ضمان قاعدة الدفاع الجوي التي ينص الاتفاق على إنشائها قرب حمص أمان الأجواء السورية. إلا أن المحادثات لم تأت بالنتائج المرجوة، نظرا لعدم التوصل لاتفاق حول «نقطة أخيرة»، وهي «من سيتخذ القرار بإطلاق الصواريخ السوفياتية؟ حيث أصرت دمشق على أن يكون قرار إطلاق تلك الصواريخ بيد قيادة أركان الجيش السوري، وهو ما رفضه السوفيات، وانتهى الأمر بالاتفاق على استئجار الأسطول السوفياتي جزءا من ميناء طرطوس، يقيم عليه قاعدة للدعم التقني ولتزويد السفن بالمؤن، ولم يكن اتفاقا لإقامة قاعدة بحرية حربية بوصفها مقرا دائما للأسطول في المتوسط.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.