كولومبيا تسابق الزمن لإنقاذ السلام

حالة من الغموض تسود البلاد ولا مخرج للسلام وسط تعنت المستفيدين من المشهد الحالي

متظاهر كولومبي غاضب بعد معرفته بنتائج الاستفتاء على السلام مع حركة {فارك} في العاصمة بوغوتا (أ.ف.ب)
متظاهر كولومبي غاضب بعد معرفته بنتائج الاستفتاء على السلام مع حركة {فارك} في العاصمة بوغوتا (أ.ف.ب)
TT

كولومبيا تسابق الزمن لإنقاذ السلام

متظاهر كولومبي غاضب بعد معرفته بنتائج الاستفتاء على السلام مع حركة {فارك} في العاصمة بوغوتا (أ.ف.ب)
متظاهر كولومبي غاضب بعد معرفته بنتائج الاستفتاء على السلام مع حركة {فارك} في العاصمة بوغوتا (أ.ف.ب)

رغم حصول الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس، على جائزة نوبل للسلام لمحاولاته الكبيرة لإنهاء الصراع المستمر هناك منذ أكثر من نصف قرن، فإن المشهد في كولومبيا عشية الجائزة وبعدها، تسوده حالة من الغموض بعد رفض الكولومبيين اتفاق السلام المبرم بين الحكومة والقوات المسلحة الثورية الكولومبية (متمردي فارك) إثر أربع سنوات من المفاوضات في كوبا. وفي حين تتسارع فيه فرص انهيار اتفاق السلام، جاءت تصريحات الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لتصب الزيت على النار، بإعلانه نشر قوات للجيش الفنزويلي على الحدود مع الجارة كولومبيا، ما يشير إلى احتمال اندلاع الحرب من جديد. وفي هذه الأثناء توجه الموفد الأميركي الخاص برنارد أرونسون إلى العاصمة الكوبية هافانا في محاولة لإنقاذ اتفاق السلام. وقال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي بأن «وزير الخارجية أكد دعمه لدعوة الرئيس سانتوس إلى الوحدة وإلى بذل جهود في إطار حوار جامع يشكل مرحلة مقبلة للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين أطراف الصراع».
كان محددا يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، موعدا أخيرا لوقف إطلاق النار بموجب الاتفاق الذي رفضه الكولومبيون في استفتاء الأحد الماضي.. وكان من المتوقع أن يبدأ متمردو فارك بالتجمع، بعد ساعات من الموافقة على الاستفتاء، في 23 منطقة متفقا عليها في البلاد لبدء عملية تسليم الأسلحة أمام ممثلي الأمم المتحدة، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان برفض الكولومبيين اتفاق السلام الذي أبرم يوم 26 سبتمبر (أيلول) الماضي.
الآن المخاوف تصاعدت من عودة العنف والألم الذي أحدثه صراع دام 52 عامًا. مع ذلك أكد كل من الرئيس الكولومبي سانتوس وخصمه رودريغو لوندونو، قائد حركة فارك، الالتزام بوقف إطلاق النار. وبحثًا عن توافق يتيح للكولومبيين دعم الاتفاق بشكل كامل. شكّل الرئيس خوان مانويل سانتوس فريق عمل يكون مسؤولا عن العمل مع قطاعات أيدت خيار الرفض في الاستفتاء. ويتكون الفريق من وزراء الدفاع لويس كارلوس فيليغاس، والخارجية ماريا أنجيلا هولغوين، إضافة إلى أومبيرتو دي لا كالي، رئيس الفريق المفاوض التابع للحكومة. وتقدم دي لا كالي باستقالته بعد 16 ساعة من رفض الشعب للاتفاق، متحملا المسؤولية السياسية عن نتيجة الاستفتاء الفاشلة، لكن الرئيس لم يقبل الاستقالة.
ومن المقرر أن يلتقي الثلاثة بمبعوثي زعيم المعارضة، وحملة الرفض، والرئيس السابق ألبارو أوريبي. مع ذلك ليس معروفا متى وأين سيحدث تقارب بين الأطراف. كذلك من غير المعروف ما إذا كانت حركة فارك سوف تقبل التفاوض مجددًا كما طلبت المعارضة. المتحدث باسم الحركة، قال: إن الاتفاق ذو طابع سياسي أكثر مما يكون ذا طابع قانوني، لذا سيكون ساريًا حتى إذا تم رفضه على نطاق واسع. وقالت المستشارة ماريا أنجيلا إن القرار بإعادة التفاوض مرهون بالقوات المسلحة الثورية الكولومبية.
على الجانب الآخر، بدأ الرئيس السابق ألفارو أوريبي، الذي يقود حملة رفض الاستفتاء، في التصريح بطلباته. قال: إن العفو يجب أن يشمل فقط الذين لم يشتركوا في عمليات قتل أو اتجار للمخدرات. (الاتفاق كان قد طالب بعفو شامل). وقال: «العفو يجب أن يشمل فقط 5 آلاف و700 فرد من أفراد الجماعة المتمردة»، في إشارة إلى الجنود من ذوي الرتب المتدنية في القوات المسلحة الثورية. كذلك طالب بإشراك قطاعات أخرى من المعارضة في الاتفاقيات مع متمردي فارك التي لا تنتمي إلى حزبه «الوسط الديمقراطي» الذي يقوده الرئيس السابق أندريس باسترانا، الذي عقد محادثات سلام لمدة أربع سنوات مع أفراد جماعة فارك، وممثل الادعاء العام السابق أليخاندرو أوردونيز، الذي يعرف بتصريحاته المثيرة للجدل وأفعاله المتأثرة بالكاثوليكية إلى حد كبير.
هذه هي الاقتراحات الأولية التي تقدمت بها المعارضة، مؤكدة ضرورة النظر فيها خلال المرحلة الجديدة. وليس من المعروف متى تنطلق هذه المرحلة وما الذي سيتغير، وإلى أي مدى ستسمح الأطراف المتفاوضة للمعارضة بالمشاركة في التفاوض ومحادثات السلام مع فارك. مع ذلك خلال محاولات الحشد السابقة لتأييد الاتفاق تم التصريح بأنه يجب إلزام قادة فارك، الذين أدينوا بجرائم ضد الإنسانية، بتسليم أنفسهم ودخول السجن، مع منعهم من ممارسة الحياة السياسية، وشغل أي منصب بالانتخاب.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه البلاد من قادتها السياسيين أن يكونوا على قدر ما يتطلبه الوضع الخطير الراهن، خرجت أعداد من الشعب، خاصة من الشباب من جامعات مختلفة في البلاد، إلى الشوارع في مظاهرات مطالبة باحترام ما تم الاتفاق عليه في كوبا. كذلك طلبوا من الحكومة الجديدة عدم قيادة البلاد في طريق يؤدي إلى المزيد من العنف.
@ إخفاقات استطلاع الرأي
كان نجاح حملة الرفض مفاجئًا لجهات استطلاع الرأي في البلاد التي توقعت أن تكون نتيجة الاستفتاء هي نعم وبأغلبية ساحقة، توقع آخر استطلاع للرأي، كان قد نُشر قبل أيام من الاستفتاء، أن تكون نتيجة الاستفتاء نعم بنسبة 66 في المائة في مقابل لا بنسبة 34 في المائة. وكانت هناك الكثير من التعليقات على امتناع نسبة كبيرة من المواطنين عن التصويت في الانتخابات. ووصف الخبراء هذه النسبة بالتاريخية. طبقًا لآخر إحصاءات، امتنع 62 في المائة من المواطنين عن التصويت؛ وهو ما يعني أنه من بين 35 مليون كولومبي ممن لهم حق التصويت، اختار أكثر من 13 مليون شخص الامتناع عن التصويت.
وكان لنتيجة الاستفتاء أثر اقتصادي أيضًا؛ فقد انخفض سعر صرف البيزو الكولومبي في مقابل الدولار الأميركي، ويخشى أصحاب المشروعات من حدوث أزمة تؤثر على الاستهلاك المحلي والاستثمار الأجنبي، اللذين كانا من المتوقع ارتفاعهما بشكل غير مسبوق مع توقيع اتفاق السلام. ويأتي كل ذلك في وقت لم يحدد فيه القادة السياسيون الخطوة التالية للبلاد التي تحول أملها إلى شعور بعدم اليقين.

جهود دبلوماسية
ولإنقاذ الموقف أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالا هاتفيا بالرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس مكررا له دعم الولايات المتحدة لعملية السلام التي بدأت قبل أربعة أعوام. وأبلغ كيري الرئيس الكولومبي أن أرونسون في طريقه إلى كوبا، حيث سيلتقي المفاوضون الكولومبيون نظراءهم في القوات المسلحة الثورية في كولومبيا «فارك». وقال المتحدث باسم الخارجية جون كيربي بأن «وزير الخارجية أكد دعمه لدعوة الرئيس سانتوس إلى الوحدة وإلى بذل جهود في إطار حوار جامع يشكل مرحلة مقبلة للتوصل إلى سلام عادل ودائم بين أطراف الصراع، وجاءت زيارة المبعوث الأميركي كرد فعل للتصويت على الاستفتاء والتي كانت صادمة وغير متوقعة وتسببت هذه النتيجة المفاجئة للاستفتاء بوقف عملية السلام.
لكن كيربي كرر موقف واشنطن التي تدعم العملية وتنظر بعين الرضى إلى تصريحات السيناتور البارو أوريبي (الرئيس الأسبق لكولومبيا وقائد حملة لا) وزعيم فارك رودريغو لوندونو الذي كرر التزامه بالسلام والانفتاح على الحوار. في هذه الأثناء عاد كبير مفاوضي الحكومة الكولومبية أومبرتو دو لا كال إلى كوبا لاستطلاع مدى استعداد المتمردين لإعادة النظر في الاتفاق الذي وقع سابقا.
من ناحية أخرى قال مساعدون في الكونغرس بأن رفض كولومبيا اتفاق السلام لن ينهي خططا أميركية لإرسال مساعدات العام المقبل على الرغم من أنه قد يدفع المشرعين إلى تخفيض المساعدات المتوقعة التي تبلغ 450 مليون دولار. وفي حين أن خطط الإنفاق للسنة المالية 2017 لن تكون نهائية حتى نهاية هذا العام كان من المتوقع أن يوافق مجلس الشيوخ ومجلس النواب على 400 مليون دولار كمساعدة تنموية ونحو 50 مليون دولار للمساعدة في مكافحة المخدرات في كولومبيا للسنة التي تنتهي في 30 سبتمبر 2017.
وكان ينظر إلى هذه الأموال على أنها دعم لعملية السلام الكولومبية وتعزيز للبلاد التي ينظر إليها الديمقراطيون والجمهوريون على السواء كحليف رئيسي للولايات المتحدة في أميركا اللاتينية. وقال المساعدون بأن الدعم الأميركي من المتوقع أن يظل قويا لكولومبيا على الرغم من أن الكونغرس قد يخفض المساعدات إذا تعثرت جهود أحياء عملية السلام.

توتر إقليمي من جديد
ليس مستغربا رد الفعل الفنزويلي وهي البلد التي دائما كانت طرفا من أطراف النزاع المسلح الكولومبي، فقد قال الرئيس الفنزويلي بأن أوامر تحريك الجيش على الحدود مع كولومبيا هو إجراء احترازي وذلك للسيطرة على الوضع في حال اندلعت المواجهات من جديد بين الجيش الكولومبي والمتمردين وطالب مادورو نظيره الكولومبي بوقف إطلاق النار بشكل دائم دون تحديد إطار زمني. وقال مادورو في مناسبة عسكرية أقيمت في البلاد بأنه أمر الجنرال فلاديمير بادرينو لوبيز قائد العمليات الاستراتيجية بتأمين الحدود وذلك لأن رفض الشعب الكولومبي لاستفتاء السلام يعني سماع طلقات الرصاص من جديد وهو ما يدفع فنزويلا لتأمين حدودها وأمنها في حال اندلع الصراع من جديد.
ولعبت فنزويلا دورا هاما في محادثات هافانا وذلك لصلاتها القريبة مع الحركات اليسارية المتمردة وذلك لأن غالبية زعماء القيادات اليسارية الكولومبية دائما ما كانت تجد لها في فنزويلا موطئ قدم. وحسب محللين سياسيين لعبت فنزيلا دورا هاما في احتضان القيادات البارزة بل ودعمت اليسار في كولومبيا بشكل واسع، إلا أن التغيرات الإقليمية الجديدة وصعود اليمين في العالم وأميركا الجنوبية وانحسار اليسار بالإضافة لانهيار أسعار النفط والذي كانت تستخدمه فنزويلا لدعم حلفائها أثر بشكل كبير على الدعم الفنزويلي.

حملة رفض للمحادثات مع المتمردين
على مدار أكثر من أربع ساعات، التقى سانتوس بشكل منفرد مع الرئيسين السابقين أندريس باسترانا وألبارو أوريبي لبحث اعتراضهما على اتفاق السلام الذي وقعه سانتوس مع زعيم جماعة القوات المسلحة الثورية «فارك» رودريغو لوندونو في 26 سبتمبر.
ويرغب معارضو الاتفاق في إعادة التفاوض بشأن بنوده، معتبرين أنه يقدم تنازلات كبيرة للمتمردين. إلا أن وزيرة الخارجية الكولومبية ماريا أنجيلا هولغوين قالت: إن قرار إعادة التفاوض حول اتفاق السلام يقع على عاتق فارك وليس الحكومة. وأضافت هولغوين أن فارك قالت قبل الاستفتاء الذي أجري يوم الأحد إنها لن تعيد التفاوض حول الاتفاق الذي تم توقيعه بعد محادثات استغرقت أربعة أعوام.
من جهته قال الرئيس السابق وزعيم المعارضة ألبارو أوريبي أن سلاما لجميع الكولومبيين أفضل من اتفاق ضعيف لنصف المواطنين. ويرى باحثون سياسيون أن الوضع الحالي بات معقدا وذلك لأن الشروط الجديدة للتفاوض قد تشمل نقاطا لا توافق عليها حركة فارك وهو ما يدفع إلى نسف عملية السلام كليا وبالتالي تعود البلاد إلى حالة الحرب مرة أخرى ولكن هذه المرة بشكل أشرس.
ومن ضمن الشروط الجديدة للتفاوض: تطبيق عقوبة السجن لمن ارتكب الجرائم من المتمردين، ليس من حق كافة المتمردين الانخراط في السياسة مما يغلق الباب أمام قطاع واسع من المتمردين الدخول إلى عالم السياسة، كما يطالب الرافضون بأن تسلم حركة «فارك» الأراضي التي استولت عليها عنوة، أيضا حساب قانوني لكل من ارتكب جرائم مرتبطة بتجارة المخدرات، وأخيرا عدم الاستيلاء على الأراضي الخاصة الزراعية في الوقت الحالي وإقامة مناطق زراعية جديدة.
ويرى محللون سياسيون أن العملية السياسية الآن تعقدت بشكل كبير وذلك لأن المصالح الآن اختلطت مع السياسة بمعنى أن فكرة البحث عن السلام أصبحت تدور في مدار أصحاب المصالح، حيث إن الحكومة تريد اتفاق السلام التاريخي وذلك من أجل استغلال الأراضي الشاسعة التي تتمتع بها كولومبيا حيث إن البلاد غنية بالثروات الطبيعية وهو ما يفتح شهية المستثمرين الصينيين للعمل والبحث عن موارد قد تشبع نهمهم كما أن كولومبيا تعوم على بحر من الثروات المعدنية الهائلة وفي حال توقف الصراع ستستطيع شركات التنقيب العمل واستغلال أماكن النزاع والتي لم تستطع الوصول إليها سابقا ومن الجهة الأخرى هناك أصحاب حملة الرفض وهم من يرغبون في الرفض لأنهم من أصحاب الأراضي ومن الجنرالات السابقين في الجيش حيث إن استمرار الصراع يعني عدم المساس بأراضيهم، كما هناك أطماع لزعيم حملة الرفض وهو الرئيس السابق ألبارو أوريبي والذي يريد العودة إلى حلبة السياسة مرة أخرى وبالتالي فهو فرض نفسه الآن كعنصر مفاوض وأصبح طرفا من أطراف الحل في النزاع وبالتالي سيكون له دور سياسي في المرحلة المقبلة وخاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتي ستعقد في العام 2018 وبالتالي فإن خروج أوريبي منتصرا يعني عودته مرة أخرى للمشهد السياسي وفرض واقع جديد.
وستدور المباحثات الحالية في هافانا من جديد بوجود أطراف جديدة وتمثيل من حملة الرفض والحكومة والمتمردين والكنيسة الكولومبية وعوائل ضحايا الحرب مما سيوسع نطاق التفاوض ويفتح الباب لمفاوضات دون جدول زمني ودون وجود ضمانات من المتمردين للموافقة على الشروط الجديدة. وفي بوغوتا احتشد الآلاف من مؤيدي السلام في مسيرة شموع وزهور سار خلالها المتظاهرون كيلومترات كثيرة حتى ساحة بوليفار حيث القصر الرئاسي وأطلقوا خلالها شعارات تدعو لوقف الحرب وعاد كبير مفاوضي الحكومة الكولومبية أومبرتو دو لا كالي إلى كوبا لاستطلاع مدى استعداد المتمردين لإعادة النظر في الاتفاق الذي وقع سابقا.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.