رحيل مؤسس أول شركة طيران نقل عربية

منير أبو حيدر بدأ بطائرتين لنقل الفاكهة إلى السعودية قبل أن تصبح شركته مالكة لحق النقل حول العالم

إحدى طائرات الـ «تي ام إيه» التي أسسها منير أبو حيدر في لبنان.. و في الإطار يظهر المؤسس الراحل منير أبو حيدر.
إحدى طائرات الـ «تي ام إيه» التي أسسها منير أبو حيدر في لبنان.. و في الإطار يظهر المؤسس الراحل منير أبو حيدر.
TT

رحيل مؤسس أول شركة طيران نقل عربية

إحدى طائرات الـ «تي ام إيه» التي أسسها منير أبو حيدر في لبنان.. و في الإطار يظهر المؤسس الراحل منير أبو حيدر.
إحدى طائرات الـ «تي ام إيه» التي أسسها منير أبو حيدر في لبنان.. و في الإطار يظهر المؤسس الراحل منير أبو حيدر.

عن عمر يناهز 87 عامًا، ووسط صمت إعلامي، وكأن الرجل لم ينجز ولم يعش حياة استثنائية، رحل منير أبو حيدر، مؤسس أول شركة طيران نقل عربية. أبو حيدر البارع، المغامر، الجريء، الذي ابتدأ بمبلغ صغير استدانه، وحنكة لم تعرف لغيره، غدرت به الألاعيب السياسية، وتواطأ عليه أصحاب النفوذ، وانتهت شركته الرائدة - التي تستحق قصته معها كتابًا، لا بل فيلما سينمائيا - ليد غيره، بعد أن اضطر للتخلي عنها مقابل دولار واحد فقط، ليتخلص من خسارة وصلت يومها إلى 60 مليون دولار.
خطف الموت منير أبو حيدر ابن حمّانا اللبنانية وهو في الولايات المتحدة الأميركية، ورحل مخلفًا وراءه قصته، وحكاية عائلته، وكفاح والده الذي افتتح باسمه، منذ سنوات قليلة، معهدا لعلوم الأعصاب، في الجامعة الأميركية في بيروت عام 2007. واخيه الوزير الراحل نجيب أبو حيدر الذي له مكتبة باسمه في بلدته حمّانًا تخليدًا لذكراه.
سلك الرجل طريقًا مختلفًا عن والده واخيه، فبعد تخرجه في الجامعة الأميركية في بيروت، عمل في شركة البترول «تابلاين» التي كانت تنقل النفط عبر الأنابيب من المنطقة الشرقية في السعودية إلى جنوب صيدا، لتصديره عبر المتوسط إلى أوروبا. وهذا الخط توقف عام 1967 مع احتلال إسرائيل أراضي الجولان التي كان يمر عبرها الخط.
دخوله عالم النفط، جعله على معرفة بحاجة شركة «أرامكو» إلى طائرات نقل لتحصل على حاجاتها من الخضراوات والفواكه وتأمين مستلزمات موظفيها اليومية.
كتب الاقتصادي اللبناني مروان إسكندر في جريدة «النهار» يقول عنه: «اقترض مبلغا بسيطا لشراء بدلتين وبطاقة سفر إلى لندن والإقامة بضعة أيام، وهناك توصل إلى إقناع السلطات البريطانية ببيعه طائرتين من طراز (يورك) تستطيع كل منهما نقل 12 طنًا وتعمل بأربعة محرّكات، وسارع إلى السعودية ليعرض تشغيل الطائرتين لحاجات (أرامكو)». وثمة من يقول إنه استأجر طائرة واحدة، ثم صاروا بمرور الوقت طائرتين، قبل أن تنمو شركته وتكبر.
ويضيف إسكندر الذي كانت له معرفة شخصية بأبو حيدر: «وقبل نهاية الستينات كان قد أنشأ أكبر مرآب لإصلاح الطائرات في الشرق الأوسط، وكان أسطول الشركة يعتمد في هذه الفترة على الطائرات النفاثة من طراز (بوينغ 707)».
استطاعت شركة «تي إم آي» التي أسسها منير أبو حيدر، أن تصبح عالمية، بعد أن فتحت لها الأجواء. صارت أول شركة نقل عربية، وأولها أيضا في استخدام طائرات بوينغ 747، ومالكة لحق النقل حول العالم، وصولا إلى الولايات المتحدة الأميركية. وهي كذلك أول شركة تؤمن خط النقل بين طوكيو ونيويورك.
حلّقت عاليًا «شركة عبر المتوسط» بما لها من خدمات واتفاقيات وأسطول، مستفيدة بما كان لمطار بيروت أيضًا في سبعينات القرن الماضي، من مكانة عربية ودولية، ووصل مدخولها إلى 270 مليون دولار. لكن الحرب الأهلية اللبنانية كانت قاسمة، والضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت عدة مرات المطار اللبناني الوحيد أصابت مخازن الشركة بأضرار كبيرة، في اجتياح عام 1982.
الخسارة كانت صعبة، طلب منير أبو حيدر مساعدة الدولة اللبنانية ولم يحصل عليها، بل بالعكس اتخذ بحق الشركة حكمًا قضائيًا، بسبب مديونيتها. تدريجيًا لم يتمكن الرجل لا من صيانة أسطوله ولا من تجديده، بل لجأ إلى بيع بعض الطائرات. الشركة التي بدأت أقل من متواضعة، وامتلكت بعد ذلك، أحدث الطائرات وفتحت لها خطوط السماء، ذوت وتحول أسطولها إلى خردة بسبب سوء الإدارة، وتوقفت عن العمل عام 2004، بعد أن تمنعت الدولة اللبنانية عن تجديد اتفاقياتها الثنائية مع دول أجنبية، بسبب قدم طائراتها، وعدم صلاحيتها للعمل.
صارت العقبات كثيرة، ومع ذلك حاول صاحب شركة «عبر المتوسط» عدم الاستغناء عنها، والقبول بشراكة جزئية، لكنها بفعل الخسائر انتقلت ملكيتها إلى روجيه تمرز، ومن ثم فريد روفايل، وفي النهاية مازن البساط، الذي اشتراها بدولار واحد، متعهدا بتسديد ديونها البالغة 50 مليون دولار.
حلم السفر والإبحار رافق أبو حيدر منذ صغره. وروي أنه كان في الثامنة حين صحبه والده إلى بيروت وشاهد البحر للمرة الأولى آنذاك. يومها قال لوالده إنه يرغب في السفر. فأجابه أن عليه أن يتخرج في الجامعة الأميركية في بيروت أولا. وهذا ما كان. ربما عبقرية منير أبو حيدر انتهت نتائجها إلى خسائر، والأسباب كثيرة في منطقة تأكلها الحروب وتنهشها الضغائن، لكنها تبقى حكاية نجاح باهرة، قليلون جدًا من يعرفون تفاصيلها، وندرة من كتبوا شذرات منها، وما زالت تستحق الجمع والتوثيق والنشر.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.