الفتيات يقطفن جوائز مسابقة «أقرأ» 2016

أمين الناصر رئيس «أرامكو السعودية» يتوج الفائزين

الفائزون والفائزات بمسابقة «أقرأ» («الشرق الأوسط»)
الفائزون والفائزات بمسابقة «أقرأ» («الشرق الأوسط»)
TT

الفتيات يقطفن جوائز مسابقة «أقرأ» 2016

الفائزون والفائزات بمسابقة «أقرأ» («الشرق الأوسط»)
الفائزون والفائزات بمسابقة «أقرأ» («الشرق الأوسط»)

مرة أخرى تحقق الفتيات السعوديات حضورا باهرا في ساحة المنافسات الثقافية، حيث كانت أربع فتيات من ببن ستة فائزين في مسابقة «أقرأ» التي تنظمها «أرامكو السعودية»، واختتمت مساء أمس بحضور ثقافي مميز، حيث احتفت «أرامكو السعودية» بالقراءة والقراء في أمسية ثقافية إبداعية في ختام فعاليات مسابقة «أقرأ» 2016.
وجاء هذا الحدث الثقافي ضمن برامج «أرامكو السعودية» في رعاية ونشر المعرفة وهي المسابقة الوطنية للقراءة في نسختها الرابعة التي ينظمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي التابع لـ«أرامكو السعودية»، التي تتسق مع «رؤية السعودية 2030»، لإيجاد أجيال جديدة متسلحة بالعلم والمعرفة وقادرة على مواكبة تطلعات الدولة برفع القدرة التنافسية للمملكة عالميًا على الصعيد المعرفي، حيث يشكل اقتصاد المعرفة حجر زاوية في مستقبل الاقتصاد الوطني.
وقد جسدت فعاليات مسابقة «أقرأ» الوطنية هذه المعاني، حيث شهدت الأمسية الختامية لهذا البرنامج تتويج 6 فائزين بجوائز مسابقة «أقرأ» لهذا العام من أصل أكثر من 18 ألف مشارك ومشاركة في فرعي المسابقة في القراءة والتصوير الإبداعي، أمام حضور تجاوز الألف شخص، مما يعكس دور البرنامج في إذكاء روح التنافس بين جيل الشباب في النهل من معين المعرفة وفضاءاتها وتكريس الجهود نحو دعم الاقتصاد المعرفي.
وحضر الحفل الذي رعاه، المهندس أمين الناصر رئيس «أرامكو السعودية» وكبير إدارييها التنفيذيين، كلٌّ من الدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والدكتور عبد الرحمن البراك وكيل وزارة التعليم للتخطيط والمعلومات، بالإضافة إلى الدكتورة هيا العواد وكيل وزارة التعليم لشؤون البنات، وعدد من مديري إدارات التعليم من مختلف مناطق المملكة، وممثّلي وسائل الإعلام المحلية، ونخبة من المفكرين والمثقفين والروائيين والأدباء العرب، وجمهور من عشاق القراءة.
وفي كلمته التي ألقاها خلال الأمسية، قال المهندس أمين بن حسن الناصر رئيس «أرامكو السعودية» إن «بلادنا الغالية تحظى اليوم بتحولات هائلة نحو مستقبل مشرق بإذن الله، في سياق (الرؤية الطموحة للمملكة 2030)، وبلادنا لديها رأسمال كبير من الشباب، وتنميتهم بشكل إبداعي تنمية لوطننا».
ودعا المهندس الناصر إلى ترسيخ القراءة في المجتمع لجعلها عادة وأولوية لدى كل فرد وكل أسرة، وأن ذلك عمل ضروري جدا، واستراتيجي في التنمية الوطنية، لبناء الحضارة وتطوير الصناعة والتجارة والاستثمار، وأشار إلى سببين في أهمية القراءة، الأول أن القراءة تفتح أبوابا مهمة للانفتاح على العالم، وفهم الأطراف الأخرى، والتواصل معها بنجاح، مشيرا إلى «أننا نعيش في عالم كبير متغير، ولا بد من تكوين فهم جيد لهذا العالم وما يحتويه من تنوع واختلاف كي نستطيع التعامل معه، والمنافسة في فرصه، وتنمية الوطن، خصوصا أن بلادنا هي العمق العربي والإسلامي، وتسعى لأن تكون جسرا لربط القارات الثلاث بكل ما فيها من دول كثيرة وفروقات ثقافية».
وأكد الناصر أنه من الصعب أن يكون هناك تواصل إنساني ناجح بين الأفراد والمؤسسات والشعوب دون أن يكون هذا التواصل مبنيا على فهم عميق تؤسس له وتعززه عادة القراءة، بما يرسخ دعائم الاحترام والسلام والتعاون الاجتماعي والاقتصادي والتنموي بين البشر.
أما السبب الثاني فهي ارتباط القراءة ببناء شخصية الإنسان، وكسر حاجز الرهبة لديه، وإكسابه القدرة على التعبير، وذلك بتنمية ملكة تقديم العروض والتحدث والخطابة، وهي ملكات لها جذور في حضارتنا العربية، كما أن لها أهمية كبرى في مهارات القرن الحادي والعشرين، وصناعة القادة المتميزين في مجال الأعمال والرأي والمجتمع.
ونوه الناصر بزيادة عدد المشاركات في مسابقة «أقرأ» هذا العام، مشيرا إلى أن في ذلك دلالة على تصاعد الاهتمام بالقراءة والكتاب لدى شباب وفتيات الوطن. وهو أيضا دلالة على امتداد الأثر الإيجابي لهذه المسابقة في عدد كبير من مدن وقرى الوطن. وعبر الناصر في ختام كلمته عن سعادته بما تضيفه مسابقة «أقرأ» الوطنية إلى الحراك الثقافي والمعرفي في المملكة والمنطقة بشكل عام.
تجدر الإشارة إلى أن الحفل شهد عرضًا ثلاثي الأبعاد وفيديو عن مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، وقدم المتسابقون والمتسابقات خلاله عروضهم التنافسية الإبداعية أمام لجنة التحكيم التي اشتملت على مجموعة من الأسماء اللامعة في الإعلام والأدب.
وقد تم تتويج 6 فائزين في هذا البرنامج، 3 منهم فازوا بجائزة «قارئ العام». فمن المرحلة المتوسطة، فازت المشاركة تالا الملا، ومن المرحلة الثانوية أمجاد الغامدي وأسيد عاجز، ومن المرحلة الجامعية فازت المتسابقة شروق الزهراني، كما تم تكريم 3 فائزين بجائزة «قارئ الجمال» ضمن منافسة التصوير الاحترافي، حيث فاز بالمركز الأول علي هزازي، وفي المركز الثاني حسام عبد اللطيف، وفي المركز الثالث سلطان الغامدي.
وجاء هذا الحفل لاختتام سلسلة من الفعاليات استمرت 6 أشهر منذ أن تمّ الإعلان عن بدء مسابقة «أقرأ» الوطنية التي أطلقها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي للعام الرابع على التوالي، وتعد واحدة من مبادرات المركز التي تهدف إلى الاحتفاء بالقرّاء الشباب من خلال عدد من المنافسات والفعاليات المبتكرة حول القراءة.
يشار إلى أن المسابقة قدمت تجربة فريدة في الجانب الشخصي والمعرفي لدى المتسابقين، تخللها برنامج إثرائي لـ40 متسابقًا استغرق 20 يومًا في المنطقة الشرقية، وناقش المتسابقون خلالها كتبًا عالمية، وحضروا محاضرات في مجالات متنوعة، وانتهى الملتقى بتأهل 10 متسابقين للتنافس في تقديم عروضهم في الحفل الختامي واختيار 3 فائزين بلقب «قارئ العام».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».