المعارضة السورية: الفيتو مؤشر على العزلة الروسية

اقترحت خيارات بينها العقوبات.. وتغيير الاستراتيجية والتكتيك العسكريين

المعارضة السورية: الفيتو مؤشر على العزلة الروسية
TT

المعارضة السورية: الفيتو مؤشر على العزلة الروسية

المعارضة السورية: الفيتو مؤشر على العزلة الروسية

طالبت الهيئة العليا للمفاوضات، واشنطن والمجتمع الدولي بتحرك أحادي الجانب لتزويد مدينة حلب شمالي سوريا بالمساعدات. وقالت عضو وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية بسمة قضماني، في تصريح إعلامي، إن «السوريين وصلوا إلى آخر مراحل التعامل الدبلوماسي مع روسيا». فيما أعربت المعارضة السورية عن صدمتها من الموقف المصري الذي تعاطف مع الفيتو الروسي لإفشال مشروع القانون الفرنسي في مجلس الأمن لإيقاف القصف على مدينة حلب، معتبرة أن الموقف المصري طعنة في الظهر من ذوي القربى.
وتأتي تصريحات المعارضة بعد أن لاقى مشروع القرار الذي طرحته فرنسا حول فرض الهدنة في حلب، حق النقض «الفيتو» الذي استخدمته روسيا، والذي يعد «الفيتو» الروسي الخامس من نوعه ضد مشاريع قرارات تتعلق بسوريا.
وقال الزعبي: كان يفترض أن تتكلم مصر باسم العرب جميعا. وأضاف أن الشعب السوري يشعر بالمرارة للموقف المصري واللقاء الحميم بين بشار الجعفري مندوب بشار الأسد والمندوب المصري في مجلس الأمن، حيث كان الشعب السوري يتطلع إلى أن يكون لمصر كدولة عربية كبيرة ورائدة دورها المنوط الفعال بها في تحمّل المسؤولية التي حملتها بتمثيلها للشعب العربي في مجلس الأمن الدولي، خصوصًا في هذا الوقت الذي تكالبت فيه الظروف على الشعب السوري، ولكن مصر خذلت الثورة والشعب السوري والعربي والإسلامي.
وأضاف الزعبي: «كنا نعول على دور مصري مسؤول، أكثر اتساعا وحنكة وصلابة لدعم الثورة السورية على اعتبار أن هناك رابطا أخويا وعربيا وإسلاميا كبيرا مع الشعب المصري، على مستوى العمل المشترك العسكري والوحدوي والسياسي، كما كان ذلك في كل الحروب التي خاضت كل من مصر وسوريا معا في سبيل تحرير فلسطين المحتلة».
على صعيد آخر، أوضح الزعبي، أن اجتماع الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض أمس، ركز على دراسة ما آلت إليه الأوضاع المتعلقة بالحل السياسي ومستقبله، ومسار المفاوضات والمتطلبات الحالية الملحة، والبدائل التي يمكن للثورة السورية اتباعها تجاه ما يجري حاليًا في حلب».
من جهته، اعتبر عضو الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان أن الإجراء الروسي المرتبط باستخدام حق النقض (الفيتو) ومشروع القرار الروسي «مؤشر على العزلة الروسية»، لافتًا إلى أنه «للمرة الأولى يسجل أن دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، تفشل في تمرير قرار دون أن يصطدم بالفيتو الذي لم تستخدمه بريطانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة الأميركية».
وأشار رمضان في اتصال لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأمر الثاني الذي يشير إلى العزلة الروسية، أن دولاً غربية كانت تناشد روسيا أن تضغط على النظام لإيقاف المجازر وإيقاف القتل: «لكنها الآن تضعها كشريك مع النظام في ارتكاب الجرائم وعمليات القتل». ولفت إلى أن النقطة الثالثة «تتمثل في أن موسكو لم تعد تعير عملية السلام أو المفاوضات أي اهتمام، وبدأت تتجه نحو خيار الحسم العسكري». ورأى رمضان أنه الآن «جرى استنفاد كل الفرص سواء تعلقت بالمفاوضات حول الأزمة السورية، أو المباحثات الثنائية بين روسيا وأميركا، وأيضًا بعد الدخول الفرنسي والمجموعة الأوروبية»، مشددًا على أنه «يجب البحث الآن عن خيارات أخرى». وقال: «ندعو لحزمة خيارات تشمل الخيارات السياسية للضغط على روسيا سياسيا، وأيضا خيارات اقتصادية عبر فرض عقوبات على النظام وداعميه ومنع الإمدادات عنه»، إلى جانب «مد المعارضة والجيش السوري الحر بالأسلحة اللازمة لتحقيق التوازن وحماية المدنيين السوريين وفي المقدمة مدينة حلب». وأضاف: «جزء من الخيارات الآن يجري النقاش حوله، ولكن ندعو إلى تسريع تنفيذ تلك الخيارات».
ولعل تفعيل الخيار العسكري، يلتقي مع ما يطالب به الجيش السوري الحر. فقد قال عضو المجلس العسكري في المعارضة أبو أحمد العاصمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرد يجب أن يكون على مستوى تغيير الاستراتيجية والتكتيك العسكريين، ذلك أن المواجهة الحالية عن بعد، تتيح للطيران بقصفنا، وهي استراتيجية غير مؤثرة»، موضحًا أن الخيار يتمثل «بنقل المعارك إلى داخل حاضنة النظام ومناطقه في العاصمة، والالتحام في المواجهات لتحييد الطيران، وتكريس اتفاق الفصائل العسكرية، وهو اتفاق بات شبه منجز حتى الآن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم