«صواريخ غراد»: سلاح «تقليدي» قد يبدّل واقع معركة حلب ولا يقلب موازينها

المعارضة تحصل على دفعة جديدة.. وتؤكد أن الأهم إسقاط الفيتو الأميركي على «النوعي»

سكان حي الميسر في القسم الشرقي من مدينة حلب أمس يتطلعون بتخوف إلى مسار طيران الأسد الذي استهدف حيهم أكثر من مرة في الأيام الأخيرة (رويترز)
سكان حي الميسر في القسم الشرقي من مدينة حلب أمس يتطلعون بتخوف إلى مسار طيران الأسد الذي استهدف حيهم أكثر من مرة في الأيام الأخيرة (رويترز)
TT

«صواريخ غراد»: سلاح «تقليدي» قد يبدّل واقع معركة حلب ولا يقلب موازينها

سكان حي الميسر في القسم الشرقي من مدينة حلب أمس يتطلعون بتخوف إلى مسار طيران الأسد الذي استهدف حيهم أكثر من مرة في الأيام الأخيرة (رويترز)
سكان حي الميسر في القسم الشرقي من مدينة حلب أمس يتطلعون بتخوف إلى مسار طيران الأسد الذي استهدف حيهم أكثر من مرة في الأيام الأخيرة (رويترز)

لا تنفي المعارضة السورية حصولها على أسلحة جديدة من نوع «صواريخ غراد» لكنها في الوقت عينه تصفها بـ«التقليدية» التي لا تغيّر في موازين القوى في معركة شرسة كمعركة حلب، مؤكدة أن المطلوب اليوم هو الأسلحة النوعية المضادة للدروع والطائرات، التي لا تزال تحظى بـ«فيتو أميركي» لمنع أي دولة من دعم الفصائل بها. وعدم تعويل المعارضة على هذا النوع من الأسلحة، لا يعني عدم جدواها عسكريا، حسب ما يؤكد خبراء؛ إذ يرى بعضهم أنّه في ظل شحّ الدعم العسكري النوعي الذي يصل للفصائل، قد تلعب صواريخ غراد دور «الأسلحة النوعية» على أرض المعركة. وهو ما يشير إليه مدير «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية»، العميد المتقاعد هشام جابر، موضحا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «صواريخ غراد من الممكن أن يكون لها دور كبير في المعركة إنما لا يعني أنها تستطيع توقيف الغارات أو تساعد في تغيير عسكري دراماتيكي في ظل كثافة الطيران الذي يدمّر حلب»، مضيفا: «لا شيء يمكن أن يعيد عقارب معركة حلب إلى الوراء، لكن يمكن استخدام هذه الأسلحة لاستهداف مراكز تابعة للنظام في حلب الغربية أو في المعارك على طريق الكاستيلو نظرا إلى إمكانية وصوله إلى مسافات بعيدة».
وقال العقيد، فارس البيوش، القيادي في جيش إدلب الحر وقائد الفرقة الشمالية في إدلب، السابق، لوكالة «رويترز» إن دولا أجنبية زودت مقاتلي المعارضة كميات ممتازة من راجمات غراد سطح سطح من طراز لم يحصلوا عليه من قبل ردا على هجوم حلب، مشيرا إلى أن مداها يصل إلى 22 و40 كيلومترا، وأنها سوف تستخدم في جبهات القتال بحلب وحماه والمنطقة الساحلية.
ولفت إلى أن كل دفعة من الراجمات تحتوي على 40 راجمة، مؤكدا أن مقاتلي المعارضة لديهم مخزونات سابقة من الراجمات استولوا عليها من مخازن قوات النظام، مشيرا إلى أنه لا يوجد أي مؤشر على أن مقاتلي المعارضة سيحصلون على أسلحة مضادة للطائرات كما طلبوا.
من جهته، شدد العميد أسعد الزعبي، رئيس الوفد المفاوض في الهيئة العليا للمفاوضات، على أن فصائل المعارضة لم تتلق أي أسلحة نوعية جديدة من دول داعمة للقضية السورية، مشيرًا إلى أن النظام السوري هو من يروج هذا الأمر في هذا التوقيت، للتغطية على الأسلحة الروسية المتطورة التي وصلت للنظام مثل المدافع ذاتية الحركة و«راجمات بي إم 27» المتطورة جدًا، وطائرات الاستطلاع الإيرانية «مهاجر».
وأضاف الزعبي، لـ«الشرق الأوسط»، أن ما روج له النظام بأن المعارضة تلقت أسلحة نوعية، غير صحيح، وتأتي ردًا على الحديث الأميركي الذي يشير إلى احتمال امتلاك المعارضة وسائل دفاع جوي.
وكانت «رويترز» نقلت عن قيادي بالمعارضة السورية، أمس (الأربعاء)، أن دولاً أجنبية زودت مقاتلي المعارضة براجمات غراد من طراز لم يحصلوا عليه من قبل، ردًا على هجوم كبير تدعمه روسيا في مدينة حلب.
وأضاف العميد أسعد الزعبي: «ما يتحدثون عنه هي صواريخ غراد قديمة وموجودة منذ خمس سنوات، والمعلومات الأكيدة أن المعارضة استحوذت عليها من مستودعات النظام السوري، وبالتالي فإن المعلومات غير صحيحة».
من جهته، يؤكد أسامة أبو زيد المستشار القانوني لـ«الجيش الحر» لم يتوقف إمدادنا بالأسلحة التقليدية من بينها غراد، التي ندرك كما يدرك الجميع أنها لن تغير في موازين القوى على الأرض، في وقت تأكّد لنا أن هناك فيتو من قبل أميركا لمنع أي دولة من أصدقائنا بدعمنا بالأسلحة النوعية، على غرار التاو المضاد للدروع والطائرات وغيرها، من دون أن ينفي أن المعارضة كانت قد حصلت على الأسلحة الثقيلة في وقت سابق إنما في الفترة الأخيرة بات نادرا.
واعتبر أبو زيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المعلومات التي تشير إلى أن أميركا تدعمنا بالسلاح النوعي لا تعدو كونها محاولات من الأخيرة لإبعاد الضغوط التي تتعرض لها بسبب وقوفها متفرجة على ما تقوم به روسيا ضد الشعب السوري، وهي تشبه التصريحات المؤيدة للثورة، التي تفتقد في المقابل إلى خطوات عملية، مشددا: «المطلوب اليوم إسقاط الفيتو على الأسلحة النوعية».
وأكّد أن راجمات غراد التي تمتلكها المعارضة وكانت تستخدمها في معاركها، وهو ما تثبته مقاطع الفيديو المنشورة، لا تشكّل فارقا نوعيا في الهجمة الشرسة التي تشنها روسيا على حلب، موضحا: «هذا النوع من الأسلحة في حال افتقدت له المعارضة، تستطيع التعويض عنه بأسلحة محلية الصنع متوازية من حيث الفعالية، كما أنها تحصل عليه من الغنائم التي تسيطر عليها من مراكز قوات النظام».
في المقابل، يعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي، عبد الناصر العايد، أنّ صواريخ غراد من شأنها أن تؤثر إيجابا على معركة حلب بالنسبة إلى المعارضة، مشيرا في الوقت عينه إلى أنها كانت موجودة لدى الفصائل وكان بعضها حصل عليها باعتبارها غنائم من مراكز تابعة لقوات النظام، كتلك التي اغتنموها من كلية المدفعية في حلب حين سيطروا عليها. وأوضح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صواريخ غراد لها فعالية بالغة الأهمية في العمليات العسكرية على اعتبار أنها تعتبر الأبعد مدى من بين الأسلحة التي تملكها المعارضة أو المسموح أن تحصل عليها، التي لا تصل إلى أكثر من مسافة 20 كلم. ويوضح: «هي ليست فعالة ضدّ الدروع والطائرات إنما بإمكانها عرقلة عملها، واصفا إياها بأنها شكل من أشكال المدفعية الصاروخية التي تنقل متفجرات ما بين 2 إلى 5 كيلو غرامات»، ويلفت إلى أن المعارضة كانت قد استخدمتها في عمليات في مناطق عدة، منها اللاذقية والقرداحة وريف دمشق وحماه وغيرها.
كذلك، من جهته، يقول القيادي في تجمّع «فاستقم كما أمرت»، ورد الفراتي، إن «صواريخ غراد ليست جديدة على الثوار، إذ سبق لجيش الحر أن استخدمها وقصف بها قاعدة حميميم الروسية، إما من الساحل أو من سهل الغاب»، مؤكدًا: «الصواريخ التي بيد بعض الفصائل كانت تحصل عليها بوصفها غنائم من جيش النظام، لكن إذا بدأنا الآن تسلّم هذه الصواريخ بكميات كبيرة من الدول الداعمة للثورة، فهي بالتأكيد ستحدث تغييرًا لافتًا في المعركة».
ويطلق على صواريخ غراد اسم «بي إم 21»، وهي منظومة صاروخية قادرة على إطلاق مجموعة من الصواريخ في الوقت عينه على شكل وابل ناري، ولذلك فإن هذا النوع من المنظومات يعرف أيضا باسم راجمات الصواريخ، وهو ما يشير إليه الفراتي، بأن صاروخ غراد يمكن أن يطلق بشكل فردي، أو عبر قاعدة من خلال راجمات. مضيفا: «إذا أطلقت راجمة غراد، بعدد 15 صاروخا وما فوق، فإن قوتها التدميرية تصبح كبيرة، وبإمكانها أن تسكت جبهة العدو ومصادر النيران التي تطلق علينا».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.