انتعاشة في سوق التحف القديمة بالقاهرة التاريخية

مع توافد السياح العرب والأجانب والاستقرار الأمني والاقتصادي

TT

انتعاشة في سوق التحف القديمة بالقاهرة التاريخية

لا تخطو قدماك بضعة أمتار في شوارع وحواري القاهرة التاريخية، إلا ويلفت نظرك كمية التحف والأنتيكات والهدايا التي تلمع فوق أرفف المحلات، تحمل في ملامحها عبق الحضارة المصرية العريقة، بكل روافدها الفرعونية والقبطية والإسلامية، وفي الوقت نفسه تشير إلى فن حي قادر على أن يجدد نفسه حتى هذه الأيام، سواء في أشكال بشر وحيوانات وطيور ونباتات، أو كرمز على وقائع وأحداث لعبت دورا مفصليا في مسيرة هذه الحضارة.
واليوم وبعد مرور أكثر من سبعة آلاف عام على تلك الحضارة أصبح لهذا الفن «حرفيوه» و«صانعوه» الذين تمركزوا في واحدة من أهم المناطق الأثرية في العالم وتعتبر بمثابة متحف مفتوح للفن والتاريخ المصري القديم والحديث، إنه شارع المعز في منطقة الأزهر بالقاهرة الفاطمية، حيث كل شيء بمثابة شاهد على أثر، بدءا من الجدران والمساجد والمتاحف المفتوحة والأروقة الضيقة وانتهاء بالدكاكين التي اصطفت على جانبي ممرات ضيقة، ما زالت تحمل في طياتها روائح ذلك التاريخ.
داخل إحدى هذه الدكاكين الضيقة، عكف محمود حسن (34) عاما على تلميع قطعة فنية عبارة عن مجسم لمسلة فرعونية، بينما تتصاعد من الدكان رائحة البخور والمسك التي تأخذك إلى أجواء التاريخ الإسلامي.
يقول إبراهيم: «ورثت هذا الدكان وهذه المهنة عن أجدادي الذين عملوا فيها طيلة العقود الماضية من خلال ورش لتصنيع التحف الفرعونية بخامات أصلية توجد في مناطق الغورية والحسين المتاخمة لنا. نصنع من خلالها الصدف والجلود والطبول والكراسي والتماثيل والمسلات وغيرها من التحف الفرعونية الأصلية، كذلك رسم الأشكال والرموز الفرعونية على التحف، وهو سر مهنة لا يعلمه إلا القليل جدا ممن تعلموا الفن وأجادوه وعددهم يعد على أصابع اليد الواحدة».
يتابع محمود، وهو يرص عددا من التماثيل فوق الرف: «صناعة التحف الفرعونية الأصلية تكون غالبا من خشب العاج أو البورسلين، وهو ما يعطيها رونقا خاصا وتدوم أطول، بعكس التحف الصينية المقلدة والتي تكون غالبا مصنعة من البلاستيك وسرعان ما تنكسر، وهذا يظهر في السعر أيضا حيث أبيع التحفة بعشرة أمثال سعرها المقلد، والزبائن تستطيع التمييز جيدا وتقبل أكثر على شراء الأصلي ولو كان أغلي نسبيا».
وازدهرت صناعة التحف الفرعونية المعروفة ولاقت رواجا في العصر الفاطمي، حيث ازدهرت صناعة خزف القيشاني أو «الفيانس»، الذي كان يحمل رسوما وزخارف رائعة بأشكال البشر والطيور والحيوانات والنباتات؛ إلى جانب الأشكال الهندسية والخطوط الكوفية الفنية المتقنة، ومشاهد الرقص والموسيقى والصيد، كما كانت تصور على التحف بعض الأنشطة الاجتماعية اليومية التي عرفها المصري القديم؛ مثل التحطيب ومصارعة الديكة، وكانت تصنع في مصر الكؤوس والقدور والأواني الطينية والأطباق وغيرها من المنتجات الفخارية، ثم تطلى بألوان تتغير لدى سطوع الضوء عليها، ولقيت هذه الحرفة اهتماما خاصا في عهد الأيوبيين وعرف القيشاني الأيوبي بـ«البورسلين».
وحول كيفية صناعة بعض التحف الفرعونية القديمة، يقول محمود: لا أحد يستطيع أن يفشي طرق تصنيع التحف بشكل دقيق، حيث تعتبر بمثابة أسرار مهنة لا يعلمها الكثيرون ولا تخرج التحفة خارج الورش التي تصنع بها قبل أن تكون قد صنعت بالكامل ولكن في المجمل هناك خطوات بسيطة أقوم بها في تصنيع أي تحفة، حيث أقوم في البداية بقياس حجم التحفة أو التمثال المراد تصنيعه ثم أقوم بتقطيع المادة المصنع منها التمثال بنفس قياس التمثال، ويلي تلك المرحلة مرحلة «نحت» التمثال والأشكال المراد نحتها عليه، وهي مرحلة في غاية الدقة وتأتي في النهاية مرحلة طلاء التمثال، وكل ذلك يجري في ورش خاصة. لافتا إلى أن هناك الكثير من الخامات التي تصنع منها التماثيل وتختلف كل خامة من حيث السعر والمتانة والقيمة أيضا فهناك المصلب والخشب والبورسلين وحجر السيبداج، وهناك البلاستيك أيضا، ولكن لا نصنعه حيث يعتبر من التحف المقلدة التي لا أتاجر بها».
ومع قدوم فصل الصيف واستقرار الأوضاع الأمنية إلى حد معقول يشهد شارع المعز ومنطقة الأزهر والحسين والغورية وغيرها من المناطق الأثرية التي تعبر عن القاهرة القديمة حالة من الرواج والنشاط، تنعكس على حركة البيع والشراء بشكل لافت، لم تشهده السوق العريقة منذ قيام الثورة المصرية في الـ25 من يناير (كانون الثاني) 2011 فكما يقول محمود: «كنت أنا وتجار التحف الفرعونية نضطر أن نبيع التحفة بأقل من نصف الثمن خلال الثلاثة أعوام الماضية التي أعقبت الثورة المصرية، لك بسبب الكساد الذي ضرب قطاع السياحة وأثر علينا بشكل كبير ولكن سرعان ما انزاحت الغمة وذلك منذ مطلع شهر مارس (آذار) الماضي حيث انتعشت السياحة من جديد وبدأ السياح العرب والأجانب في التوافد على السوق من جديد ويؤكد: «الآن أبيع التحفة بالسعر المناسب لها وهناك رواج واضح خاصة من السياح العرب نتمنى أن يدوم طويلا حتى تدور عجلة الإنتاج وينتعش الاقتصاد المصري من جديد».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».