الألكسو تطلق من تونس مرصد التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية

لجرد مكونات التراث المادي والتعريف بها

باب البحر في تونس
باب البحر في تونس
TT

الألكسو تطلق من تونس مرصد التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية

باب البحر في تونس
باب البحر في تونس

أطلقت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) من مقرها في تونس مرصد التراث المعماري والعمراني في البلدان العربية، تنفيذا لما أقره مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الدول العربية في دورته الثامنة عشرة في المنامة سنة 2012.
ويعد هذا المشروع من المشروعات الكبرى التي تنفذها إدارة الثّقافة وبرنامج حماية التراث بالمنظّمة بهدف المحافظة على التراث المعماري والعمراني في الدّول العربيّة وحمايته من الاندثار وإحيائه وتثمينه ليكون محور التنمية الحضرية المستدامة في المنطقة العربية في آفاق سنة 2030.
وحضر مراسم إطلاق هذا المرصد عبد الله محارب المدير العام لمنظمة «الألكسو» ومحمد زين العابدين الوزير التونسي للثقافة والمحافظة على التراث ومجموعة من الدبلوماسيين العرب والأجانب.
وقال محارب إن هذا المشروع «يعد آلية لتنفيذ ميثاق المحافظة على التراث المعماري والعمراني في الوطن العربي وقاعدة إلكترونية تستطيع الألكسو من خلالها تقديم المساعدة الفنية للدول العربية من خلال حشد المهارات الأكاديمية والمهنية في مجالات التوثيق والإعلام والتكوين والمراقبة والتقييم لإعادة أعمار المدن العربية وإنقاذ معالمها ومواقعها الأثرية والتاريخية في فترة ما بعد النزاعات».
وأضاف أن المرصد «سيعمل على التنسيق والتعاون مع المؤسسات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية المختصة في هذا المجال لتسهيل تبادل المعلومات حول ما يتعلق بمحور التراث إضافة إلى الإسهام في وضع السياسات اللازمة لما لها من أهمية في الحفاظ على ذاكرة المدن العربية والترويج لها باعتبارها وجهة للسياحة الثقافية».
وشهد هذا الملتقى عرضا لعدد من تجارب الدول العربية في مجال التهيئة العمرانية وإعادة إحياء المدن التاريخية وتقديم دراسات لبعض الخبراء الدوليين كما ستوقّع الألكسو على هامش الاجتماع اتفاقيتي تعاون مع كل من المجلس الدولي للآثار والمواقع (ايكوموس) والمعهد الألماني للآثار لتنفيذ بعض من أنشطة المرصد.
كما تم بالمناسبة التباحث في الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات العلاقة بالتراث المعماري والعمراني ودور الدول العربية والألكسو واليونيسكو والإيسيسكو في دعم وتطوير عمل المرصد كما نظمت زيارة ميدانية إلى مدينة تونس التاريخية تحت إشراف جمعية صيانة المدينة (العاصمة التونسية).
ويتزامن إطلاق المشروع مع اجتماع يستمر لمدة يومين في مقر الألكسو لضباط الاتصال العرب في المرصد إضافة إلى ممثلي المنظمات الدولية العاملة في مجال التراث الثقافي والمعماري والحضري وعدد من الخبراء العرب والأجانب العاملين في هذا المجال.
وفي هذا الشأن، أكد محمد زين العابدين الوزير التونسي للثقافة والمحافظة على التراث على أهمّية الدّور الذّي سيلعبه هذا المرصد في المحافظة على التراث وتثمينه في تونس وفي البلدان العربية وقال إنه سيعمل على جرد مكونات التراث المادي وغير المادي في البلدان العربية ويسعى إلى التعريف به.
وشخص مجموعة النّقائص التي تشوب العمل في مجال التراث والعناية به في تونس، فأشار إلى كثرة المواقع والمعالم الأثرية التي يفوق عددها 40 ألف معلم وموقع أثري وتنوعها في تونس، مما يطرح صعوبات كثيرة على مستوى صيانتها وحمايتها من الاندثار ومن عمليات النهب المنظمة. وأكد على أن هذا الواقع الصعب ينطبق على عدد كبير من الدول العربية خاصة منها التي تمر بأزمات سياسية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».