مهرجان «ما بقى إلا نوصل» آمال تحققت وأخرى أحبطت في 11 فيلمًا وثائقيًا

يسلط الضوء على معاناة النزوح والهجرة لدى اللاجئين السوريين

ملحوظة من التصحيح: برجاء مراجعة الاسم (هبا حيدر).. وبرجاء مراجعة اسم المهرجان (ما بقى إلا نوصل)، حيث يبدو أنه ترجمة ركيكة للمصطلح الإنجليزي، فهل المقصود (لم يبقَ إلا قليل لكي نصل)، كما ترجى ملاحظة هل المقصود (بقى) أم (بقي)
ملحوظة من التصحيح: برجاء مراجعة الاسم (هبا حيدر).. وبرجاء مراجعة اسم المهرجان (ما بقى إلا نوصل)، حيث يبدو أنه ترجمة ركيكة للمصطلح الإنجليزي، فهل المقصود (لم يبقَ إلا قليل لكي نصل)، كما ترجى ملاحظة هل المقصود (بقى) أم (بقي)
TT

مهرجان «ما بقى إلا نوصل» آمال تحققت وأخرى أحبطت في 11 فيلمًا وثائقيًا

ملحوظة من التصحيح: برجاء مراجعة الاسم (هبا حيدر).. وبرجاء مراجعة اسم المهرجان (ما بقى إلا نوصل)، حيث يبدو أنه ترجمة ركيكة للمصطلح الإنجليزي، فهل المقصود (لم يبقَ إلا قليل لكي نصل)، كما ترجى ملاحظة هل المقصود (بقى) أم (بقي)
ملحوظة من التصحيح: برجاء مراجعة الاسم (هبا حيدر).. وبرجاء مراجعة اسم المهرجان (ما بقى إلا نوصل)، حيث يبدو أنه ترجمة ركيكة للمصطلح الإنجليزي، فهل المقصود (لم يبقَ إلا قليل لكي نصل)، كما ترجى ملاحظة هل المقصود (بقى) أم (بقي)

اختتمت في بيروت، أمس، عروض مهرجان «ما بقى إلا نوصل» (Almost there)، للأفلام الوثائقية التي تتناول معاناة الحدود والهجرة واللجوء.
هذا المهرجان الذي أقيم تحت عنوان «من أجل الحياة من أجل المستقبل» عرض 11 فيلمًا، تنظّمه السفارة السويسرية في لبنان بالتعاون مع منظمة «هنريش بل» الألمانية «مكتب الشرق الأوسط».
وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية، من 3 حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) تسنّى لمحبّي الأفلام الوثائقية التي تلامس الحقيقة عن قرب، مشاهدة أعمال سينمائية تحكي قصصًا مختلفة عن النزوح والهجرة لأشخاص هربوا من واقع ميؤوس منه في بلادهم، إلى آخر لوّنوه حسب أحلامهم بالتفاؤل والأمل، إلا أنه حمل في طيّاته معاناة من نوع آخر، بعد أن علق بعضهم في منتصف الطريق، فيما عانى البعض الآخر من حالات إحباط، بسبب وصوله إلى أرض جديدة لا تشبه أيًا من أحلامه الزهرية.
ويحتلّ اللاجئون السوريون مساحة لا يُستهان بها من تلك الأفلام، التي تروي معاناتهم مع مشكلة النزوح من بلادهم، فتحدّثنا عن تفاصيل رحلاتهم المحفوفة بالأخطار؛ «الآن نهاية الموسم» و«ثمانية حدود وثمانية أيام» و«يمان»، التي تأرجحت ما بين الموت والحياة تارة والحلم والحقيقة تارة أخرى. وكما قصص اللاجئين السوريين يعرّفنا المهرجان أيضًا إلى قصص نازحين آخرين من أفريقيا مثلاً، كالعالقين في مخيّم كاكوما في كينيا (المدينة الخفيّة)، أو في مدينة اتيغيا كوراء الإيطالية، وصولاً إلى الإيرانيين العالقين في اليونان، الذين يعيشون في الخفاء «الانتظار المحلّي». أما في فيلم «الملجأ» فنتعرّف كيف ترسم الحدود بين المشردين في أمسيات الشتاء في مدينة لوزان السويسرية، حيث تمّ توزيعهم على ملجأ للطوارئ يسمح لبعضهم بتمضية ليلة فيه فيما يبقى قسم منهم خارجه.
وتشير هبا حيدر المسؤولة عن قسم العلاقات العامة في منظمة «هنريش بل» الألمانية، والمشاركة في تنظيم مهرجان «ما بقى إلا نوصل»، إلى أن التحضيرات لهذا الحدث استغرقت نحو الستة أشهر، لا سيما أن الحصول على بعض تلك الأفلام تطلّب إجراءات خاصة كونها موجودة خارج لبنان. وعن سبب اختيار الجهة المنظمة لبنان لإطلاق هذا المهرجان أوضحت لـ«الشرق الأوسط»: «إن لبنان يأتي في مقدّمة البلدان الحاضنة للاجئين لسوريين، وإذا ما ألقينا نظرة دقيقة على هذا الموضوع لوجدنا أن عدد النازحين السوريين الموجودين على أرضه، يفوق مجموع اللاجئين الموجودين في دول أوروبا أجمعين».
ويعدّ باسم بريش المخرج اللبناني الوحيد المشارك في هذا المهرجان من خلال فيلم «سايبة» (free range)، الذي يحكي قصة خفيفة الظلّ مبنية على أحداث واقعية تتمحور حول بقرة عبرت الحدود من إسرائيل إلى لبنان، فالتقت بها الفتاة «ملكة» ذات الستة عشر ربيعًا، لتبدأ معها قصّة إنسانية منسوجة بخيوط متداخلة بين الشرق والغرب، حول الحدود والسلطة بين البشر والديانات وتدخلات الأمم المتحدة حتى في قضايا الحيوانات.
أما المخرج السوري عامر البرزاوي فقدّم لنا وفي إطار سوريالي فيلم «يمان»، الذي يحكي قصّة طفل سوري يعاني من الحرب الدائرة على أرض بلده، فيخترع آلة تستطيع تحويل محارم الورق إلى محارم خارقة (بساط الريح)، مما يساعده على مقاومة معاناته والصراع من أجل العيش والبقاء.
وفي فيلم «بلدنا الرهيب» للمخرجين محمد علي الأتاسي وزياد حمصي، قصّة رحلة الكاتب السوري المعارض ياسين الحاج صالح الذي خاض رحلة محفوفة بالمخاطر مع مصوّر الفيلم (زياد حمصي)، التي بدأت في مدينة دوما في منطقة الغوطة الشرقية المحررة مرورًا بالقلمون والطرق الصحراوية الوعرة، ووصولاً إلى مدينة الرقّة شمال سوريا. ولينتهي بهم المطاف إلى المنفى المؤقت على الأراضي التركية.
وعرض في المهرجان أيضًا فيلم «الآن نهاية الموسم»، وهو أول فيلم قصير لمخرجه أيمن نحلة، ويحكي عن إحدى المحطّات (أزمير في تركيا) التي يمرّ بها اللاجئون السوريون أثناء نزوحهم من بلادهم، لسلوك المعابر البحرية في طريقهم إلى أوروبا، وعن المآسي والمعاناة التي يعيشونها في هذا النوع من الرحلات بعد فترة انتظار طويلة يمضونها في تركيا.
ومن الأفلام الأخرى المشاركة في مهرجان «ما بقى إلا نوصل» في نسخته الأولى، «الأرض الجديدة» لآنا ثومين و«أبي الثورة وأنا» للتركي افق اميراوغلو، و«هوم» لرأفت الزاقوت.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».